الرهاب من زملاء العمل وكيفية التخلص منه

0 485

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب طموح وودود أحب مساعدة الآخرين، كما أنني متفوق دراسيا، ومتميز في عملي، وأتمتع بالإصرار، والكثيرون يقولون لي بأني قوي الشخصية وذكي في فهم الآخرين، وهذا ما سبب لي المشكلة، حيث كانت حياتي تسير على ما يرام وعلاقاتي جيدة مع معظم من أعرفهم، حتى التحقت بالعمل في وظيفة حكومية، وأنا بطبيعتي شخص حسن الظن بالآخرين وأخاف الله، إلا أنني اكتشفت ممارسات فاسدة واختلاسات وتزوير يتم من قبل المسئولين في العمل وبعض الزملاء، وهم يتمتعون بدهاء شديد وقدرة على الإيقاع بالآخرين وتوريطهم دون أن يمسهم شيء.

وقد حصلت لي مواجهات معهم، ولكوني أمثل عقبة بالنسبة لهم فهم يحاولون دائما توريطي وإيذائي، وكثيرا ما كنت أتفاجأ بشدة، وأصاب بالرهبة لطرق احتيالهم معي بشكل لا أتوقعه، ودخلت في إشكالات كثيرة تجاوزتها بفضل الله وبإصراري وعدم انهزامي، إلا أنني كنت أواجه هذه المحن بخوف شديد في داخلي.

وبعد ثلاث سنوات من العمل في هذه الأوضاع التي تتطلب الحذر والتيقظ الدائم أصبت برهاب منهم وخوف من الخطأ، وأفكر كثيرا فيما يمكن أن يفعلوه، وأتعامل بخوف، وأصبت بالحزن والميل للعزلة في المنزل، وأخذت أتفكر في حالي ولا أستطيع النوم، وأشعر بأن شيئا ما غير طبيعي في وضعي، وفقدت الرغبة في العمل أو التصرف بشكل صحيح.

ولم أكن أدري بأنني خائف أو مكتئب أو أمر بحالة نفسية إلى أن قرأت مرة مقالا عن الاكتئاب، فلفت ذلك نظري، وراجعت الطبيب النفسي فوصف لي بروزاك وتحسن مزاجي، إلا أن الخوف الداخلي ظل يلازمني أثناء العمل وخارجه، فراجعت الطبيب وأخبرته بذلك إلا أنه قال لي يبدو لي أنك قوي الشخصية وشجاع، وأضاف لي (فلوناكسول) إلى جانب البروزاك إلا أنه سبب لي نوما زائدا، فتركت الأدوية وشعرت بحاجة ملحة من داخلي لترك العمل والراحة، فأخذت إجازة مفتوحة بدون راتب.

وأخذت أقرأ في الإنترنت إلى أن قرأت إحدى استشاراتكم التي وصفتم فيها عقار الزيروكسات، واشتريته وبدأت باستخدامه بالتدريج وصولا إلى 50 ملجم في اليوم، وشعرت براحة عظيمة وبقوة وشجاعة، وعادت لي ثقتي بنفسي وكأنني ولدت من جديد، واختفى القلق وخفقان القلب ورعشة الجسم، وأدركت كل ما مر بي إدراكا واعيا، وأخذت أستمتع بحياتي وبوقتي وأخذت أقرأ في الكتب الدينية التي تبث العزيمة وكتب التنمية البشرية، وأدركت أن تفكيري المتواصل كان يضخم لي الأمور وأن علي أن أستبدل الخوف بالثقة والتوكل على الله والاستخفاف بالمخاوف وتحري فعل الصواب.

واستمررت لمدة خمسة أشهر ثم أنقصت الجرعة خلال شهرين إلى 10 ملجم، وبعد هذه السبعة أشهر عدت إلى العمل بوجه طلق وروح مرحة وكنت أواجه المواقف الصعبة بسهولة وذكاء، إلا أنه بعد شهرين وبحصول بعض الصعوبات عادت لي المخاوف فبادرت إلى زيادة الجرعة مرة أخرى إلى 40 ملجم وتحسنت من جديد.وأنا الآن مستمر في العلاج وفي عملي إلا أن بعض التخوف يلازمني أحيانا مع رعشة في الجسم وقلق وضيق وألم في الصدر في الأوقات الصعبة، فهل تنصحوني بأي علاج آخر مدعم للزيروكسات أو زيادة الجرعة؟ وكم المدة التي أستمر عليه؟!

علما بأني كلي إصرار على التحسن تماما، لأني صرت أعرف أن كل هذه المخاوف يمكنني تحقيرها والتغلب عليها، ولأن الفساد منتشر في جميع قطاعات الدولة ولابد من التأقلم مع هذا الوضع إلى أن أتمكن من فتح عمل خاص بي ولاحول ولا قوة إلا بالله.

مع جزيل شكري ودعائي لكم بكل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا نسأل الله تعالى أن يزيدك من هذه الخصال الحميدة من طموح وود وحب للآخرين، وقبل ذلك وفوق ذلك طاعة الله تعالى والعمل على ما يرضيه، فبارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ولا شك أنه من نبل خصالك ويقظة ضميرك وتمسكك بالقيم الإنسانية النبيلة والصادقة هي التي جعلتك تتصادم وجدانيا وعاطفيا ونفسيا ومعرفيا مع المحيط الذي تعمل به.

وأنت ولله الحمد مستدرك لمثل هذه الأحوال والصعوبات التي قد يواجهها الإنسان في حياته ويكون قليل الحيلة حيالها، فما دمت أنت مستنكر لهذا العمل حتى ولو بقلبك حتى ولو كان ذلك أضعف الإيمان فإن شاء الله لك الثبات ولك الأجر، وسوف يجعل الله لك مخرجا، تذكر ذلك دائما.

وأعتقد أن وجودك في مثل هذه البيئة هو رسالة للآخرين عسى الله تعالى أن يهديهم وأن توقظ ضمائرهم وأن يفتح الله عليهم بالهداية، فكما ذكرت أمر الفساد هو أمر مستشري والله المستعان.

إذن: أنت بتداركك وتفهمك المعرفي لواقعك والواقع الذي حولك هذا سوف يساعدك بالطبع على التواؤم وعلى التكيف مع هذا الوضع، ولا أقول قبوله بأي حال من الأحوال ولكن هذا الاستنكار الصراخ منك وعدم القبول هو في حد ذاته موقف يجب أن يزيد من دافعيتك وثباتك وقوتك النفسية والوجدانية، وأسأل الله تعالى أن يسهل لك أمرك وأن يجعل لك مخرجا.

وأنت الآن بتناولك للدواء أخذت بالأسباب وهذا أمر طيب؛ لأن الإنسان - كما تفضلت وذكرت - ربما يكون وجدانه وقيمه وعاطفته قوية للدرجة التي تجعله يتصادم مع هذا الواقع مما يؤثر عليه سلبا، والإنسان لا شك أنه مكلف أن يسعى بجميع السبل المشروعة بأن يحمي نفسه ويتواءم مع محيطه، والدواء ما دام قد أفادك فهذا من فضل الله تعالى ومن نعمه سبحانه.

فاستمر على نفس الجرعة وبنفس الوضع، ولا مانع أن تدعمه بعقار مثل عقار بسبار Buspar – وهذا اسمه التجاري – ويسمى علميا باسم (بسبرون Busiprone) بجرعة خمسة مليجراما صباحا ومساء لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى عشرة مليجراما صباحا ومساءا، ويمكنك أن تستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر إلى عامل كامل دون أي مشكلة بإذن الله تعالى، وإذا لم تجد هذا العقار (بوسبار) فيعتبر أيضا العقار الذي يعرف تجاريا وعلميا باسم (موتيفال Motival) دواء جيدا، ويمكن أن تتناوله بجرعة حبة واحدة يوميا ليلا وذلك بجانب البسبار.

وحاول أيضا أن تمارس الرياضة وحاول أن تكون أكثر تواصلا مع الأفاضل والخيرين في نطاق العمل، ولا شك أن في داخل العمل نفسه يوجد من هم فيهم الخير، وأنت من فضل الله تعالى لديك الحس ولديك المقدرة على أن تميز ما بين ما هو خير وبين ما هو شر، نسأل الله لك العافية، وأن يسهل لك أمرك في كل ما تريد وأن يقدر لك الخير حيث كان.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات