القلق النفسي الظرفي

0 268

السؤال

أنا إنسان خجول منذ صغري، حيث كنت لا أحتك كثيرا مع أعمامي وأقربائي من الكبار خجلا منهم، وأخجل ويحمر وجهي إذا ما سمعت تعليقا منهم ولو كان على سبيل المزاح، ولكن كنت مرحا مع أقراني من الأطفال، وألعب معهم بدون خوف ولا قلق، وعندما كبرت استطعت التخلص من الكثير من خجلي، لكن لا زلت أخجل ويحمر وجهي في كثير من المواقف التي أتعرض فيها إلى الإحراج خاصة في الاجتماعات وحتى مع الأصدقاء، فعندما يطرح أحدهم تعليقا علي أمام المجموعة أخجل ويحمر وجهي أمامهم بدون سبب، وقد عانيت من هذا كثيرا وأصبحت دائم التفكير فيه، حتى أصبح عقدتي احمرار الوجه!

وعندما أصبح عمري 24 سنة قررت الذهاب إلى طبيب نفساني، وفعلا ذهبت إليه ولم أتردد في ذلك، حيث ذهبت إليه وحيدا وشرحت له مشكلتي ولم يحمر وجهي وتفاعلت معه بدون خوف، فأنا غالبا في أغلب تعاملاتي لا أخجل لكن عندي صعوبة في مواجهة المواقف المحرجة وبعضها غير محرجة أبدا فأي موقف يلفت انتباه الناس إلي وخاصة في المجموعات حتى ولو كانت تتكون من شخصين أو ثلاثة، وقد ذهبت مؤخرا إلى طبيب نفسي ووصف لي دواء سبرام، حيث أنه أخف الأدوية من ناحية الأعراض الجانبية ـ والحمد لله ـ شعرت بتحسن كبير بفعل الدواء وتناولت منه جرعة 20 ملغم لمدة شهرين، وبعدها راجعت الطبيب وطلب مني زيادة الجرعة إلى 40 ملغم يوميا لمدة ستة أشهر.

فسؤالي:
ما رأيكم في تشخيص الطبيب لي وتعامله مع حالتي؟ فأنا عندما ذهبت إليه كنت يائسا وكنت سأطلب منه أن يصف لي دواء لو لم يقم هو بوصف الدواء لي، لكني تفاجأت صراحة أنه مجرد أن سمع بحالتي وصف لي الدواء، وأنا أحمد الله أن حالتي بسيطة لكن كانت تعوقني في كثير من الأحيان، علما أنها لا تصل لدرجة تجنب الاجتماعات لكن ربما أتجنب المشاركة بشكل تام عندما أكون في الاجتماعات، وقل ما أروي قصة مثلا على جمع من الناس، وعندما أفعل يكون هذا أمام واحد أو اثنين أو ثلاثة على الأكثر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصعب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الذي أراه أن حالتك – إن شاء الله – هي من الحالات البسيطة وهي نوع من القلق النفسي الظرفي، أي الذي يحدث في ظروف معينة خاصة في بعض المواقف التي قد تتطلب المواجهة، ولكن بالطبع القلق الذي تعاني منه الحمد لله لم يصل لدرجة الخوف أو الرهاب الاجتماعي الشديد.

ربما تكون شخصيتك الخجولة قد ساهمت في ظهور الحالة، كما أن حساسية شخصيتك أيضا في نظري هي عامل ضروري وهام في تسبيب هذه الحالة.

وعموما الحمد لله أنت الآن قد تحسنت وجزى الله خيرا هذا الطبيب الذي وصف لك العلاج، وحقيقة أنا أقر تماما الدواء الذي وصفه لك – وهو السبرام Cipram - فهو من الأدوية الجيدة، وجرعة البداية هي عشرين مليجرام في اليوم، أما الجرعة العلاجية فهي أربعين مليجرام – حبتين – في اليوم، علما بأن هذا الدواء يمكن تناوله بجرعة ثلاث حبات أو حتى أربع حبات في اليوم، ولكن لا أعتقد أن حالتك سوف تتطلب هذه الجرعة.

استمر على الدواء حسب الوصف الذي قام به الطبيب، وأؤكد لك أنه من الأدوية السليمة ومن الأدوية الجيدة، وأعتقد أن الدواء قد قضى على حالة القلق والتوتر الداخلي وأدخلك في حالة استرخائية، كما أنه أدى إلى تحسن في مزاجك، وهذا بالطبع من فضل الله عليك، ونسأل الله تعالى أن يديم عليك نعمة الشفاء.

لابد أن تنتهز فرصة التحسن هذه وتدعم من هذا التحسن وذلك بأن تكون أكثر ثقة في نفسك، وأن يكون لك وجودك وحضورك في الساحة الاجتماعية وكذلك في المحيط العملي، فأنت -الحمد لله- لديك وظيفة محترمة والهندسة في هذه الأيام من أفضل المهن التي يمكن أن يطور الإنسان نفسه من خلالها، فأرجو أن تكون مبدعا في عملك، وأرجو أيضا أن تكثر من المواجهات الاجتماعية، ويا حبذا لو انخرطت في أي نوع من العمل التطوعي الخيري فهذا إن شاء الله يحفز الإنسان داخليا ويجعله يشعر بقيمة نفسه بصورة أفضل، وبالطبع هذا يقضي على الخوف أو القلق الاجتماعي.

كما أن ممارسة الرياضة الجماعية هي أيضا باعث لإزالة القلق؛ لأن القلق في الأصل هو طاعة نفسية منحرفة تأخذ مسارات خاطئة في النفس البشرية وتؤدي إلى احتقانات وتراكمات داخلية، فيمكن اتخاذ الرياضة كوسيلة جيدة للتخلص منها.

ونصيحتي لك أيضا أن تكون مواظبا على حلقات التلاوة؛ لأن هذه الحلقات هي وسيلة تواصلية ممتازة جدا، فأنت حين تشارك في هذه الحلقات لابد أن تتفاعل مع الآخرين مع المجموعة الطيبة المشاركة في هذه الحلقات من الإخوة الأفاضل الذين يحضرون هذه الحلقات، وهذا بالطبع يبني في نفسك ثقة في نفسك ويجعلك أبدا لا ترهب ولا تخاف أي مواجهة اجتماعية.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات