علاج السحر الذي قد يعوق الزواج بعد العقد

0 491

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
قبل السؤال أشكركم جزيل الشكر على كل خير قدمتموه للإسلام والمسلمين.

عقدت عليها ونحن في انتظار العرس، هي بعيدة عني والتواصل بالهاتف، والمشكلة أنها تراودها فكرة أن هذا العرس لن يتم، وأصبح لديها إحساس في كل وقت يتردد، مع العلم أن شيوخا رقوها وطلبوا منها أن تكمل الرقية وحدها (سحر مأكول) ومن مدة لم تتابعها.

هذه الحالة تألمت بسببها كثيرا لحبي لزوجتي.

من فضلكم أرشدوني، وأسألكم وكل من قرأ هذا السؤال الدعاء أن يجمعنا الله على طاعته، وأن يبارك لنا وأن يرزقنا ذرية صالحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يجمعك بأهلك على خير، وأن يبارك لك فيها، وأن يصرف عنكما كل سوء، وأن يعافيكما من كل بلاء، وأن يجنبكم كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – من أنك قد عقدت على زوجتك وأنت وهي في انتظار العرس السعيد المبارك - إن شاء الله تعالى – والتواصل بينكما لا يكون إلا من خلال الهاتف، ولكن هناك مشكلة أنها تراودها فكرة أن هذا العرس لن يتم ولديها إحساس بذلك، وأنها كانت مسحورة وتبين للشيوخ المعالجين ذلك، ولكنها مع الأسف لم تتابع العلاج.

أقول - بارك الله فيك –: إن السحر أولا شأنه شأن غيره من الأمراض والعلل يحتاج إلى علاج وعلاج مكثف، وعلاج متواصل ومستمر؛ لأن الله تبارك وتعالى جل جلاله الذي خلق الإنسان خلق جل جلاله لكل داء دواء، وهذا ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (تداووا عباد الله، فإن الله ما خلق داء إلا خلق له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله)، فالسحر شأن أي مرض من الأمراض الأخرى يحتاج إلى علاج.

نعم، إن السحر نوع من الأنواع المختلفة عن الأمراض العضوية، فقد يكون سببه تسلط الجني على الإنسي، إما بسبب أو بغير سبب، والسحر كالمس وكالحسد وكالعين، عبارة عن أمراض تصيب النفس وتؤثر في الأعضاء، ولقد أكرم الله المسلمين بأن جعل لهذه الأمراض كلها علاجا ناجعا ومفيدا - بإذن الله تعالى – ألا وهي الرقية الشرعية، والرقية الشرعية مجموعة آيات من كلام الله تعالى وكلام النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، بفضل الله تعالى ورحمته يجعل الله فيها الأثر والخير والبركة.

ولقد استطاع العلماء أن يفصلوا ما بين الآيات التي تعالج السحر والآيات التي تستعمل في المس، وكذلك الآيات التي تستعمل في العين والحسد، فأصبح الأمر من فضل الله تعالى سهلا ميسورا، والرقاة من المشايخ الثقات موجودون في كل مكان من أرض الإسلام سواء كان في بلاد العالم العربي أو في غيره، وأختنا الكريمة هذه ننصحها بأنه ما دام قد ثبت لديها سحر مأكول، وأن هذا السحر لم يأخذ وقتا كافيا لعلاجه، فينبغي عليها أن تواصل رحلة العلاج حتى تزول عنها تلك الأفكار؛ لأن هذه الفكرة التشاؤمية فكرة مؤلمة وفكرة محزنة عندما تنتظر الأخت ليلة عرسها التي هي الليلة الكبرى في حياتها كلها، ولكنها يخيل إليها بأنها لن تحدث وتنقل هذه الأفكار السلبية أيضا إلى زوجها، تجعل أولا الخوف هو المسيطر على هذه الليلة المباركة، وتجعل أيضا التوجس وسوء الظن وعدم الراحة هو السائد على نفسية الاثنين معا.

وهذا أمر يطفئ السعادة والبهجة والفرحة ويجعلهما كما لو كانا حزينين في أعظم ليلة في حياتهما، ولذلك أتمنى من الأخت الكريمة أن تطرد هذه الفكرة عن نفسها، وأن تعلم أولا أنه لن يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، فما قدره الله فهو كائن لا محالة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك). ثم قال عليه الصلاة والسلام: (رفعت الأقلام وجفت الصحف)، ومعنى ذلك أن هذا الأمر قد انتهى، فإن ما قدره الله تعالى قد كتب في لوح محفوظ ولا يمكن أبدا أن يتغير أو يتبدد إلا بالوسائل التي بينها أيضا الشارع الحكيم، بين في كلام الله تعالى أو في كلام النبي - عليه الصلاة والسلام -.

ولذلك هذه الأفكار ليس لها محل حقيقة؛ لأنها لن تقدم ولن تؤخر، فما دام ثبت للأخت أنها مسحورة، فيجب عليها قبل أن تأتي ليلة الدخول أن تعالج علاجا كافيا، حتى تتخلص من هذا السحر؛ لأن هذا السحر قد يكون مؤثرا على حياتها تأثيرا كليا، فقد تكره زوجها وقد تكره نفسها وقد تنظر إليه فتراه في صورة دميمة أو في صورة قبيحة، وقد ينظر إليها زوجها أيضا فيراها في صورة مروعة؛ لأن السحر قد يغير المنظر الخارجي بقوة، وهذا يؤدي إلى نفور شديد، عندما يدخل الرجل على امرأته فيجد صورتها على الغير التي يعرف أو هي العكس كذلك، أو عندما يدخل عليها فيجد أنها ليس لديها استعداد لأن تمارس الحياة الطبيعية معه، أو هو كذلك أيضا قد يكون هذا الأمر يحدث، ولذلك أنا أنصحك بضرورة مواصلة استمرار العلاج والتكثيف في العلاج في الفترة المقبلة هذه، ما دام الزواج أصبح قريبا، فينبغي عليها أن تكثف العلاج وأن تستعمل العلاج الذي يقدمه لها الأخوة الرقاة، وأيضا أن تستعمل بما يعرف بالتحصين، بمعنى أن تحصن نفسها حتى لا يتجدد السحر مرة أخرى؛ لأن هناك بعض أنواع السحر تتجدد، بمعنى أن الساحر يجدد السحر باستمرار، حتى إذا ما ضعف خادم السحر الموجود في جسد الضحية فإنه يقويه بإرسال شحنات أخرى من الضلال أو من الشياطين الذين يجعلون الأمر صعبا جدا في علاجه، ولذلك التحصين هنا بمعنى أن الأخت تحصن بالأذكار المعروفة التي يعرفها الإخوة الرقاة، فلا يدخل عليها شيء آخر جديد من السحر.

وأيضا مع محافظتها على الوضوء باستمرار، ومحافظتها على أذكار الصباح والمساء خاصة صلاة الفجر تحافظ عليها في وقتها، ثم بعد ذلك أيضا خاصة قول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة كل يوم صباحا ومائة مساء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن هذا التهليل من قاله كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (كان حرزا له في يومه ذلك من الشيطان حتى يمسي أو حتى يصبح)، يعني لو أنني قلت هذا الكلام الآن فإن الشيطان لا يستطيع أن ينال مني أي شيء حتى الصباح، ولو قلته صباحا لا يستطيع أن ينال مني شيئا حتى المساء، وهذا وعد النبي عليه الصلاة والسلام الذي بشرنا به.

وأيضا قول النبي عليه الصلاة والسلام: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، فإن النبي أخبرنا أيضا عليه الصلاة والسلام أن (من قال ذلك لا يضره شيء حتى يمسي أو حتى يصبح).

ولذا أقول أنا أنصح الأخت الكريمة أولا أن تصرف هذه النظرة التشاؤمية عن بالها تماما، وكلما جاءتها هذه النظرة تحاول أن تطردها من ذهنها، وأن تقاومها وأن تستغفر الله تعالى، وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن تدعو الله تعالى بأن يتم الله هذا الأمر على خير.

ثانيا: يجب عليها أن تواصل رحلة العلاج حتى تتخلص من هذا السحر ومن آثاره حتى تستطيع أن تعيش ليلة طيبة؛ لأنها الليلة الوحيدة في حياتها التي تنتظرها كل امرأة في العالم، وأيضا هي الليلة الوحيدة التي ينتظرها الرجل غالبا، ولكن المرأة خاصة باعتبار أن هذا أول زواج لها، فالأمر يكون له طعم ومذاق آخر، لذا أنصح الأخت الكريمة بضرورة طرد هذه الأفكار، وإذا ما جاءتها هذه الأفكار وهي جالسة فلتقم، وإذا كانت وحدها فتحاول أن تتكلم مع أحد، حتى تطارد هذه الفكرة التشاؤمية لأنها ستؤثر سلبا على نفسيتها قطعا.

وكذلك أنصحها بضرورة مواصلة العلاج حتى تتخلص من هذه الآثار التي أصابتها عن طريق السحر ما دام قد قطع المعالجون بأنه سحر، وضرورة أن يكون عندها تحصين؛ لأنها طبعا مقبلة على العرس وقد يحدث لها إضافة سحر جديد أو إلحاق سحر جديد أو تقوية السحر القديم، فعليها أن تحصن نفسها بالأذكار والأدعية والوضوء، وأن ترقي في نفس الليلة أيضا رقية خاصة حتى تمر هذه الليلة على خير.

أسأل الله عز وجل أن يبارك لكما وأن يبارك عليكما وأن يجمع بينكما في خير، وأن يجعلها عونا لك على طاعته، وأن يجعلك عونا لها على طاعته، وأن يرزقكما ذرية صالحة طيبة مباركة تكون من علماء المسلمين أو من القادة الفاتحين.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات