محتارة بين الدراسة والتفرغ لحفظ كتاب الله، أفيدوني.

0 380

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا أكملت الثانوية والآن أواجه مشكلة الاختلاط، وقد من الله علي بفضله واستقمت ولبست النقاب؛ لذلك قررت الالتحاق بمعهد للبنات فقط، ولكنني لم أجد إلا واحدا ووقته هو نفس وقت ذهابي للمسجد لحفظ القرآن، وليست كل المعاهد ممن يقبل فيها المنتقبات، وأواجه ضغوطا من أمي، كما أن هذه الشهادة لن أشتغل بها، إنما هي لتعلق على الحائط، فهل قراري بالتفرغ لحمل كتاب الله وترك الدراسة صحيح؟

وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يمن عليك بحفظ القرآن الكريم، وأن يجعلك من الداعيات إليه على بصيرة، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يمن عليك بزوج صالح يأخذ بيدك إلى طاعته سبحانه ورضوانه والجنة في الآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فإنه لشيء عظيم حقا أن يسمع أو يقرأ الإنسان هذه الأخبار الطيبة الرائعة التي تشرح الصدر وتثبت الإيمان في القلب، إذ أنه ما من يوم يمر إلا وتقوم عشرات الأدلة والبراهين على أن هذا الإسلام بإذن الله تعالى سوف ينتشر في أنحاء الدنيا، وسيخرج الناس من الكفر ليدخلوا جميعا في دين الله أفواجا، فأسأل الله أن يبارك فيك وأن يجعلك من البراعم الإيمانية الراقية التي تحمل هم الإسلام، وتحافظ على شعائره وتطبقه مهما كانت التضحيات.

فالحمد لله أن من الله -عز وجل- عليك بالاستقامة ومن عليك بالنقاب، وأكرمك الله تعالى بأن قررت الالتحاق بمعهد الفتيات فقط، والمشكلة عندك الآن أنك هل تتفرغين لحفظ القرآن أم تواصلين الدراسة رغم أنها قد لا تكون مجدية؟

أقول: كون هناك معهد يقبلك من المعاهد التي تعلم علوم الدنيا، فأرى أن ذلك الآن أولى، أولا تطييبا لخاطر أهلك؛ لأننا لا نريد أن يقال بأن المنتقبات أو الملتزمات عاطلات ولا يحملن مؤهلات ولا شهادات، هذا المعهد -إن شاء الله تعالى- قد تكون الدراسة فيه دراسة دنيوية، ولكنه في يوم من الأيام قد تحتاجين إليها، خاصة وأنها قطعا ستوسع مداركك، وما دام لا يوجد هناك اختلاط فهذا -الحمد لله- نعمة من نعم الله تعالى، فأنا أرى أن تحافظي على المعهد وأن ترتبي وقتا لحفظ القرآن الكريم.

فإذا كان المسجد هو الذي يقوم بهذا الدور الآن، فمن الممكن -بارك الله فيك- أن تجتهدي لتجمعي ما بين الحسنين، بمعنى أنك حتى لو تخلفت عن المعهد لتذهبي إلى المسجد حتى تستطيعي مثلا أن تراجعي مراجعة سريعة لما حفظته بالتسميع، وكذلك أيضا مسألة حفظ الجديد أو تصحيح الجديد، وبقية الأسبوع تنشغلي في الدراسة، والدراسة ما دام معهدا أتصور أنه لن يزيد عن سنتين دراسيتين، وبعد ذلك ستكونين متفرغة بإذن الله تعالى، لأني لا أريد لك أن تكوني ضعيفة، ولا أريد -كما ذكرت- أن يقول عامة الناس بأن هؤلاء الملتزمين لا يحبون العلم ولا التعليم ولا يشجعون على الثقافة، فإن السهام كثيرة، والأعداء كثر وأكثر.

فأنا لا أريد حقيقة أن ينال أحد من الإسلام نتيجة هذا الظرف الخاص، ولذلك أقول: التحقي بهذا المعهد واجتهدي غاية الاجتهاد في الدراسة، وأتمنى أن تكوني الأولى على هذا المعهد -بإذن الله تعالى- أو على الأقل من الأوائل، حتى تثبتي أن النقاب ليس عائقا عن التقدم، وليس عائقا عن التميز، وليس عائقا عن النبوغ والتفوق؛ لأن بعض الناس يقول: المرأة المتنقبة هذه تغطي عقلها كما تغطي وجهها، فنريد أن نقول لهم: أيها السفهاء إن النقاب نعمة من الله -تبارك وتعالى- عظيمة، وأن أذكى الناس وأتقى الناس وأعلم الناس وأفضل الناس إنما هم الملتزمون؛ سواء كانوا رجالا أم نساء.

إذن نحن نثبت بالتفوق العلمي أن الإسلام قادم بإذن الله تعالى، وأننا لسنا معاقين ولا معوقين، وأننا قادرون بإذن الله تعالى على أن نثبت أننا أفضل الناس، وأننا أكفأ الناس، وأننا أعظم الناس.

فأرى -بارك الله فيك- أن تلتحقي بهذا المعهد ما دام للبنات فقط، وموضوع المسجد ولو أجلناه قليلا سيكون ذلك خيرا، فلا مانع من ذلك، ونجمع ما بين الحسنيين في هذه الحالة، فإن استطعت أن تجمعي ما بين حفظ القرآن وبين المعهد في ذات الوقت فحسن، وإن طلبت من المسجد إذا كانت هناك فرصة لتغيير وقت الدراسة مثلا بالنسبة لك خاصة، فهذا يكون حسنا، فتشرحي للأخت المشرفة على المسجد وتخبريها بهذا الظرف الخاص بالنسبة لك، ولعل الله -تبارك وتعالى- أن يوفقها لإيجاد سبيل بالنسبة لك، حتى وإن لم يتيسر ذلك فلو كنت قد حفظت شيئا من القرآن، وتحافظي عليه الآن، ولتجعلي القرآن أهم شيء، ولا تنسي ما حفظته من القرآن، وحتى وإن لم تحفظي جديدا، وفي العطلات تستطيعين أن تعوضي ذلك -بإذن الله تعالى-.

وتدخلين هذا المعهد بنية خدمة الدين، ليس بنية الحصول على شهادة تعلق على الحائط، وإنما بنية خدمة الدين ورفع راية الإسلام والتحدي، وإثبات أن المسلمة المنتقبة ليست أقل أبدا من غيرها، بل هي أفضل من كل إنسانة أخرى ليست ملتزمة بشرع الله تعالى.

إذن: هذه معركة أتمنى أن تحسميها لصالح الإسلام، وأن تقبلي هذا التحدي، وأن تثبتي -بإذن الله تعالى- أنك من أكفأ الطالبات إن لم تكوني الأولى، وهناك فرصة كبيرة للدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى-، فأنت تستطيعين الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- ما بين أخواتك الفتيات وتعطيها فرصة عظيمة بالنسبة لك أن تؤسسي هناك لبنة إسلامية طيبة تنتشر أنوارها -بإذن الله تعالى- في بيوت كثير من المسلمين؛ لأن كل فتاة من زميلاتك ستكون غدا أما وستؤسس بيتا وتكون زوجة، فلعل الله -تبارك وتعالى- أن يجعل فرصة المعهد فرصة عظيمة للدعوة إليه سبحانه، وتكسبين من ورائها أجرا عظيما.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأله لك الهداية والرشاد، وأن يجعلك من الداعيات إليه على بصيرة، وأن يثبتك وأن يجعلك قدوة صالحة وأسوة حسنة لأخواتك المسلمات.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات