أختي لا تريد الزواج من ابن خالتها

0 530

السؤال

تمت خطبة وعقد قران أختي التي تصغرني على ابن خالتنا، وهو رجل محترم حسن الدين والخلق، ومتعلم ويعمل بوظيفة محترمة، كما أنه إنسان محبوب وخفيف الظل.

المشكلة أن أختي لا ترغب به إطلاقا، رغم محاولاتنا لإقناعها بأنه سيكون نعم الزوج، وأنها لن تندم على زواجها منه، لكنها مصرة على أنها لا تحبه ولا ترغب به، ووالدانا ليسا مقتنعين بكلامها، وما زالا مصرين على إتمام الزواج رغما عن أختي.

على الرغم من أن خطيب أختي زوج لا يعوض، لكن يحز في نفسي حزن أختي وعدم اقتناعها به، وأنا أعلم أن الزواج بالإكراه وعدم الاقتناع مقدر له الفشل، فماذا أفعل لأنقذ أختي الغالية؟ على الرغم من أن والدتي بشكل خاص مصرة على إتمام الزواج، وستغضب غضبا شديدا إذا لم يتم.

أرشدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم يوسف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك مرة أخرى في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يقدر لأختك قدر خير، وأن يشرح صدرها للذي هو خير، وأن يمن عليها بزوج صالح يكون عونا لها على طاعته ورضاه يحبها وتحبه ويرغب فيها وترغب فيه.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة– فإنه وكما لا يخفى عليك أن من شروط صحة العقد (الإيجاب والقبول)، فلابد من قبول كل واحد من الطرفين للطرف الآخر، وهذا ركن من أركان العقد، ومن حق أي امرأة مسلمة أن ترفض من يتقدم إليها إذا لم تكن راغبة فيه؛ لأن هذا من حقها حيث إن الزواج شركة طويلة المدى، فقد تستمر الحياة الزوجية لأربعين عاما أو خمسين عاما، فإذا كان الإنسان يحيى في هذه الحياة مع إنسان يحبه فإن الحياة تسكون عبارة عن ساعات؛ لأن أيام السعادة تمر سراعا.

أما إذا عاش الإنسان مع شخص لا يريده ولا يحبه فإن الزمن سيكون أثقل من الجبال الشم الراسيات، ومن هنا جعل الشرع من حق المرأة أن ترفض من يتقدم إليها إذا كانت لا ترغب فيه، خاصة إذا كانت تعرفه عن قرب وتعرف صفاته فإن هذا يكون أدعى؛ لأنه أحيانا قد تكون الفتاة لا تعرف الرجل ولكنها ترفضه لأسباب تافهة، أما الآن في حالتكم هذه فإن أختك قطعا تعرف ابن خالتها وتعرف تلك الصفات الطيبة التي أكرمه الله تبارك وتعالى بها وأنه رجل محترم وحسن الخلق والدين ومتعلم ويعمل...هذه الصفات رائعة، هذه الصفات تجعل كل فتاة تتمنى رجلا كهذا؛ ولذلك أنت تقولين بأنها ستندم عليه فعلا؛ لأنه رجل بالنسبة لغيره من الرجال يعتبر متميزا، ولكن كما لا يخفى عليك أن الأرواح جنود مجندة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).

فهذه المحبة والكره بيد الله تبارك وتعالى، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إن هذا قسمي فيما أملك وما تملك، فلا تلمني في تملك وما لا أملك)، أي يقصد الميل القلبي.. وقال صلوات ربي وسلامه عليه: (رزقت حب عائشة من السماء).

فهذه المحبة وهذه الراحة التي يكرم بها الإنسان هذه ضرورية لاستمرار الحياة، فإذا كانت أختك مصرة على الرفض بهذه الطريقة رغم محاولتكم لإقناعها فأرى ألا تدخليها في معركة خاسرة، وأرى أن تقبلوا كلامها، ولكن لا مانع أن تحاولوا معها مرة أخرى، فإن قبلت قبلت وإن لم تقبل فاعتذروا لابن خالها، ولا تقدموا على إتمام الزواج رغما عنها لأنه قد يكون زواجا فاشلا، وتولي أنت - بارك الله فيك – إقناع أختك في البداية، فحاولي معها مرة أخرى، وبيني لها صفات هذا الرجل ومثله لا يرد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فحاولي أن تبيني لها ذلك، فإن تزحزحت عن موقفها فهذه كرامة من الله تعالى.

وأيضا اجتهدي أنت ووالديك في الدعاء أن يشرح الله صدرها لقبول هذا الشاب؛ لأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء، فعليكم عباد الله بالدعاء)، فاجتهدي بارك الله فيك، في إقناعها واجتهدوا في الدعاء لها، فإن تغير موقفها فبها ونعمت، وإن لم يتغير فأرى ألا تكرهوها على هذا الأمر، وأن تقبلوا كلامها وأن تتركوا الأمر لله تبارك وتعالى لأنه ليس من نصيبها؛ لأنه لو كان من نصيبها ليسر الله ذلك وألقى محبته في قلبها أو حتى على الأقل إن لم تكن هناك محبة لا ترفضه، أما هي الآن لا تحبه وترفضه ولا ترغب فيه ومصرة على ذلك، فأرى ألا تدخلوها وتكرهوها على هذا الأمر وألا تدخلوا في تلك التجربة لأنها ستكون تجربة مريرة، واتركوها الآن وشأنها فلعله ليس من نصيبها وسيأتيها رزقها الذي قدره الله تبارك وتعالى لها؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل الزواج أرزاق كما أن الأموال أرزاق والأولاد أرزاق فجعل لكل فتاة رزقها من الرجال كما جعل لكل رجل رزقه من النساء، وما قدره الله تبارك وتعالى فهو كائن، فإذا كانت هي من نصيبه فسوف يتزوجها -بإذن الله تعالى- مهما طال الزمن، وإذا لم تكن من نصيبه فلا يمكن أن يصل إليها بحال، ولكن الظاهر الآن أنها ما دامت لا ترغب بهذه الشدة، ورغم محاولات الإقناع فلا تكرهوها على ذلك، ومع ذلك حاولوا مرة أخرى إقناعها واجتهدوا في الدعاء لها، واتركوا الأمر لله تعالى، عسى الله تبارك وتعالى أن يرزقها خيرا منه ويرزقه خيرا منها.
هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات