السؤال
زوجي يخونني مع أخريات، عرفت هذا بعد تجسسي على رسائل هاتفة، ماذا أفعل؟ أعينوني وارحموني يرحمكم الله أصارحه أو أسكت؟ ولا أستطيع التحمل خاصة حين يجاملني أو يجامعني أحس منه النفاق، هذا فظيع.
مع العلم أن لنا 19 سنة من زواج سعيد، وبنتان في 13 من عمرهما، أنا حزينة جدا، أكثر هذه الأيام من الصلاة والدعاء، أعينوني وجزاؤكم على الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يذهب عنك هذه الوساوس، وأن يرزق زوجك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يغفر له وأن يتوب عليه، وأن يديم بينكما السعادة والمودة والرحمة، وأن يعيد إليك الثقة في زوجك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فاتهام الزوج بمثل هذه الجناية أمر عظيم وخطير، ولذلك أتمنى أن تكوني على يقين من هذا الكلام؛ لأن هذه الإيميلات التي تتحدثين عنها لا يلزم منها أن تكون دالة على أن هناك خيانة بمعنى الزنا الحقيقي، وإنما قد يكون مجرد كلام أو مداعبات، وهذا قد يحدث أحيانا خاصة في مثل هذه المرحلة من السن أن الإنسان قد يبتلى بالرغبة في فتح علاقات جديدة مع نساء أخريات، ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون هناك زنى أو تكون هناك فواحش، فبعض الناس قد تكفيه الكلمة الطيبة أو تكفيه المزحة العابرة أو تكفيه العبارة التي يعلق عليها بتعليق خفيف أو ظريف، ولا يزيد الأمر أكثر من ذلك، والبعض قد يتجاوز ذلك فعلا إلى حد الوقوع في الفواحش وإقامة علاقات محرمة ما أنزل الله بها من سلطان.
نعم أنا معك يقينا بأن الحالة الأولى والثانية كلاهما حرام، فكما أنه لا يقبل على نفسه أبدا ولا يرضى أن تقيمي أنت علاقة مع غيره أو أن ترسلي رسائل بهذا المستوى إلى غيره، فإنه لا ينبغي أبدا أن يقع في مثل ذلك، خاصة وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عفوا تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم)، فالمسألة قصاص، فإذا كنت أريد أن تكوني زوجتي عفيفة فاضلة، فينبغي علي أن أكون كذلك حتى لا يعاقبني الله تبارك وتعالى في عرضي الذي تعرضت لعرض الآخرين فيهم، ولذلك أقول:
لا بد لنا أن نتأكد من ذلك قبل أن تفتحي معه الكلام، ثم إذا تبين لك صدق ذلك وأن هذا الكلام حق، وهذا الأمر يحتاج أيضا إلى عدة مراحل، فأنت لا بد أن تتبيني قبل أن تتكلمي معه، إذا ثبت ذلك يقينا وتأكد من أن هذه العلاقات محرمة وأن هناك أشياء لا ترضي الله سبحانه وتعالى فلننتقل إلى المرحلة الثانية وهي:
مسألة دراسة حال زوجك أيضا، فإذا كان زوجك من النوع العصبي الذي لا يقبل منك، وقد يجعل من الحبة قبة، بل وقد يعصف بالأسرة كلها نتيجة هذا الكلام، فأرى أن تصبري، وأن تبحثي عن أحد يتكلم في هذا الموضوع معه ولو بطريقة غير مباشرة، أو تتصلي بهؤلاء النسوة اللواتي تجدين عناوينهم في جهاز موبايل زوجك ترسلين لهم رسائل حتى وإن كان من جهاز آخر، فمن الممكن أن تستعملي الطريقة الغير مباشرة تأخذين جهازا من أي أخت سواء كانوا من زملاء العمل أو غيره وتبدئين ترسلين لهؤلاء النسوة تذكرينهن بالله تبارك وتعالى وتخوفينهن من عقاب الله، وتخبرينهن بأن هنالك جهات تراقبهم وأنه ينبغي عليهن أن يتقوا الله تعالى، لاحتمال أن يكون هذا الأمر من الوسائل الغير مباشرة التي تساعد على الحل.
وإذا كان زوجك من النوع العاقل ومن النوع الواعي والذي جرت العادة بأن يستمع إليك وأن يقبل كلامك، فأرى أن تواجهيه بهدوء ولطف، تسألينه تقولين له: هل وجدت في من نقص أو عيب أو خلل؟ هل وجدت في تقصيرا في حقك؟ إذا قال: نعم، فقولي له: ما هو هذا التقصير وبين لي ذلك، فيقول: لماذا السؤال؟ فقولي له: لأني حقيقة بقدر الله تعالى بينما أنا أنظر في جهازك بطريقة غير مقصودة وجدت أن هناك رسائل تدل على أنني مقصرة – لا تقولي على أنك خائن وإنما على أني مقصرة – وقطعا سينكر، فقولي له: الرجل عندما يتصل بامرأة أخرى ويتكلم معها هذا الكلام الخاص معنى ذلك أنه يرى قصورا في بيته، وكان الواجب عليك أن تخبرني بذلك حتى أتهيأ وأستعد وألتفت إلى خطئي فأعود إلى صوابي؛ لأن هذا من حقك علي.
وتكلمي معه بهدوء، واعلمي أنه يبقى الحب ما بقي الحوار، فما دام الحوار قائما فالحب سيظل أيضا قائما، وما دامت قنوات الحوار مفتوحة فالعلاقة الزوجية ستظل قائمة وفي أقوى صورها وحالاتها، أما لو أغلقنا باب الحوار فإننا قطعا سنحكم بالفناء على أي محاولة.
فأتمنى - بارك الله فيك – إذا كنت واثقة بأن زوجك - بإذن الله تعالى – رجل لديه القدرة على أن يسمع منك وأنه جرت العادة بالتفاهم والحوار بينكما فاعرضي عليه الأمر ولكن بالتخفيف – كما ذكرت – بالسؤال الأول: هل أنا مقصرة في حقك في شيء؟ وافتحي هذا الباب وادخلي منه لكي تعرفي الحقيقة؛ ثم بعد ذلك إذا أقر واعترف قولي له: (عفا الله عما سلف، وأنا قد سامحتك وعفوت عنك، ولكن تعاهد الله تعالى ثم تعاهدني على ألا ترجع إلى ذلك أبدا، وإن وجدت هناك نوعا من الضعف والرغبة في هذا الكلام فتكلم معي فأنا زوجتك وأنا حلالك ويسعدني أن تتكلم معي أي كلام).
أما إذا لم يكن كذلك فأرى أن تصبري وأن ترسلي رسائل – كما ذكرت – لهؤلاء النسوة بعيدا عنه؛ لعل أنفسهن أن يقلعن عن الاتصال به ويقتنعن بكلامك، وبذلك تكونين قد منعته من الحرام بطريقة غير مباشرة.
إذا لم يفد لا هذا ولا ذاك فليس أمامك إلا الصبر والدعاء، واعلمي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا)، وقال عليه صلوات ربي وسلامه أيضا: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال أيضا: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)، فأكثري من الدعاء وألحي عليه، خاصة وأنك الآن مجتهدة في الصلاة، فاجعلي ذلك في سجودك، وثقي وتأكدي من أنه على قدر إخلاصك في الدعاء سوف يعافيه الله تبارك وتعالى من هذا البلاء ويصرف عنه هذه العلاقات المحرمة، وسيعود إليك طائعا مخلصا وفيا بعيدا عما يغضب الله تعالى أو يعكر صفو العلاقة بينكما.
أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأسأله تعالى لزوجك الهداية والرشاد.
والله ولي التوفيق.