السؤال
زوجي يريد الذهاب لأداء فريضة الحج وكان سيأخذني أيضا لأدائها، ولكن بعد مشاورة والدته رفض أخذي بحجة خطورة أخذ أولادنا معنا للحج، مع العلم بأني مغتربة في السعودية وفرصة الحج هذه لن تتكرر. وأنا الآن أشعر بالحزن الشديد، واتبعت كل الطرق معه ولكن لم تجد نفعا، وقد تكاثرت همومي (غربة+حرمان من الحج)مع العلم بأنه أدى العمرة ثلاث مرات ولم يأخذني لحد الآن نهائيا. فما حكم الشرع في ذلك وهل هناك دعاء أدعوه لتيسير الحج لي.
أرجو منكم الدعاء وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مملوكة لله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك وأن يشرح صدرك، وأن يكرمك بالحج هذا العام، وأن يعطف عليك قلب زوجك لأخذك وأولادك في هذه الرحلة الطيبة المباركة.
وبخصوص ما ورد برسالتك - بارك الله فيك – من أن زوجك يريد الذهاب لأداء فريضة الحج هذا العام وكان سيأخذك إلا أنه بعد مشاورة والدته رفض أخذك بحجة خطورة أخذ أولادكم معكم، إلى غير ذلك.
أنا أقول: أولا اسمحي لي أن أوجه كلامي لزوجك إذا كان من الممكن أن يقرأ هذه الرسالة.
أقول له - أخي الكريم الفاضل -: إن إعانتك امرأتك على طاعة الله تبارك وتعالى لك فيه أجر عظيم، والدال على الخير كفاعله، ولك مثل أجرها غير أنه لن ينقص من أجرها شيء، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (من فطر صائما كان مغفرة لذنوبه وعتقا لرقبته من النار، وكان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء). كذلك أنت - إن شاء الله تعالى – إذا أخذت زوجتك معك فإن لك حجة بجوار حجتك، فكأنك حججت مرتين - بإذن الله تعالى -.
ثانيا: النفقة التي ستنفقها على زوجتك وعيالك قطعا ستعود إليك كلها كاملة غير منقوصة، أضعافا مضاعفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة)، والعلماء يقولون بأن الإنسان إذا خرج حاجا أو معتمرا وأنفق ما أنفق من الأموال فإن الله يردها عليه في نفس العام، فمن ناحية المادة أنا أبشرك بأن الله تبارك وتعالى وعدك على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أن يعوضك عوضا كبيرا عن ذلك.
أما من حيث خطورة أخذ أولادك معك فهذا غير صحيح، فإن الحج الآن - من فضل الله تعالى - سهل ميسور، ومن فضل الله تعالى ورحمته الرمي الذي كان من أكبر المعضلات أصبح من أيسر أمور الحج، واذهب وسترى بنفسك حتى لا تندم، لأني واثق من أنك إذا ذهبت هناك ووجدت الخدمات الجديدة التي تقدم للحجيج سوف تندم ندما شديدا على أنك لم تأت بزوجتك وأولادك، وأقول لك: أنا مجرب، لأني حقيقة أنا أذهب عضوا في البعثة الرسمية للملكة العربية السعودية لمدة عشرين عاما إلى الآن، فرأيت ذلك بنفسي، والعام الماضي رأيت ذلك بنفسي، وهذا العام كما جاءنا من الأخبار عن الترتيبات التي أقامتها المملكة – حفظها الله وأيدها الله تعالى – شيء حقيقة يجعل من الصعب جدا أن توجد هناك زحمة.
على ضوء ذلك أنا أرى أن تأخذ زوجتك وأولادك معك، واعلم أن الله تبارك وتعالى سيكون معك؛ لأن (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله)، فكل إنسان ضعيف تقف معه فإن الله تبارك وتعالى سيمدك بمدد من لدنه، سواء كان ذلك المدد ماديا أو كان مددا نفسيا أو بدنيا، وأتمنى ألا تحرم زوجتك من هذه الفرصة المباركة، لأنك تعلم أنك رجل مغترب في هذه البلاد وقد يقدر الله تبارك وتعالى أي ظرف طارئ فتخرج من هذه البلاد، رغم أنه كان من الممكن أن تعين زوجتك على أداء هذه المناسك وتلك العبادة العظيمة الرائعة.
أما بالنسبة للأخت الكريمة وسؤالها: هل هناك من دعاء؟ فحقيقة لا يوجد دعاء معين لهذا الأمر إلا دعاء التيسير العادي، فيمكنك أن تقولي (اللهم أكتب لي الحج ويسره لي وأعني على أدائه، اللهم اشرح قلب زوجي لأخذي معه)، واجتهدي (اللهم يا مدبر كل أمر عسير دبر لي فإني لا أحسن التدبير)، واجعلي هذا الكلام على لسانك طول النهار، وصلي على النبي عليه الصلاة والسلام بنية أن الله يشرح قلب زوجك ويجعل لك نصيبا في الحج هذا العام. لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال أيضا: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء).
اجتهدي - بارك الله فيك – في الدعاء، والدعاء عام كما ذكرت، ولكن أخص (اللهم يا مدبر كل أمر عسير دبر لي فإني لا أحسن التدبير، اللهم اشرح صدر زوجي لأخذي معه الحج هذا العام، اللهم اعطف قلبه علي، اللهم اجعل في قلبه الرحمة والشفقة علي وعلى أولادي ليأخذنا معه إلى رحلة الحج المبارك هذا العام)، واجتهدي - بارك الله فيك – في هذه الأدعية وغيرها من الأدعية التي وردت خاصة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وأنا واثق أنك ستكونين مع الحجيج هذا العام - بإذن الله تعالى -.
هذا وبالله التوفيق.