السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مارست العادة السرية بشكل شبه يومي لأربعة أعوام، وعندما قررت التوقف اتخذت كل الإجراءات المناسبة من بعد عن المثيرات، وممارسة الرياضة، والتقرب إلى الله، ولكن واجهتني مشكلة، وفي الحقيقة _ بعد تفكير _اكتشفت أنها السبب في عدم تركي العادة السرية طوال الفترة السابقة، بالرغم من تديني وقربي من الله، وهي تمنعني الآن عن التوقف عن العادة، وأنا لا أعلم هل هي مرتبطة بها أم منفصلة عنها؟
بمجرد أن أتوقف عن العادة السرية لمدة أسبوع أبدأ أشكو من أعراض عدم القدرة على التركيز، والشعور بآلام محبطة بأجزاء مختلفة من جسمي، كما أواجه بعض المشاكل النفسية الأخرى، كعدم الرغبة في النزول إلى الشارع، والخوف من مواجهة الناس، وتظل هذه الحالة معي طويلا، وإن كانت تظهر بشكل شديد في الصباح وتخف كثيرا ليلا.
وفي الحقيقة وبعد العديد من التجارب وجدت أن هذه الآلام لا تذهب إلا في حالتين: عند ممارستي للعادة السرية أو عند استيقاظي لفترات طويلة، أكون أكثر تركيزا عندما لا أنام لمدة 24 ساعة، وفي هذه الفترة أشعر كأن رأسي ثقيلا، وفي هذه الفترة أكون في منتهى القدرة على التركيز بعقل صاف، ولا أشعر بهذه الآلام، وأكون أكثر قدرة على المواجهة.
تناولت (بروزاك) لفترة كبيرة (8 أشهر)، وتناولت (زيروكسات) وغيرها، ولكن لا فائدة، وفي النهاية حياتي أصبحت في جحيما، أحتاج إلى الهدوء والتركيز لكي أستطيع التقدم ومواصلة حياتي، ولكني لا أجدهما إلا بعد العادة السرية أو عندما أكون في غاية التعب!
أرجو أن لا يكون الجواب مقتصرا على الجانب الديني، فأنا قرأت من الكتب في هذا الأمر ما يكفي لأن أكتب أنا فيه.
لذا رجاء التركيز على الجانب النفسي والعملي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Khaled .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
الحمد لله الذي جعلك تقتنع بسوء ومضار العادة السرية، وأسأل الله تعالى أن يثبتك على الابتعاد عنها، خاصة أننا في هذا الشهر الكريم.
ما ذكرته من قلق ينتابك بعد التوقف عن العادة السرية، فلا أعتقد أن هنالك أثرا بيولوجيا أو كيميائيا تتركه العادة السرية، أو الانقطاع عنها يؤدي إلى هذا الشعور بالقلق وعدم التركيز والتوتر.
لكن الأمر قد يكون مرتبطا بأنك لا زلت في عقلك الباطني تفكر في ممارسة العادة السرية، وهذا بالطبع من مداخل الشيطان التي لا شك فيها، فقد أصبح لك نوع من الفكر الإيحائي الداخلي أنك بمجرد أن تتوقف عن ممارسة هذه العادة القبيحة سوف يحدث لك هذا الضعف في التركيز والقلق والتوتر.
إذا أرجو ألا تعير هذا التفكير الإيحائي أي اهتمام، فالقرار الصحيح هو التوقف عن هذه العادة السيئة، وهذه العادة مضارها كثيرة جدا، وأنت - الحمد لله - ملم بذلك.
الأعراض التي ذكرتها تشبه أعراض الانسحاب التي تحدث لمتعاطي المخدرات أو لمتعاطي الخمور حين يتوقفون فجأة، وكذلك بالنسبة للمدخنين، أو بالنسبة للذين يديمون شرب القهوة أو كانوا يتناولون القهوة المركزة لفترات طويلة، أو حتى الذين أدمنوا على الإنترنت ثم توقفوا عنه.
هنالك الآن مجموعة مما يعرف بالآثار أو الأعراض الانسحابية كلها تظهر فيما وصفته من أعراض، ولكنا لا نقول إن ذلك ينطبق على العادة السرية، فإن العادة السرية ليس لها آثار انسحابية من الناحية العلمية، بل على العكس تماما يبدأ الإنسان في استرداد طاقته، ويسترد عافيته، ويزول عنه الشعور بالذنب بعد أن يدعم ذلك بالاستغفار والإقلاع عن هذه العادة، والالتزام بشروط التوبة.
قد ذكرت أمرا آخر أنك تحس فيه بتحسن التركيز؛ وذلك أنك حين تكون في غاية التعب، فإن هذا - يا أخي - ليس فيه أي منطق -حقيقة- نستطيع أن نعتمد عليه، فلا يوجد منطق علمي مطلقا يقول إن التعب يؤدي إلى تحسن التركيز، بل على العكس تماما التعب يؤدي إلى إضعاف التركيز، ويؤدي إلى الشعور بالضجر، ويؤدي إلى الشعور بالهزال وضعف الصحة النفسية.
فأرجو أن تعيد النظر -حقيقة- في هذا الذي يحدث لك، فإن هذا نوع –كما ذكرت لك– من الإيحاءات والارتباطات الشرطية التي التصقت في تفكيرك، فأرجو أن تحقرها، وأرجو ألا تربط مطلقا بين هذه الأعراض وبين توقفك عن العادة السرية.
أنصحك بأن تمارس الرياضة، فإن الرياضة مفيدة جدا في تحسين التركيز، وحقيقة الأدوية التي تناولتها – مثل البروزاك والزيروكسات – هي أدوية جيدة، ولكن أعتقد أن الأمر في حالتك أبسط من ذلك؛ لأنها مجرد حالة من القلق، وعقار مثل العقار الذي يسمى تجاريا وعلميا باسم (موتيفال Motival) سيكون جيدا جدا ومفيدا في حالتك، فأرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة أسبوع، ثم ترفع الجرعة بعد ذلك إلى حبة صباحا ومساء، ويمكنك أن تتناول حبة مع الإفطار وحبة عند السحور، وتستمر على ذلك لمدة شهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عنه.
نصيحتي لك أيضا هي أن تغير هذه المفاهيم، فإن هذا الذي يحدث لك ليس له أي أساس علمي، وإنما هو ناتج –حسب ما ذكرته لك– من حالة نفسية تعرف بالارتباط الشرطي أو الاعتماد على التفكير الإيحائي، أو هو نوع من النكران والتغير النفسي –كما يقول علماء النفس– فأرجو أن تغلق هذه الصفحة، ولا تترك للشيطان مجالا لأن ترجع إلى العادة السرية.
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام ونحن وأنتم وجميع المسلمين بخير.
ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على:
- العلاج السلوكي للرهاب: (259576 - 261344 - 263699 - 264538).
- علاج قلة الثقة: (265851 - 259418 - 269678 - 254892).
ولمزيد الفائدة يراجع أيضا:
• أضرار هذه العادة السيئة: (2404 - 3858 - 24284 - 24312 - 260343).
• كيفية التخلص منها لمن ابتلي بها: (227041 - 1371 - 24284 - 55119).
• الحكم الشرعي للعادة السرية: (469 - 261023 - 24312).
وبالله التوفيق.