السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد بعثت لكم سابقا عن مشكلتي في تقدم الكثيرين من الشباب لخطبتي ثم تركهم لي دون كلمة اعتذار، وأن هذا الموضوع يؤلمني كثيرا، وقلتم لي بأنها ربما تكون من أعراض السحر أو الحسد، واتبعت الرقية الشرعية ولله الحمد.
ولكن المشكلة تزايدت عندما تقدم لي أخو صديقتي المقربة ورآني من خلال الرؤية الشرعية وأعجب بي واتفق مع أهلي على كل شيء حتى موعد الخطبة، ثم ذهب هو وأهله دون رجعة، ودون كلمة اعتذار من أخواته، وانتهت علاقتي بصديقتي.
وفي نفس الوقت تقدم لي شخص آخر عن طريق أناس موثوق بهم ولكن الموضوع انتهى قبل أن يبدأ، وهكذا يتكرر كثيرا حتى كدت أن أكره هذا الموضوع بأكمله، وأعلم بأن هذا ابتلاء من الله ولكني مستغربة ممن يتلاعبون بمشاعر الفتيات بهذه الطريقة، فحسبي الله ونعم الوكيل.
علما بأني لا أضع في حسباني موضوع السحر؛ لأن الضر والنفع بيد الله، ولكن نفسيتي دمرتها الأحزان، فلم يعد لي صديقة أو أحد أشكو إليه همومي، وربما أحتاج للزواج لأني أصغر أخواتي وكلهن تزوجن - ولله الحمد - وكل منهم مشغول بحياته الخاصة، وأصبحت حياتي فارغة رغم أني أتعلم القرآن وأعمل.
فأرجو منكم الدعاء أن ييسر الله لي الخير وأن يوفقني.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين، وأن يكرمك بتحقيق أمنيتك، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يعوضك خيرا عما فقدته، ويعوضك خيرا عن تلك التجارب السابقة المؤلمة المريرة، وتسعدين معه سعادة الصالحين، وترزقين منه بذرية صالحة طيبة مباركة.
وأحب أن أبشرك بأني قد دعوت لك وكذلك إخواني الذين اطلعوا على رسالتك قد شاركوني ذلك، وأحمد الله تعالى أنك تؤمنين بقضاء الله وقدره، وأن كل شيء بقدر الله وأن المعطي والمانع هو الله، فهذه العقيدة تريح الإنسان غاية الراحة، لأني عندما أعلم أن الأمر بيد الله وحده وأنه لا يمكن أبدا بحال أن يقع شيء دون إرادة الله فإنني أستريح؛ لأن الأمر ما دام من عند الله فلن أضيع؛ لأن الله رحمن رحيم وبر وجواد وواهب.
واعلمي أن الله تبارك وتعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وهو أرحم بالإنسان من أمه التي ولدته، فما دام الأمر عنده تعالى فنحن في مأمن؛ لأن الله تبارك وتعالى رحمن متفضل كريم جواد بر وهاب محسن، وأنعم علينا بهذه النعم العظيمة دون سؤال منا ونحن لا نستحقها، ولكنه محض فضله لأنه كريم جل جلاله وتقدست أسماؤه في عليائه، فما دمت تؤمنين بأن الأمر بيد الله وأن كل شيء بيد الله فهذه نعمة من نعم الله أكرمك الله بها.
وأما عدم التوفيق مرة أخرى فقد قال الله تبارك وتعالى: ((إنا كل شيء خلقناه بقدر))[القمر:49]، وقال أيضا: ((وخلق كل شيء فقدره تقديرا))[الفرقان:2]، وقال أيضا: ((وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم))[الحجر:21]، ومعنى هذه الآيات أن الله تبارك وتعالى قدر نزول المقادير في مكان معين وفي زمان معين، ولا يمكن أبدا لأي قوة مهما عظمت أن تغير هذا الأمر إلا إذا أراد الله ذلك، فهناك لكل قدر من أقدار الله تعالى مكان وزمان، فلعل هذه المحاولات التي جرت كلها لم توافق الزمان الذي حدده الله تعالى.
ولذلك أتمنى منك أن لا تشغلي بالك بهذا الأمر، ولك عند الله زوج سوف يأتيك، فلا تشغلي بالك بمن يذهب ومن يجيء، وقد لاحظت أنك متألمة جدا من عدم الاعتذار، ولم أسمع عن واحد يتقدم لخطبة أخت ثم لا يكون بينهما توفيق فيتصل ليعتذر، بعضهم يستحي أصلا حتى لا يجرح مشاعرهم فيذهب ولا يرجع، فأرجو أن تعتبري أن الأمور طبيعية، وموضوع الاعتذار ليس عند كل الناس، وقد يحدث من بعض الناس أنهم يعتذرون لكن ذلك نادر.
وأما فيما يتعلق بالرقية فأتمنى أن تواصلي الرقية لاحتمال أن تكون هذه الرقية إلى الآن لم تكن في قوة دفع البلاء؛ لأن الرقية من عوامل دفع البلاء ورد القضاء كالدعاء، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، أحيانا الدعاء لا يرد القضاء؛ لأن القضاء يكون أقوى والدعاء يكون ضعيفا فينزل القضاء، ولكن ينزل مخففا، والرقية الشرعية تحاول أن تدفع القضاء، ولكن إذا كانت أقل أو أضعف فإنها لا تستطيع أن تمنعه من النزول.
فكرري الرقية لأن الله تبارك وتعالى أمرنا بالأخذ بالأسباب ووعدنا أن لا يضيع عمل عامل، فالرقية الشرعية هي من الأسباب، واعلمي أن هناك رجلا جعله الله من نصيبك، وسوف يأتيك إن آجلا أو عاجلا، ولكن لن يأتي إلا في الوقت الذي قدره الله، وأوصيك بالإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بنية قضاء الحاجة، وصل صلاة الحاجة وادعي الله بما تيسر لك من الدعاء، وناجه وألحي عليه في الدعاء.
نسأل الله لك التوفيق والسداد والسعادة في الدنيا والآخرة وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
والله الموفق.