قطع رحمه خوفاً من الحرج والخجل

0 370

السؤال

السلام عليكم

أعاني مند أن كنت صغيرا من الرهاب أو الخوف الاجتماعي، ففي كل مواقف الحياة التي أواجهها أصاب بالتعرق، والاحمرار، وارتفاع دقات القلب، والتلعثم؛ مما دفعني إلى تجنب اللقاءات العامة، وبدأت في قطيعة الرحم خوفا من الحرج والخجل، فما هو الحل؟

حفظكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المغربي السلفي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فإن الرهاب أو الخوف الاجتماعي أصبح منتشرا في هذا الزمان، وهو حقيقة نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، وحقيقة الرهاب الاجتماعي يعالج بأربع طرق، وهذه الطرق يجب أن تطبق جميعا مع بعضها البعض:

أولا: يجب أن يكون للإنسان ثقة في نفسه، وأن يعلم ويقتنع أنه ليس أقل أو أنه أضعف من الآخرين، ويجب أن يقتنع قناعة كاملة أن الرهاب الاجتماعي ما هو إلا نوع من القلق النفسي البسيط، وهو لا يعني أبدا قلة في الإيمان أو ضعفا في الشخصية، ويجب أن يعرف أنه سلوك متعلم وليس سلوكا فطريا؛ ولذا حين نؤمن أن الشيء المكتسب يمكن أن يفقد فيمكن أن نعدل السلوك وهذا جائز جدا.

ثانيا: يأتي بعد ذلك أمر هام من ناحية العلاج، وهو أن تعرف وأن تفهم وأن تقتنع تماما أن الأعراض الجسدية والأعراض العضوية التي تحس بها من تعرق وتلعثم وارتفاع في ضربات القلب، والبعض أيضا قد يشعر بالدوخة أو أنه سوف يفقد التوازن – أو هكذا – فإن هذه الأعراض هي أعراض فسيولوجية ولكن مبالغ فيها، أي أن الطريقة التي يستشعرها الإنسان شديدة ومبالغ فيها ولا يحدث الواقع العضوي لهذه الأعراض، هذه أيضا هام جدا.

ويرتبط هذا الأمر بتصحيح مفهوم آخر وهو: أن الآخرين لا يقومون برصد تصرفاتك، ولا يقومون بمراقبتك، هذا أيضا أحب أن أؤكده لك، إذن هذه جزئية أساسية في العلاج.

ثالثا: يأتي بعد ذلك ما يعرف بالمواجهة، فلابد للإنسان أن يواجه مصادر الخوف أيا كان نوعه، وخاصة الخوف الاجتماعي، والمواجهة تكون في الخيال وتكون في الواقع، وسوف أشرح ذلك بعد قليل.

رابعا: يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي وهو - الحمد لله - مفيد جدا، ومتوفر جدا الآن.

العلاج عن طريق المواجهة وهو العلاج الرئيسي، والمهم بجانب العلاج الدوائي، فالمواجهة تكون في الخيال أولا، بمعنى أن تجلس في مكان هادئ وذلك لهدف التأمل في مواقف اجتماعية كنت تعرضت لها أو سوف تصبح عرضة لها، فتصور مثلا أنه قد طلب منك أن تصلي بالناس في المسجد – هذا جائز وهذا يمكن أن يحدث، وهو أمر واقع في الحياة – فتصور نفسك في مكان الإمام الراتب لذلك المسجد، عش هذا الخيال، وعش أنه قد طلب منك ذلك، وهذه حقيقة مهمة عظيمة، وعليك أن توفيها حقها احتسابا للأجر، وفي نفس الوقت فيها الجانب الاجتماعي الإيجابي جدا، إذن عش هذا الخيال لمدة لا تقل عن عشرين دقيقة، وانتقل بخيالك يوميا إلى وضع اجتماعي آخر، فعلى سبيل المثال تصور أنه لديكم في بيتكم وليمة ومناسبة كبيرة وسارة وقمت بدعوة الأهل والأحباب والأصدقاء ولابد أن تقابلهم ولابد أن تحييهم – وهكذا – وتصور أنه قد طلب منك أن تلقي درسا أو محاضرة، تصور هذه الأمور وعش هذه الخيالات -لأنها يمكن أن تحدث وهي في واقع الحياة- وأيضا عش خيالا آخر كأن يطلب منك أن تقوم على سبيل المثال بمقابلة كبار أحد المسئولين وتشرح له خططك والبرامج التربوية التي تود أن تطبقها على مجموعة معينة من الطلاب – على سبيل المثال -، عش هذه الخيالات عيشة حقيقية وبجدية.

بعد ذلك يأتي التطبيق وهو ألا تتجنب أبدا المواقف الاجتماعية، وعليك أن تصر على نفسك بأن تذهب وأن تواجه، وتذكر ما ذكرته لك في صدر هذه الرسالة، أن الأعراض التي سوف تحدث لك فيها مبالغة ولن يحدث لك أي مكروه - بإذن الله تعالى - .

إذا طبقت ذلك سوف تبدأ - إن شاء الله تعالى – مشاعر القلق والخوف والتوتر في الانخفاض.

هنالك أيضا الطرق للمواجهة الاجتماعية المباشرة، ولكنها بصورة أكثر جماعية مما يجعلها تبعث الطمأنينة أكثر، ومن أهم الطرق هي أن تمارس رياضة جماعية مع أي مجموعة من الأخوة والشباب، كرياضة كرة القدم، هنا سوف تتفاعل معهم اجتماعيا، أيضا المشاركة الجادة في حلقات التلاوة وجد أنها علاج اجتماعي فعال لإزالة الرهاب والخوف الاجتماعي، فأرجو أن تحرص على ذلك.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وهنالك عدة أدوية فعالة جدا لعلاج الرهاب الاجتماعي، منها الدواء الذي يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat ) ويعرف أيضا تجاريا باسم (باكسيل Paxil) ويعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، يسمى في المغرب بـ (ديروكسات Deroxat)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجراما – نصف حبة – ليلا لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة وتستمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفعها إلى ثلاثين مليجراما – حبة ونصف – في اليوم، ثم استمر عليها لمدة شهر آخر، ثم بعد ذلك ارفعها إلى أربعين مليجراما – حبتين – في اليوم واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك أبدأ في تخفيض الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهر حتى تتوقف عن الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الطيبة والفعالة والسليمة والممتازة جدا، ولا يسبب أي آثار جانبية، غير أنه ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، كما أنه قد يؤدي إلى تأخير القذف لدى الرجال في بعض الأحيان، وهذا في حد ذاته ميزة لبعض الرجال الذين يعانون من سرعة القذف، ولكن لا يؤثر على الذكورة أو الإنجاب.

أرجو أن تطبق هذه الإرشادات السلوكية بصورة صحيحة وبالتزام تام وأن تتناول الدواء الذي وصفته لك، وبالطبع أدعوك لزيارة أقاربك وأرحامك، ولا شيء أبدا يدعوك إلى الحرج والخجل، وصدقني أنك حين تقتحم هذه الحواجز النفسية سوف تجد أن الأمر كان أسهل مما تتصور، ونحن الآن مقدمون على شهر كريم شهر فضيل – شهر رمضان – ومقدمون على مواسم الخيرات، فستكون هذه فرصة طيبة لئن تصل رحمك - وإن شاء الله - أنت مأجور على ذلك.

هناك علاجات سلوكيا لمشكلة الرهاب يمكنك الاطلاع عليها من خلال هذه الاستشارات ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ) وكذلك الخجل: ( 267019 - 1193 - 226256)

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات