السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
في البداية لا يسعني إلا أن أشكر كل القائمين على موقع إسلام ويب، وخاصة السادة العلماء، والدكاترة الفضلاء القائمين على قسم الاستشارات، راجيا من المولى - عز وجل - أن يجزيكم خير الجزاء.
مشكلتي بكل اختصار تكمن في المذي الذي ينزل مني بشكل متكرر وفي أوقات متفاوتة من اليوم الواحد ما يجعلني في حاجة إلى تجديد الوضوء مع كل صلاة تقريبا.
وهذا بالطبع يسبب لي الكثير من الصعوبات خاصة في أيام الدراسة الجامعية حيث لا يمكنني تجديد الوضوء وغسل ذكري وخصيتي وتطهير ملابسي، كما يوجب ذلك الشرع مع كل نزول للمذي، نظرا لصعوبة ذلك؛ مما يجبرني على تأخير الصلاة أو حتى إخراجها عن وقتها حتى رجوعي إلى البيت.
أود من فضيلتكم إجابتي عن سؤالين:
1- هل كثرته راجعة إلى سبب مرضي أم هي طبيعية؟ خاصة أني ألاحظ نزول المذي حتى في بعض الحالات التي أكون فيها بعيدا عن كل تهييج جنسي.
2- بالنسبة لموضوع تجديد الوضوء كيف يمكنني حله شرعا هل بالتيمم أم بتأخير الصلاة؟
أفيدوني جزاكم الله عني خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عمرو .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فهنا يجب التفريق بين عدة أمور قد تختلط عليك في تحديد نوع السائل الخارج منك.
(1) فأول نوع هو ما تسأل عنه وهو المذي، وهو عبارة عن سائل شفاف لزج يخرج من الذكر نتيجة الإثارة الجنسية، وينتج من غدد تسمى غدد (كوبرز) حيث تتواجد خلال مسار قنوات مجرى البول، حيث يساعد هذا السائل ويزيد من درجة الحموضة "PH" لقناة مجرى البول ليجعلها قلوية استعدادا لاستقبال السائل المنوي، كما قد يساعد في عملية الترطيب أثناء الإيلاج .
ويختلف الأمر من شخص لآخر، حيث نجد رجلا كثير المذي مع أقل إثارة، وآخر قليل أو معتدل المذي مع الإثارة العالية.
وفي كل الأحوال تكون الأمور طبيعية ويكون الأمر اختلافات شخصية ولا تعني وجود أي مشكلة عضوية تحتاج إلى علاج.
وقد يحدث نزول للمذي مع أقل إثارة، وهو ما تظنه ليس داعيا لخروج المذي، فمثلا عند مجرد التحدث في الهاتف أو مجرد الوجود في أماكن اختلاط بين النساء والرجال، حتى ولو لم تسترسل في الإثارة الجنسية، فهذا أمر لا يدعو للقلق، فهذا أمر فسيولوجي طبيعي، ولا يعيب الرجل أو يدل على مشكلة عضوية تعيقه عن الزواج، فقد كان سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كثير المذي، وقد تزوج فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يحتاج الأمر إلى علاج أو تدخل ويكون تقليله بالآتي:
1- عدم التعرض للإثارة الجنسية، سواء من خلال غض البصر والبعد عن الاختلاط ومحادثة النساء هاتفيا أو مباشرة، وكذلك التقليل من التفكير في الأمور الجنسية.
2- الحرص على الرياضة بشكل منتظم لتفريغ الطاقة الداخلية بعيدا عن الأمور الجنسية.
3- شغل النفس بالحق، والوقت بالعمل المفيد والطاعات، والحرص على العلم الشرعي والدنيوي.
(2) النوع الثاني: وهو الودي ويعرف بأنه: السائل الذي يخرج بعد البول أو البراز، ويكون لونه رصاصيا ومعكرا مائلا للصفرة، وغليظا وليس شفافا، ويكون نتيجة احتقان البروستاتا الناتج عن عدم الإشباع الجنسي، كما يحدث في حالة الإفراط في العادة السرية أو عدم الإشباع الجنسي بعد الإثارة الكاملة المتكرر، وبالتالي قد تجده بدون سبب محدد كالتعرض لإثارة أو ما شابهه، ولكنه يكون مرتبطا بالبول أو البراز، وعلاجه مثل الأمور السابقة، مع استخدام أدوية لتقليل احتقان البروستاتا.
وهذا النوع قد يكون بسبب التهاب قناة مجرى البول أو البروستاتا، وقد يخرج بدون أي إثارة، ويكون خفيفا وشفافا أيضا، وقد يصاحب خروجه بعض الألم البسيط في الظهر أو أسفل البطن أو الخصية، ولكن ليس شرطا أن توجد هذه الأعراض.
