السؤال
يقال: إن هدف الخطبة (الخطوة التي تسبق الزواج) الارتياح النفسي والتفاهم العاطفي، فكيف يتأتى الارتياح النفسي؟ هل يتأتى بزيادة الاهتمام بالطرف الآخر وإسماعه الكلام اللين الجميل كما هو شائع لدى العامة بالحديث المطول بالهاتف أم هناك طرق أخرى؟ وما مدى تصادم ذلك مع ديننا الحنيف؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبا عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن التفاهم العاطفي لا يحصل حقيقة إلا بالرباط الشرعي، أما الخطوبة فما هي إلا وعد بالزواج لا يبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، وليس من مصلحتهما التوسع في الكلام العاطفي، والمعرفة والتفاهم لا يحصلان بهذه الطريقة؛ وذلك لأن فترة الخطوبة هي فترة مجاملات يظهر فيها كل طرف أجمل وأحسن ما عنده، وهي فترة لا تخلو من المبالغات حتى قالوا: "كل خاطب كذاب"، وكثيرا ما ينقطع ذلك الكلام الجميل بعد الزواج، حتى قالت إحداهن لزوجها: "أين ذلك الكلام الجميل الذي كنت أسمعه في أيام الخطوبة؟ فقال لها: أيتها المغفلة إن الصياد يضع الطعم للسمكة فإذا أمسكها عرضها للنيران". وهذا مخالف للآداب الشرعية لكنه تعبير صادق عن الأمور التي تحصل عند من يتهاونون ويتوسعون في فترة الخطوبة.
ولا شك أن للشريعة أهدافا من الخطوبة، وذلك مثل حصول التعارف، والوقوف على الأوضاع الأسرية للطرفين، وتحقيق الرؤية الشرعية، ولا مانع من الجلوس مع الخطيبة في حضور محرم من محارمها ومناقشتها في بعض الأمور الهامة، ويمكن أن يجلسوا في مكان مكشوف للأسرة ويناقشوا الأمور الخاصة بهم، مع أننا لا نفضل كثرة الزيارات، ولا نؤيد كثرة المكالمات، ونفضل أن يكون كل ذلك بعلم أهل الفتاة.
وأرجو أن يعلم الجميع أن طول فترة الخطوبة ليست في المصلحة، كما أن التوسع في الكلام يجر إلى مشاكل ويصيب الأسرة الجديدة بالشيخوخة المبكرة في جانب العواطف، وكثرة الزيارات والمكالمات تفتح الأبواب للتدخلات السالبة والتعليقات السخيفة، وهي سبب لانزعاج أسرة الفتاة.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ثم بضرورة الإسراع في إكمال المراسيم بعد أن أحسنت الاختيار وتوكلت على الواحد القهار، وخير البر عاجله، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يوفقك للخير، وأن يجمع بينكما على الخير، وسدد الله خطاكم.
وبالله التوفيق.