الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع زوجتي بالعدول عن الطلاق؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 30 سنة، متزوج منذ سنتين، وعندي طفل، لقد شربت الخمر أول مرة، ولم أعدها، وكانت بسبب أصدقاء السوء، وكان لدي فيديو مع أنثى، ولقد عرفت زوجتي ذلك، وقد طلبت الطلاق على ذلك، هل يحق لها طلب الطلاق؟ وما الحل؟

علماً بأني رجعت إلى ربي، وحالياً لا يوجد شيء من ذلك، وزوجتي تخاف من المستقبل المجهول الذي أنا فيه، هل يمكن أن أرجع وأرتكب ذلك؟ وما الحل؟ أنا لا أريد الطلاق، وأحب زوجتي، فلدي أفضل عائلة، ما الحل لذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يتوب عليك لتتوب، وأن يهدينا وإيَّاك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنك سيئ الأخلاق والأعمال، لا يصرف سيئُها إلَّا هو.

نبشرُك إذا كنت صادقًا في توبتك، فإن الله يتوب على مَن تاب؛ لأن التوبة تجُبُّ وتمحو ما قبلها من الذنوب، وأن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وأن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وأن الله يغفر الذنوب جميعًا، وأنه هو الغفور الرحيم، وأنه يُوفق للتوبة لنتوب، وأن خير الخطائين التوابون، ونسأل الله لك الثبات على المضي في الطريق الذي يُرضيه تبارك وتعالى.

اجتهد في إقناع زوجتك بأن هذا الأمر مضى وانتهى، وأنك تائبٌ إلى الله تبارك وتعالى، ونقول لابنتنا أيضًا: من الضروري أن تصبر عليك، وتُعينك على الثبات، ونتمنّى أن تُشجّع تواصلها مع الموقع، حتى تسمع النصيحة.

إذا كانت الأسرة طيبة وأنت -ولله الحمد- تُبت إلى الله، وتزوجتَ ولك منها طفل، فلا معنى لاستعجالها، ولا معنى لتنبيش الماضي الذي كان فيه مخالفات، فالزوج والزوجة يسألون عن بعضهما قبل الزواج، فإذا تأكدوا أن الأمور طيبة، وأنهم أصحاب دين؛ فليس لنا بعد ذلك بأن ننبش الماضي، ولا نفتح صفحات اللهُ تعالى سترها.

ننصحك بالتخلص من كل آثار المخالفات، ومن كل الصور، ومن كل ما يُذكرك بالمعصية، بل نُخبرك بأن البُعد عن رفقة المعصية، وبيئة المعصية، وصور المعصية، وآلات المعصية، وأرقام المعصية؛ كلُّ ذلك ممَّا يُعين الإنسان على الثبات، قال تعالى لنبيه وللأمّة: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) [المدثر: 5] يعني المعصية، وقال تعالى في حق مَن يظلم نفسه بالكفر وبالمعاصي: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا) [الفرقان: 27-29].

إذا كنت لا تريد الطلاق، فهذا ما نرجوه، وهنا تتجلى حكمة الشريعة التي جعلت أمر الطلاق بيد الرجل حتى يُحسن التصرف، ونسأل الله أن يهدي زوجتك إلى الخير، ونتمنّى أن تُشجع تواصلها، حتى تسمع مِنَّا النصائح والتوجيهات، ونسأل الله أن يوفقكما، وأن يرفعكما عنده درجات.

ننصحك حقيقة بشدة الإقبال على الله؛ لأن مَن يُقنع الناس ويُقنع الزوجة أنك تغيرت هو حرصك على الصلاة، والصلاح، والقرآن، وبُعدك عن رفقة السوء، وانتباهك لأهلك وأسرتك، كل هذه الأشياء إذا صدقت فيها مع الله؛ فإن الله تبارك وتعالى يملك قلب زوجتك وقلوب الناس جميعًا، نسأل الله أن يُصرّف قلوبنا جميعًا إلى طاعته، وأن يُؤلِّف بين قلبك وقلب زوجتك، وأن يُصلح ذات بينكما، وأن يغفر لنا ولكم الذنوب والزلّات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً