السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
شقيقتي عمرها (34) عاما، وترتيبها العاشر في إخوانها، وهي متزوجة ولديها ثلاثة أبناء، ومنذ فترة عندما تستيقظ من النوم لا تستطيع أن ترى شيئا لمدة دقيقة، ثم بعد ذلك فلاش أثناء الرؤية، وكأن الصور تتحرك رئيسيا، وعندما تغلق عينيها وهي مستيقظة كأن شريطا من الصور يتحرك أفقيا، فما التفسير لهذه الحالة؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الأخت في مرحلة عمرية ناضجة؛ ولذا يجب أن نكون حذرين في أن نتسرع ونعتقد أن حالتها حالة نفسية فقط؛ ولذا فسيكون الشيء الأفضل والأصوب هو أن يتم عرضها على أخصائي العيون وذلك للتأكد من أنها لا تعاني من مشكلة في الشبكية، حيث إن بدايات انفصال الشبكية ربما تظهر مثل هذه الأعراض في هذه الحالة.
إذن التأكد والفحص العضوي للعين ولقاع العين خاصة عن طريق الطبيب المختص يعتبر ضروريا وننصح به.
يأتي بعد ذلك ما يختص بالحالة النفسية، فهنالك حالات تعرف باسم (الهستريا التحولية) أو (الهستريا الانشقاقية) وهي حالة نفسية عصبية تدل على القلق، وهذا القلق لأنه مكتوم ومكبوت في داخل الإنسان يظهر عليه في شكل أعراض عضوية، ومن هذه الأعراض المعروفة: فقدان الصوت، والرجفة، وفي بعض الأحيان العمى أو عدم القدرة على الرؤيا.
بالطبع هذه التغيرات التي تحدث ليست عضوية إنما هي نفسية، وفي نفس الوقت لا نقول أن الإنسان يتصنع أو يمثل، حيث إن العقل الباطني هو الذي يتحكم في مثل هذه الحالات، فكثير من الأشخاص خاصة من صغار السن ومن غيرهم قد يحدث لهم مثل هذه الحالات، وحين نبحث في التاريخ النفسي والاجتماعي والأسري للحالة نجد أن الحالة في الغالب قد تعرضت إلى ضغوطات اجتماعية أو أسرية أو أنه توجد مشاكل أسرية ومنزلية أو أن هذا الشخص يهاب موقفا ما أو شخصا ما ولا يستطيع أن يعبر عن نفسه ويميل إلى الكتمان؛ ولذا تتحول هذه الطاقات النفسية إلى أعراض جسدية.
إذا لم يتضح أن هنالك أي مرض عضوي في العين فهنا تكون الحالة حالة نفسية، ونسميها كما ذكرت (الهستريا التحولية) أو (الهستريا الانشقاقية)، وتعالج أولا:
إذا كانت لهذه الأخت أي مشاكل أو صعوبات يجب أن تساعد في حل هذه المشاكل، وذلك بحوارها والجلوس معها بهدوء، ومحاولة مساندتها.
ثانيا: تنصح بأن تتجاهل هذه الأعراض وأن تكون فعالة في عملها وفي رعايتها لبيتها ولزوجها ولأولادها، ويجب أن تعرف أن مثل هذه العلل النفسية ربما تقلل من شأن الزوجة أمام زوجها أو من الناحية الاجتماعية، وهذا بالطبع شيء لا تقبله لنفسها ولا نقبله لها.
إذن إذا اتضح أن الأمر نفسي فعليها بالفعالية، وعليها بتجاهل هذا الأمر، وعليها أيضا بحل مشاكلها والتعبير عما بداخلها، ويجب أن تفرغ تفريغا كاملا أي ضغوطات أو احتقانات، خاصة الاحتقانات التي تكونت من جراء تراكمات غير مرضية من كلمات سمعتها من هنا أو من هناك، فسيكون من الجيد الإفصاح عما بداخلها، وهذا يعتبر علاجا رئيسيا.
من العلاجات المهمة أيضا لهذه الحالات هي تمارين الاسترخاء، فهنالك عدة تمارين خاصة تمارين التنفس وجد أنها مفيدة؛ لأن القلق يلعب دورا في هذه الحالة، والاسترخاء دائما هو ضد القلق وضد التوتر، توجد أشرطة وكتيبات كثيرة توضح كيفية القيام بهذه التمارين، وفي أبسط صورها:
عليها أن تستلقي في مكان هادئ وتفكر في أمر سعيد وتتأمل في هذا الحدث السعيد، ثم بعد ذلك تغمض عينيها وتفتح فمها قليلا وتأخذ نفسا عميقا وبطيئا حتى يمتلأ صدرها بالهواء، ثم بعد ذلك تخرج الهواء عن طريق الفم، ويكون إخراج الهواء أيضا بقوة وبشدة وببطء، وتكرر عملية الشهيق والزفير خمس مرات بمعدل مرتين في اليوم.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وهذه الحالات إذا كانت ذات طابع نفسي تستجيب أيضا لدرجة كبيرة للأدوية المضادة للقلق، ومن أفضلها عقار يعرف علميا وتجاريا باسم (موتيفال Motival)، ويمكن أن تتناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة ليلا لمدة شهرين.
هذا الدواء من الأدوية البسيطة والفعالة والسليمة جدا، وإذا تناولته هذه الأخت بانتظام وطبقت الإرشادات السابقة إذا كان منشأ علتها نفسيا فإنه -إن شاء الله تعالى- سوف تختفي هذه الأعراض تماما.
جزاك الله خيرا على اهتمامك بشأن أختك، وبارك الله فيك، ونسأل الله لها الشفاء والعافية.
وبالله التوفيق.