السؤال
مشكلتي هي أني كثير الضحك ولأمور تافهة، حتى أني لا أستطيع أن أصلي مع الجماعة بسبب الضحك.
فكيف يمكنني أن أتخلص من هذا المشكلة، وخاصة أني شاب راشد وأخاف أن أستمر في هذه العادة طوال حياتي؟
مشكلتي هي أني كثير الضحك ولأمور تافهة، حتى أني لا أستطيع أن أصلي مع الجماعة بسبب الضحك.
فكيف يمكنني أن أتخلص من هذا المشكلة، وخاصة أني شاب راشد وأخاف أن أستمر في هذه العادة طوال حياتي؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن بعض الناس يكثر الضحك عندهم كعادة اكتسبوها، ولكن في حالتك فقد تعجبت حقيقة عندما قلت أنك لا تستطيع أن تصلي في جماعة بسبب الضحك، فإن هذا حقيقة أمر غريب وأمر عجيب، فإذا كان هذا الضحك يعتريك حتى في وقت الصلاة فهذا لا شك أن هذا الضحك مرض، وعلينا أن نتأكد من ذلك تماما، فإن هنالك بعض الأمراض النفسية لبعض الناس الذين يصابون بالهوس وأمراض أخرى مشابهة ربما يضحكون حتى في الصلاة، وهنالك بعض الذين يعانون من بعض إصابات دماغية ربما يحدث لهم ذلك.
إذن: إذا كان الأمر هو مجرد نوع من الضحك الذي اتخذته عادة، فأعتقد أنك إذا تحسست وتيقنت من أهمية الصلاة وهذا الموقف العظيم أمام رب العالمين فليس هنالك ما يدعوك أو يجعلك تضحك أبدا.
حقيقة ذكرت لك أسبابا عضوية ولكني لا أعتقد أنك تعاني من هذه الأسباب حسب ما تلمسته من رسالتك، فلا نعتقد إذن أنه يوجد لديك مرض عضوي، ولكن بالتأكد من ذلك سوف يكون من الجميل مقابلة طبيب الأعصاب وليس الطبيب النفسي؛ لأنه كما ذكرت لك توجد بعض حالات الهوس يستطيع طبيب الأعصاب أيضا أن يشخصها، وتوجد بعض الإصابات الدماغية التي قد تؤدي إلى الضحك المفرط والذي لا يمكن التحكم فيه، وتوجد أيضا حالات من مرض الصرع ولكنها نادرة جدا، ولكن هنالك حالات من مرض الصرع يكثر فيها الضحك وقد يجد الإنسان صعوبة في التحكم فيها أو يكون تحكمه جزئيا.
هذه هي الأسباب العضوية التي قد تؤدي إلى الضحك المرضي، وإن كنت لا أعتقد أنك تعاني منها كما ذكرت لك، ولكن سيكون من الأفضل أيضا مقابلة الطبيب.
يأتي بعد ذلك الضحك الذي أخذه الإنسان عادة أو هو من قبيل التهاون أو عدم النظر للأمور بجدية، فهنا على الإنسان أن يتذكر – وعليك أن تتذكر – أن الضحك يميت القلب، وأن الضحك يعطي انطباعا سلبيا عن الإنسان في المواقف الجادة وأمام معظم الناس أو كل الناس خاصة الذين ينظرون إلى الحياة بجدية ومصداقية.
عليك أيضا أن تتذكر أن الإنسان منحه الله العقل والقوة والمقدرة ومن ثم يمكنه التحكم في مشاعره ومنها هذا الضحك وخلافه.
هنالك أمر ضروري جدا وهو تعلم استبدال المسلك غير الصحيح بمسلك صحيح يكون قريبا له، فأنت عندك المسلك غير الصحيح والذي سبب لك الإزعاج هو الضحك – وهنا أنا أتكلم من الناحية النفسية – وهذا يسمى بـ (العلاج الاستبدالي)، ففكر مع نفسك جيدا وقل (سوف أستبدل مواقف الضحك بابتسامة في وجه من أقابل؛ لأن تبسمي في وجه أخي صدقة) وهذا التبسم يكون بوقار ويكون بمسئولية.
عليك إذن بالعلاج الاستبدالي، وهذا يتطلب منك الجدية والتمعن فيه، وبعد ذلك تقوم بتطبيقه والمضي فيه.
ويمكنك أن تقوم بما يعرف بلعب الأدوار أو ما يسمى بـ (السيكودراما Psychodrama) وذلك بأن تتخيل نفسك أمام شخص ما وتبتسم في وجهه بدل أن تضحك.
إذا كان هنالك نوع من النكات أو المزاح ذكرت أمامك، فقل: (أنا سأكون أقل الضاحكين؛ لأن الضحك يميت القلب)، المطلوب هو أن تقتنع أولا بأن هذا المسلك ليس صحيحا وأن هذه سمة ليست صحيحة وبعد ذلك يمكنك التحكم فيها ما دام قد وهبك الله تعالى العقل والمقدرة على أن تدير عواطفك ووجدانك.
هنالك علاج سلوكي آخر ربما لا أؤيده كثيرا، ولكن رأيت أن أذكره لك وهو أن تتذكر ما اعتراك من أحزان فيما مضى أو تكون سيئ التوقع في تفسيرك لبعض الأحداث الحياتية، فهذه من المفترض أن تبني داخل نفسك نوعا من الوجدان السوداوي نسبيا، وهذا الوجدان المحبط لا شك أنه لن يجعلك تضحك، بل على العكس ربما تنظر إلى الأمر بوجدان مخالف تماما.
إذن: هنالك العلاج الاستبدالي وهنالك العلاج ما نسميه بإدخال تفاعل أو وجدان مختلف ومعاكس، فهذه كلها طرق لا مانع من أن تجربها، وإن كنت لا أميل كثيرا للطريقة الأخيرة (طريقة تذكر الأحزان والنظرة السوداوية)، ولكن أؤمن كثيرا بطريقة الاستبدال وبطريقة التمعن والنظر؛ لأن الضحك سلوك غير مرغوب وأنه مؤذي للآخرين ويضر بسمعتك ويفقدك المكانة التي تصبو إليها وهي أن تكون إنسانا ورجلا مسئولا يشار إليه.
وبالله التوفيق.