زوج ملتزم لكنه ضراب .. نظرة إرشادية لزوجة غريبة

0 431

السؤال

السلام عليكم

زوجي عصبي وانفعالي ويصرخ لأتفه الأسباب رغم أنه متدين ويصلي ولا يترك فرضا، وفي أول سنة من زواجنا كنا بعيدين عن أهله فكانت الأمور مستقرة، ولكن في السنة الثانية عندما انتقلنا للسكن عند أهله في شقة مفصولة عنهم بدأ زوجي بالتغير وأصبح قاسي الطباع، وصار يتطاول علي باللسان واليد، لدرجة أنه كسر لي ثلاثة أضلاع في مرة من المرات.

ورغم أنه يعرف أن سكننا عند أهله أثر على علاقته معي، إلا أنه يكابر ولا يقبل أن يعترف بذلك أمامي، وأهله ليس كبقية الأهالي، فهم عديمو المشاعر ولا توجد بينهم محبة وألفة، وأحاول إرضاءهم دون جدوى، والآثار تنعكس علي بالمقابل، وقد حاولت استخدام أكثر من وسيلة للتفاهم معه دون جدوى.

علما بأن لدي طفلتين، ولا أحب أن تكون هناك خلافات بيننا تؤثر عليهن، وأنا مغتربة ولست من بلد زوجي، وأهلي كلهم خارج البلد، وقد تعبت كثيرا وعانيت ولا أستطيع تحمل المزيد، وأريد أن أعيش حياة طبيعية ليست مشحونة، وأخاف أن يأتي يوم يتركني فيه زوجي، فإلى أين أذهب، وما هو مصير بناتي؟!

أرشدوني وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم شذى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح لك زوجك، وأن يثبتك على الحق، وأن يذهب عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يملأ قلب زوجك رحمة بك ومحبة لك ولأولادك، وأن يرزقك الصبر الجميل، وأن يعينكما على حياة طيبة مستقرة، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك، فإن تدين زوجك رغم ما فيه من العصبية وشدة الانفعال والصراخ لأتفه الأسباب يدل على أن فيه خير، وهذا الخير مشوب بشر، فالخير الذي عليه هو محافظته على حق الله تعالى إلا أنه في نفس الوقت يسيء معاملتك وعشرتك، ومع ذلك أقول لك: أبشري بفرج من الله قريب؛ لأن العبد الذي يصلي ويقف خمس مرات في اليوم والليلة بين يدي الله العلي الأعلى جل جلاله سبحانه من السهل تغييره، فالله جل وعلا جعل الصلاة نور، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (والصلاة نور)، وهذا النور سينعكس بإذن الله تعالى على قلبه عاجلا أو آجلا ليتبصر الحق.

كونه يذهب إلى المساجد ويسعى في طاعة الله تعالى، فإنه سيأتي يوم يسمع فيه كلاما حول حق المرأة على زوجها وحق الزوج على زوجته، والمسألة مسألة وقت؛ لأنه يتعرض إلى رحمات الله تبارك وتعالى مرات ومرات، ويستحيل أن يكون سيئا على طول الخط، وإنما يحتاج منك فقط إلى نوع من المساعدة، والتزام زوجك بالطاعة يجعله قريبا من رحمة الله تعالى، قال تعالى: (( إن رحمة الله قريب من المحسنين ))[الأعراف:56].

هذه المساعدة أهمها الدعاء، فعليك أن تلحي على الله تبارك وتعالى، وأن تكثري من الدعاء أن يذهب الله عنه هذه العصبية وهذا الانفعال لأتفه الأسباب والصراخ، وهذه أمور نكتسبها – مع الأسف الشديد – من البيئات التي نشأنا فيها، ولذلك تظل متأصلة فينا فترة من الزمن، بل قد يحيا الإنسان بها ويموت بها إذا لم يحاول تهذيبها وإصلاحها وتقويمها والانتباه لنفسه، ويظل كذلك رغم أنه قد يكون من صالح المؤمنين.

هذا الأمر يحتاج منك إلى دعاء حتى يغيره الله تعالى، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، فاجتهدي في الدعاء والإلحاح على الله.

أوصيك بالصبر الجميل، قال النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا)، فاصبري الصبر الجميل، وألحي على الله بالدعاء، واحتسبي الأجر عند الله تعالى، ولا تخافي على نفسك أو أولادك؛ لأن الله لن يضيعكم، فما دمت محافظة على طاعة الله ومستقيمة على منهج الله ومحافظة على شرع الله تعالى وبعيدة عما يغضب الله تعالى وتجتهدي في إرضاء زوجك وإسعاده، وصابرة عليه وتتحملين أذاه وتكثرين من الدعاء له، فثقي وتأكدي من أن الله لن يضيعك ولن يضيع أبناءك أبدا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الله لا يضيع أهله ولا يضيع أولياءه، وما دمت من الصالحات القانتات المحافظات على شرع الله، فتأكدي أن الله لن يتخلى عنك بإذنه تعالى، وسيصلح لك زوجك.

عليك أن تكوني مطيعة لله تعالى ومطيعة لزوجك، منفذة لأوامره على قدر استطاعتك، واجتهدي في إرضائه والتزين له والاستعداد لقدومه، وأن تكوني نظيفة في بيتك وفي نفسك، وأن تكوني طيبة الرائحة كالوردة، واهتمامك به وحرصك على ما يرضيه وعدم إيذائه سيغيره للأفضل، فهذا هو دورك واتركي النتائج بعد ذلك تعمل عملها بقدر الله تبارك وتعالى.

عليك بالحوار الهادئ والتفاهم معه، ولا تعجزي واستعيني بالله عز وجل، وقد قيل: (ويبقى الحب ما بقي الحوار)، فاجعلي باب الحوار مفتوحا دائما، واقبلي منه أي طرح وأي عرض.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يؤلف على خير قلوبكم، وأن يجمع بينكما دائما على خير، وأن يعينكما على تربية بناتكما تربية صالحة، وأن يرزقك بمزيد من الذرية الصالحة التي توطد العلاقة بينكما، إنه جواد كريم.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات