السؤال
هل صحيح أن الدعاء يتصارع مع القدر؟ وأي شيء مكتوب في لوح المحفوظ؟
وماذا أفعل مع عيون الحاسدين حولي؟
وجزاكم الله خيرا.
هل صحيح أن الدعاء يتصارع مع القدر؟ وأي شيء مكتوب في لوح المحفوظ؟
وماذا أفعل مع عيون الحاسدين حولي؟
وجزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك مرة أخرى في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يرزقنا الإيمان الصادق بقضاء الله وقدره، وأن يرزقنا الرضا بما قضاه وقدره سبحانه، وأن يقدر لنا الخير حيث ما كان، وأن يرزقنا الرضا به، وأن يصرف عنا وعنك حسد الحاسدين وحقد الحاقدين وكيد الكائدين.
بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- من أن الدعاء يتصارع مع القضاء؟ الجواب: نعم.. وهذا هو كلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال -صلوات ربي وسلامه عليه-: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال أيضا -صلوات ربي وسلامه عليه-: (لا يزال القضاء والدعاء يعتلجان ما بين الأرض والسماء).
ومعنى: (يعتلجان) أي: يتصارعان، فأيهما غلب أصاب، فهذا الذي ورد من هذه الأحاديث أن الدعاء الذي يرفعه العبد إلى الله -تبارك وتعالى- يلتقي مع القضاء الذي قدره الله ما بين السماء والأرض، ويحدث بينهما هذا اللقاء أو التصارع -كما ورد في سؤالك- فإذا كان دعاؤك أقوى رد الله -تبارك وتعالى- به قضاءه الذي قدره، واعلم -أخي الكريم- أن الدعاء من قضاء الله؛ لأن الله لو لم يشأ لك أن تدعو لن تستطيع أن تدعو، ولذلك القضاء من الله والدعاء أيضا من الله.
أما عن سؤالك: أي شيء مكتوب في اللوح المحفوظ؟ فالجواب: المكتوب في اللوح المحفوظ هو النتيجة؛ لأن الله -تبارك وتعالى- هو الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، وقبل أن يخلق الله المخلوقات جميعا أمر القلم أن يكتب فقال: وما أكتب؟ فقال جل وعلا: (اكتب كل ما هو كائن إلى يوم القيامة)، وكتب الله -تبارك وتعالى- النتيجة التي ستصل إليها، كتب الله أنه سينزل قضاء معينا وكتب الله أنك ستدعو بهذا الدعاء، وكتب الله أن هذا الدعاء سوف يتغلب على هذا القضاء فلا ينزل أو ينزل مخففا، إذا كان القضاء أقوى؛ لأنه أحيانا قد يكون القضاء أقوى من الدعاء فينزل القضاء مخففا، كما لو أن إنسان قضى الله تبارك وتعالى له أن يصاب بمرض مزمن وهو يدعو الله بسؤال العافية دائما وهذا الدعاء كان قويا ولكنه ليس في قوة القضاء الذي قضاه الله فينزل هذا القضاء في صورة مرض مخفف، بدل من أن يكون مرضا مزمنا يكون مرضا طارئا يعالج بأبسط أنواع العلاج، وبذلك يتحقق مراد الله تعالى.
أيضا قد يقدر الله مثلا للعبد أن يكون فقيرا فيدعو الله تبارك وتعالى فيسأله الغنى فيجعله الله تبارك وتعالى متيسر الحال، وهذا أيضا في علم الله تعالى؛ لأن الله علم كل ما هو كائن قبل خلق السموات والأرض وقبل أن يخلق جميع المخلوقات والكائنات، ولذلك قال - تبارك وتعالى-: ((الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل))[الزمر:62]، ولذلك نقول: إن الدعاء والقضاء يتصارعان ما بين السماء والأرض هذا حق، ولذلك إذا كان القضاء أقوى نزل وذلك إذا كان الإنسان لا يدعو، ولذلك أحيانا الإنسان منا يغفل عن الدعاء ولا يدعو دعاء معينا ولذلك ينزل القضاء فيتحكم منه لعدم وجود قوة رادعة وهي الدعاء، أما إذا كان هنالك دعاء فعلى قدر قوة الدعاء يكون التأثير بإذن الله تعالى.
ولذلك نحن أمرنا بالدعاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فعليكم عباد الله بالدعاء)، والله تبارك وتعالى قال: ((وقال ربكم ادعوني أستجب لكم))[غافر:60]، ولو نظرت في القرآن لوجدت أن هناك أمورا كثيرة جدا تأثرت بالدعاء وتغيرت، فهذه دعوة نوح عليه السلام على قومه فأهلكهم الله تعالى بالدعاء عندما قال: ((رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا))[نوح:26-27]، وهذا فرعون وقومه أهلكهم الله تبارك وتعالى بدعاء موسى وهارون عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام عندما قالا: ((ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم))[يونس:88]، وهكذا أخي الكريم.
فكل الذي يحدث إنما هو تأثر فعلا بالدعاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)، ولذلك أوصيك بالدعاء دائما لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه أن يسألوا الله كل شيء، ولذلك أكرمهم الله، فكانوا أعظم الناس انتصارات وأوفر الناس حظا وأقوى الناس إيمانا.
أما عن ماذا تفعل بحسد الحاسدين من حولك؟ فالجواب: عليك -بارك الله فيك- بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعليك برقية نفسك بالرقية الشرعية، وبذلك لن يؤثر فيك حسد بإذن الله تعالى حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما شاء الله تبارك الله تدفع العين)، كما في قوله تعالى: (( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ))[الكهف:39]، فتحرص دائما على نفسك وعلى مالك أن تقول: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله)، وأيضا عليك بدعاء: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا ومساء، وأيضا عليك بدعاء: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات أيضا صباحا ومساء مع أذكار الصباح والمساء، إلى غير ذلك من الأذكار التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمحافظة على أذكار الصباح والمساء وهذه الأدعية الخاصة -بإذن الله تعالى- بالحسد سوف تدفع عنك ذلك كله ولن يقع مكروه -بإذن الله تعالى- لأن هذا من الدعاء الذي يرد حسد الحاسدين ومن الدعاء الذي يرد القضاء.
أسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يحفظنا وإياك من كل مكروه وسوء، وأن يرزقك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
هذا وبالله التوفيق.