السؤال
تزوج أخي بأجنبية من خارج بلده، ونحن نعيش في قرية محافظة على الزي الشرعي للمرأة، وهي لا تريد التقيد به، وتخرج كاشفة الوجه، فما الحل؟!
علما بأني تعبت مع أخي؛ لأنه لا يستطيع إجبارها.
أفيدونا وشكرا.
تزوج أخي بأجنبية من خارج بلده، ونحن نعيش في قرية محافظة على الزي الشرعي للمرأة، وهي لا تريد التقيد به، وتخرج كاشفة الوجه، فما الحل؟!
علما بأني تعبت مع أخي؛ لأنه لا يستطيع إجبارها.
أفيدونا وشكرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهدينا وإياك صراطه المستقيم، كما نسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدر أخيك وزوجته للذي هو خير، وأن يجعله عونا لامرأته على طاعته، وأن يعينه على الالتزام بالشرع، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك؛ فإن البيئة في خارج المملكة تختلف عن المملكة كثيرا، خاصة إذا كانت المرأة من بلد أوروبي أو بلد أجنبي ليس عربيا، وقد تكون أيضا من بعض البلاد العربية التي لا ترى وجوب تغطية الوجه، ولذلك فإن امرأة عاشت عمرا طويلا على هذا النظام، فقد يصعب تغييرها في أيام معدودات أو في خلال أشهر، وهذا عادة يحتاج منك إلى سعة صدر وصبر، فتجد أن أهل مكة الكبار لم يقبلوا دعوة النبي عليه الصلاة والسلام، وكان كلامهم كما قال الله تعالى: (( أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ))[ص:5]، فكان استغرابهم شديدا من دعوة النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم نشأوا فترة طويلة في الكفر، وتعودوا كثرة الآلهة والأصنام حول الكعبة، فلما أتاهم النبي عليه الصلاة والسلام بالتوحيد لم يذعنوا له، ورفعوا السيف في وجهه وناصبوه العداء، بل واضطروه أن يخرج من مكة أحب البلاد إلى الله وأحب بلاد الله إليه.
فإذن أنماط السلوك التي تتأصل في نفس الإنسان تحتاج إلى فترة طويلة للتخلص منها، ونحن في حاجة إلى أن نعينها بدلا من أن نعتبرها مخالفة أو مجرمة، نعتبرها إنسانة كمريضة تحتاج إلى علاج، فالطبيب عادة عندما يأتيه المريض فإنما يصف له دواء يستغرق أياما حتى يعافى، بل وقد يتم تكرار الدواء له لأن العلة شديدة، وبعض المرضى يحتاج إلى شهور، بل بعضهم يحتاج إلى سنوات.
فهذا نوع من المرض السلوكي، ولا تظن أن أخاك غير حزين على حال امرأته، فقد يكون يعاني أكثر منك؛ لأنه زوجها وهو يغار عليها، ومن الممكن أن يكون قد حاول معها ولكنه لم يستطع، فعليكم بالبحث عن وسيلة لإقناعها من خلال أخواتك، أو إذا كان لك زوجة فمن خلالها عن طريق بعض الكتيبات الهادفة، أو بعض الأشرطة التي تتكلم عن الجنة والنار، واترك مسألة الترهيب؛ لأن الترهيب قد لا ينفع في كل الأحوال، واجعل الترغيب مقدم على الترهيب، وبين لها الآثار المترتبة على تغطية الوجه، وأن هذا أمر يحبه الله عز وجل والنبي عليه الصلاة والسلام، واذكروا لها الآيات الواردة في هذا الموضوع، وأن المرأة الفاضلة ينبغي أن تفعل كذا، وبهذا الأسلوب الهادئ سوف تقتنع وسوف ترتدي الزي الشرعي بإذن الله.
وأما كونك تعبت من أخيك؛ فإن هذا لا يصلح، فأخوك يحتاج إلى من يساعده ويقف معه ويؤيده، وعندما تعامله معاملة شديدة وامرأته لا تسمع كلامه، فإنه سيكره البيئة ويكره المنطقة، وقد يكره أقرب الناس إليه؛ لأنه سيعيش في حيرة، لا يستطيع أن يرضي أخاه، ولا يستطيع أن يجبر امرأته.
وعليك في البداية أن تبتعدي عن الكلام عن الحجاب تماما، وتكلمي في قضية تحريك الإيمان، لأنك لو حركت الإيمان لجاءت الأعمال، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى أول ما أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالإيمان، فلما تحرك الإيمان فرضت الصلاة في العام العاشر ليلة الإسراء والمعراج، وخلال هذه الفترة كان التركيز على الإيمان والجنة والنار وعن أخبار السابقين حتى يتعظ الناس.
فابدئي الدعوة بالحكمة، وواصل الدعاء لها بالهداية ولأخيك بالتوفيق، فالدعاء سلاح عظيم، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وأن الله يحب الملحين في الدعاء، كما أخبرنا أيضا أنه ليس شيء أكرم على الله من الدعاء، نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يجعل التزام هذه الأخت في ميزان حسناتك، إنه جواد كريم.
وبالله التوفيق.