ويكون تشخيصه بعمل تحليل للبول، وللسائل المنوي، والعلاج إذا كان هناك أي نتيجة غير طبيعية؛ لذا فإذا كان الأمر مجرد مذي كثير، فهذا أمر عادي، ولا تحتاج إلى أي علاج، فقط عليك بالاطلاع على الجانب الشرعي فيما يتعلق بالطهارة
وحجم هذا السائل.
وإذا وجدت أن مواصفات هذا السائل تشبه الأنواع الأخرى، فيمكن عمل تحليل بول بسيط، مع الالتزام بما ذكرناه؛ لتجنب احتقان البروستاتا.
وبالله التوفيق.
=========================================================
انتهت إجابة الدكتور إبراهيم زهران أخصائي التناسلية تليها إجابة الشيخ موافي عزب المستشار الشرعي للإجابة عن الجانب الشرعي:
ابني الكريم عمرو: يسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، فنحن سعداء حقا باتصالك بنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يزيدك ثباتا وهداية واستقامة، ونسأله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك وأن يقضي حاجتك، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك في دراستك حتى تكون من علماء المسلمين الكبار في أي مجال من مجالات العلم الذي تمس حاجة المسلمين إليه.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإني أحيي فيك حرصك على طاعة الله تعالى وحرصك على تحري الحلال الحرام، وحرصك على معرفة شروط العبادة الصحيحة حتى تؤديها على الوجه المرضي الذي يوافق هدي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهذا كله إن دل على شيء فإنما يدل على محبة الله لك وعلى إكرام الله لك بأن حبب إليك الإيمان وأعانك على القيام بأركان الإسلام.
وفيما يتعلق بسؤالك عن موضوع المذي:
فإنك تعلم أن الواحد منا إذا كان شابا ولم يتزوج فإن المذي يكون عنده بنسبة عالية، ولذلك هو يقل غالبا مع الزواج حتى إن الإنسان يقضي حاجته في المسلك الشرعي وتكون حالات الإنزال قليلة؛ لأنها لا تتعلق إلا بالجانب الشرعي الحلال غالبا، يعني إذا أراد الإنسان أن يأتي أهله تحدث عنده بعض الإثارة بالمداعبة أو الكلام أو النظر أو غير ذلك.
أما ما سوى ذلك فإن الرجل المتزوج عادة يكون هادئ النفس، ليست عنده الإثارة بالدرجة التي تكون عند الشباب الغير متزوج، ولذلك أبشرك بأن هذه المسألة - إن شاء الله تعالى – مع دخولك الحياة الزوجية ستكون أخف مما هي عليه الآن، ولكنها لا تنتفي لأنها سنة ماضية أوجدها الله تبارك وتعالى في عباده لحكمة يعلمها سبحانه، وكما ستعرف ذلك من كلام أخي الطبيب وهو يحدثك عن فوائد المذي وعن علة من وجوده والسبب الذي أوجده الله تبارك وتعالى لأجله.
حتى إنك تقول هنا هذا بالطبع يسبب لك الكثير من الصعوبات خاصة في أيام الدراسة الجامعية، حيث لا يمكنني تجديد الوضوء وغسل ذكري وخصيتي وتطييب ملابسي، مما يجبرني على تأخير الصلاة وخروج وقتها.
فسؤالك هل كثرته راجعة إلى سبب مرضي أم هو شيء طبيعي؟ وطبعا الأخ الطبيب قال هذا شيء طبيعي جدا، وكما ورد في السنن أن عليا - رضي الله تعالى عنه – قال: (كنت رجلا مذاء – أي كثير المذي – فاستحييت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكانة ابنته مني، فطلب من المقداد بن الأسود أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم).
إذن كثرة المذي شيء طبيعي وعادي، فسيدنا علي - رضي الله تعالى عنه – كان متزوجا، ورغم ذلك كان عنده المذي بدرجة عالية، وكما ذكر الأخ الطبيب بأن هذه تختلف من شخص لآخر، ولها عواملها ودوافعها التي سيشير إليها.
أما بالنسبة لموضوع الوضوء وتجديده وغسل الذكر:
فأنا أنصحك أن تستعمل العازل، أقصد مثلا فوطة صغيرة أو قطعة قماش أو ورق مقوى تضعه داخل ملابسك أمام العورة مباشرة، حتى إذا ما قدر الله ونزل شيء؛ لأنك في الجامعة والجامعة فيها اختلاط وفيها فتيات وفيها متبرجات وسافرات، وهذا المذي كاللص يخرج منك ولا تشعر به إلا وقد خرج من بدنك، وأصبح على رأس الذكر مثلا، لماذا؟ لأن هذه طبيعته التي خلقه الله عليها، فهو له وظيفة تطهير مجرى البول ومجرى المني، حتى إن قدر الله أن الرجل سيجامع أهله لا يدخل إلى أهله شيئا مما يضرهم.
ولذلك تتغلب على ذلك أولا بتجنب المثيرات وتحاول باستمرار قدر الاستطاعة أن تتجنب المواطن التي فيها الفتيات وأن يعافيك الله من النظر إليهن، أو حتى تجنب الكلام معهن؛ لأن الكلام مع أي فتاة سيؤدي إلى الإثارة، وكذلك أيضا مشاهدة هذه الأشياء سواء كانت في مجلات أو في قنوات أو غير ذلك، فاجتهد - بارك الله فيك – أن تتخلص من هذه الأشياء كلها وألا تشغل بالك بها.
كذلك أيضا كلما جاءتك فكرة مثلا تتذكر فتاة كنت تعامل معها في اليوم أو قديما أيضا تحاول أن تصرف ذهنك عنها حتى لا تصاب بهذا الشيء.
فلو وضعت عازلا كقطة قماش أو فوطة صغيرة أو أي شيء تضعه بشرط لو قدر الله ونزل شيء منك يكون قد نزل في هذه، وتستطيع بذلك أن تخرجها عند الصلاة مع دلك ذكرك حتى إذا كان يوجد شيء يخرج فيها، هذه تجعلك لست في حاجة إلى تطهير ملابسك فقط، وبذلك ستخفف عليك نسبة خمسين أو ستين بالمائة من المشكلة.
أما موضوع تجديد الوضوء فهو لابد منه، وغسل الذكر والخصية أيضا لابد منه؛ لأنه طبعا النبي عليه الصلاة والسلام في حديث علي - رضي الله عنه – عندما سأله المقداد بن الأسود قال: (يغسل مذاكيره – أو ذكره – وخصيتيه)، والعلماء يقولون غسل الخصيتين لأنهما عادة إذا ارتفعت فيهما درجة الحرارة فإن ذلك يكون سببا في تدفق المذي من الإنسان، أما إذا كانت درجة الحرارة منخفضة فإن هذا يقلل من نزول المذي؛ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بغسلهما من باب التبريد لهما، وإلا فهما لا علاقة لهما أساسا بالإنزال؛ لأن الإنزال يكون عن طريق الذكر، أما هذه فليست لها علاقة بالإنزال المباشر، إلا أنه إذا ارتفعت الحرارة نتيجة التفكير في شهوة أو نتيجة حرارة الجسم فإن هذا يخرج، ولذلك أقول:
ما عليك إلا أن تفعل ذلك، فإذا ما أردت أن تتوضأ ولابد لك من ذلك لأنه لا خيار، فعليك أن تغسل الذكر والخصيتين، ثم تستبدل هذه القطعة بأن تضعها في أي مكان، وتصلي ثم تعود إليها مرة أخرى حتى لا تحتاج إلى غسيل ملابسك الداخلية أكثر من مرة مما يؤذيك أو يلحق بك الضرر.
إذن هل السبب راجع لحالة مرضية أم إلى حالة طبيعية؟ فهي حالة طبيعية كما ذكر لك الدكتور، وليس هناك شيء، وموضوع تجديد الوضوء وكيف يمكنك حله شرعا وهل بالتيمم أم بتأخير الصلاة؟ لا بالتيمم ولا بتأخير الصلاة؛ لأن التيمم له شروط إن وجدت صح التيمم، الآن وجود الماء واستعماله غير متعذر وأنت لست مريضا ففي هذه الحالة لا يجوز لك أن تتيمم - بارك الله فيك - .
وتجتهد أن تصلي الصلاة في أوقاتها جزاك الله خيرا - قدر استطاعتك – من باب فاتقوا الله ما استطعتم.
إذن عليك المحافظة على الصلاة، وعليك بالصلاة في أوقاتها قدر استطاعتك، وتحرص ألا تؤخر الصلاة عن وقتها؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها من الكبائر، ونسأل الله أن يغفر لنا وإياك وأن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدينا جميعا صراطه المستقيم، وأن يحبب إليك الإيمان وأن يزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ولمزيد الاستفادة، راجع التعامل مع سلس المذي شرعيا في هذه الاستشارة : (274616).
وبالله التوفيق.