السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نفسي تريد التوبة، ولست راضية عنها، وقد بعدت عن ربها شهورا بعد ما ذاقت حلاوة الإيمان وأقصى درجات القرب من الله، وأحاول البحث عن الحلول، ولكني لم أجد، وقد بدأت بعصيان الله في ذنوب لم أفعلها قط، وإنما طغت غريزتي الجنسية علي، فبدأت بالبحث على الإنترنت عن معلومات حول ذلك، ولكن مشاعري وأحاسيسي كانت عادية، وفي أعماقي صوت يناديني بالعودة.
بعد فشلي في الثانوية فقدت الثقة بالله، وضعف إيماني بعد أن كنت واثقة ومؤمنة ومتوكلة على الله، وقد صدمتني النتيجة، وتوالت بعدها الأمور، ولكني أملت أن أصلح حالي مع الله في رمضان، إلا أن حالتي ساءت أكثر، وانتهى رمضان على نفس الحالة، وأصبحت مقصرة في صلاة فروضي، وبدأت الجامعة في تخصص لم أفكر به مطلقا، ولكن بعد استخارة الله رب العالمين تيسر لي هذا الأمر.
أشعر الآن بأن قلبي قاس جدا، وأريد أن تعود نفسي التي تدمع دوما عند ذكر الله. فلماذا أعيش هذه الحالة من اليأس والجحود؟ وما سبب قسوة القلب عن ذكر الله بعد الإيمان والقرب الذي عاشه؟
أريد المساعدة من كل النواحي نفسيا.. إيمانيا.. روحيا.. دراسيا.. صحيا.. اجتماعيا.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ التائبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن مفتاح الخير عندك هو العودة إلى الله، وأبشري فإنه سبحانه يقبل التوبة عن عباده، وأنت ولله الحمد على خير كثير، والدليل على ذلك هو شعورك بالخلل الحاصل، فإن شعورك بالخلل هو أول وأهم خطوات العلاج، فاستعيني بالله، وتوكلي عليه، واعلمي أن التوفيق بيده وحده سبحانه.
نحن إذ نرحب بك في موقعك بين آبائك وإخوانك ندعوك للبحث عن الأسباب، فإن معرفة السبب تساعد في إصلاح الخلل والعطب، فهل بدلت الصديقات؟ وهل توسعت في النظر وفي التعامل مع الشباب؟ وهل عشت في فراغ؟ وهل وجدت فرص الوحدة والغفلة؟ وهل وقعت في ذنوب ولم تتوبي فجرتك إلى ما بعدها؟ وهل ابتعدت عن والديك؟ وهل وهل؟
أرجو أن لا تعطي مشاعر اليأس فرصة، فإنها من الشيطان الذي همه أن يحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم إلا بشيء قدره مالك الأكوان، وباب الرجوع مفتوح، ورحمة الله تغدو وتروح، والله سبحانه سمى نفسه توابا ليتوب علينا، وسمى نفسه رحيما ليرحمنا، وهو سبحانه يفرح بتوبة من يتوب إليه، فعجلي بالرجوع إلى الله، ولا تتركي أبواب الرحمة وتظهري التضجر.
اعلمي أن للشيطان مداخل إلى نفس الإنسان، فعامليه بنقيض قصده، وأكثري من ذكر الله، واحشري نفسك في زمرة الصالحات، واشغلي نفسك بتلاوة القرآن وحضور المحاضرات، ولا تفرضي على نفسك الحصار الاجتماعي، واضحكي مع من حولك، واعلمي أن الرسوب أو التأخر ليس نهاية المطاف، ولولا الرسوب لما أدرك الناس حلاوة النجاح.
كوني على علم بأن معظم الموهوبين تعرضوا لنكبات، لكنهم جعلوها محطات هامة في طريق النجاح، وتذكري أن المؤمنة ترضى بقضاء الله وقدره، وترى سعادتها في مواضع الأقدار.
هذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بالمسارعة في طرد وساوس الشر والسوء، وعليك بكثرة اللجوء إلى الله، ومرحبا بك في موقعك مجددا. نسأل الله أن يرزقك الخشوع له، والخضوع لأمره، وأن يصلح حالنا وحالك.
وبالله التوفيق والسداد.