حقيقة الغرور والأنانية وكيفية علاجها

0 371

السؤال

السلام عليكم.
يتهمني أهلي بأني مغرورة وأنانية، ولا أعلم سبب ذلك، وأرى أن عكس ذلك هو الصحيح، حيث أفكر كثيرا فيهم جميعا، وأسعى أن تكون عائلتنا كلها دوما إلى الأفضل، فأرجو منكم توضيح مفهوم الغرور والأنانية، وإن كنت بالفعل كذلك فكيف أتحسن إلى الأفضل؟
حفظكم الله وبارك فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإننا ندعوك إلى عدم الالتفات لكلامهم، ونسأل الله أن يحقق آمالك وأن يصلح حالنا وحالهم، ومرحبا بك في موقعك بين آباء وإخوان جندوا أنفسهم للاستماع لشباب الأمة والأخذ بأيديهم.

ونحن على ثقة بتوافر الروح الإيجابية عند شبابنا، ولعل أكبر دليل هو هذا التواصل مع الموقع، ونبشركم بأنه سوف يأتي اليوم الذي يتفهم فيه الكبار مشاعر الشباب، فلا تنزعجي من كلامهم فإن كلامهم لن ينتهي، ورضاهم غاية لا تدرك، ومن هنا كان اهتمام العقلاء والفضلاء بإرضاء الله، وإذا رضي الله عن الناس أقبل بقلوب العباد إليه وألقى له القبول في الأرض، قال تعالى: (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ))[مريم:96].

وأنت بلا شك مشكورة على مشاعرك الطيبة، وأرجو أن تتدرجي معهم وترفقي بهم حتى يصلوا إلى المراتب العليا، وتذكري أن الأمر يحتاج إلى وقت وصبر، وركزي على التشجيع وليس على التوبيخ، واقبلي منهم القليل واشكري لهم وسوف يأتيك الخير الكثير.

والغرور هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه الطبع عن شبهة وخدعة من الشيطان، فمن اعتقد أنه على خير في العاجل أو في الآجل عن شبهة فهو مغرور، وأكثر الناس يظنون بأنفسهم الخير وهم مخطئون فيه، فأكثر الناس إذن مغرورون وإن اختلفت أصناف غرورهم، هذا هو تعريف الإمام الغزالي للغرور، والناس يتوسعون في هذه المسألة، فقد يسمون المتكبر مغرورا، وقد يسمون المعجب مغرورا، وهو خلق سيء، فإذا كان فيك شيء من تلك الصفات فأعلني التوبة ليس لأجل كلامهم ولكن لأن الله حرم هذه الصفات السيئة.

وأما بالنسبة للأنانية فالمقصود بها حب الإنسان لنفسه ورغبته في أخذ حقوق الآخرين، والمسلمة تؤثر أخواتها وإخوانها على نفسها، كما مدح الله الأنصار فقال: (( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ))[الحشر:9].
وأنت بتوفيق الله بعيدة عن الأنانية؛ لأنك تحبين الخير لأهلك وأسرتك، وسوف تتضح لهم نواياك الطيبة.

وكل الصفات السيئة يستطيع المسلم أن يتخلص منها إذا تمسك بهذه الشريعة وعالج تلك الأمراض بأضدادها، فعلاج الأنانية بالتدرب على الإيثار، وعلاج الغرور بالتواضع واتهام النفس ومعرفة حقيقتها، فإن عجز الإنسان عن تغيير تلك الصفات تكلف تقليد الأفاضل حتى يصبح ذلك عادة له، ثم تتحول العادة إلى سجية، فإن عجز عن ذلك غير مجاري تلك الصفات وحورها وحولها، فيجعل غضبه لله وتبختره في موطن يرضي الله ويظهر فيه عزة المسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن) أي: في الجهاد.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه والإكثار من طاعته وذكره، نسأل الله لك الهداية والثبات.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات