التعرق الزائد والخجل واحمرار الوجه عند مواجهة أي موقف اجتماعي ما سببه؟

0 677

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب في المرحلة الجامعية، وأعاني من مشكلة جدية: الخجل؛ مما يسبب لي احمرارا واضحا في الوجه مع شدة في التعرق وتسارع في دقات القلب (مع ملاحظة أني في الأحوال الطبيعية شديد التعرق، ففي أثناء ممارسة الرياضة مثلا أكون أول من يتعرق بين أصحابي)، وأعاني من مشكلة الخجل، عموما عندما يكون محور اهتمام في أماكن مكتظة كما في الجامعة تظهر هذه العوارض أيضا، وبشكل خاص عند محادثتي مع النساء، وأنا إلى الآن عازب.

أرجو أن تشخصوا حالتي مع وصف الدواء اللازم، وكيفية استعماله بدقة، وإعلامي إذا كان ممكن الشفاء، من هذه الحالة نهائيا والمدة الزمنية المتوقعة للشفاء وما إذا كان ضروريا زيارة طبيب نفساني؟

وأرجو بشكل خاص أن يكون هناك دواء يعالج بسرعة حالة احمرار الوجه، وأنا دائما أحاول مواجهة مشكلتي ولكن احمرار الوجه السريع يصيبني بالإحباط.

وأخيرا إني أعتذر من حضراتكم على الإطالة في الشرح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
فأؤكد لك أن حالتك إن شاء الله بسيطة، بالرغم مما تسببه لك من إزعاج.

الذي تعاني منه هو نوع من القلق النفسي، وهذا القلق النفسي أخذ المنحى الاجتماعي، بمعنى أنك تحس أنك أكثر قلقا وتوترا في المواقف التي تتطلب المواجهة الاجتماعية، حتى وإن كانت هذه المواجهات عادية.

من الواضح أن الأعراض الجسدية الفسيولوجية لديك أكثر من الأعراض النفسية، الاحمرار في الوجه هو ظاهرة طبيعية جدا مع القلق، حيث أنه ينتج من زيادة في تدفق الدم، كما أن تسارع ضربات القلب أيضا ينتج من زيادة إفراز مادة الأدرانيل.

أما العرق والتعرق؛ فهو ناتج من زيادة نشاط الغدد العرقية وذلك من خلال استشعار كيميائي وعصبي خاص، ويظهر أنه لديك الاستعداد أصلا لسرعة التعرق، وهذه فوارق بين الناس نعتبرها طبيعية جدا.
إذن: الذي أوده منك هو أن تفهم أن حالتك هي قلق نفسي ظهر في شكل رهاب أو خوف في المواقف الاجتماعية كما وصفناه لك.

أود منك أن تتفهم الحالة جيدا؛ لأن ذلك يساعدك كثيرا في الشفاء إن شاء الله.
أنت لا تعاني من مرض عقلي، ولا من مرض ذهاني، ولا تعاني من اكتئاب، هي حالة قلق فقط وليس أكثر من ذلك..
الشيء الثاني الذي أود منك أن تتفهمه جيدا: هو أن هذا النوع من القلق يعطي الإنسان الشعور بأنه سوف يفقد السيطرة على نفسه أمام الآخرين، أو أنه سوف يفشل أمام الآخرين، أو أن الذين حوله يقومون بمراقبته ورصد تصرفاته، والبعض حين تتسارع لديه ضربات القلب يأتيه شعور بحتمية الموت في هذه اللحظة.
أرجو أن تصحح هذه المفاهيم إن كنت تعاني منها، هذه أعراض ومشاعر مبالغ فيها وليست حقيقة، أنت لست مرصودا ولست مراقبا من قبل الآخرين، كما أن انفعالاتك وتفاعلاتك ليست بالشدة التي تتصورها.
ثالثا: أرجو منك كوسيلة علاجية سلوكية جيدة أن تمارس تمارين الاسترخاء.

هنالك عدة أنواع من تمارين الاسترخاء، وتوجد كتيبات وأشرطة في المكتبات توضح كيفية القيام بهذه التمارين، فيمكنك الحصول على أحد هذه الكتيبات والأشرطة وتطبيق هذه التمارين بحذافيرها، أو يمكنك الذهاب إلى أخصائي نفسي – وليس طبيبا نفسيا – وسوف يقوم بتدريبك على هذه التمارين، فهي مفيدة جدا.

رابعا: المبدأ السلوكي الهام في علاج مثل حالتك هو التعريض مع منع الاستجابة، بمعنى أن تعرض نفسك للمواقف التي تخافها، وتصر على هذا التعريض، ويجب ألا تتجنب الموقف، حين تتعرض للموقف سوف تحس بالقلق وسوف يبدأ هذا القلق في الارتفاع، ولكن باستمرارك وإصرارك على عدم التجنب والبقاء في نفس الموقف الذي يتطلب المواجهة سوف تلاحظ أن مستوى القلق بدأ في الانخفاض.

ويمكن أن تساعد نفسك بأن تقوم بتمرين نفسي بسيط نسميه (التعرض في الخيال)، بمعنى أن تجلس في مكان هادئ وتتصور نفسك أنك أمام مجموعة كبيرة من الناس تقدم لهم عرضا معينا أو تقوم بإلقاء درس أو شيء من هذا القبيل أو أنك تصلي بالناس في المسجد... عش هذا الخيال بجدية وتركيز ومسئولية، ويجب ألا تقل مدة الخيال عن ربع ساعة، كرر هذا التمرين يوميا، ويجب أن تنتقل من موضوع إلى آخر، بمعنى أن يكون خيالك اليوم مثلا في أنك تصلي بالناس، واجعل خيالك غدا أن لديك مناسبة اجتماعية كبيرة في البيت ولابد أن تقابل المدعوين والضيوف، والخيال الثالث في اليوم الثالث أنك تلقي محاضرة أمام جمع من الناس -وهكذا- بمعنى أن تعدد أنواع الخيالات السلوكية، وهذا يفيدك كثيرا.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، ـ والحمد لله ـ توجد أدوية فعالة وممتازة وجيدة جدا أفضلها العقار الذي يعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلا، واستمر عليها لمدة شهرين، ثم ارفع الجرعة إلى حبتين (أربعين مليجراما)، واستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهرين، أي أن تسحب نصف حبة وتكون الجرعة واحد ونصف حبة يوميا لمدة شهرين، ثم بعد ذلك خفض نصف حبة لتكون الجرعة حبة واحدة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك خفض نصف حبة أيضا لتكون الجرعة نصف حبة يوميا لمدة شهرين، ثم توقف بعد ذلك عن تناول الدواء.

الزيروكسات من الأدوية الفعالة ومن الأدوية السليمة، وإن شاء الله سوف تجني منه فائدة كبيرة، خاصة إذا طبقت معه التمارين السلوكية السالفة الذكر.

تطبيق التمارين السلوكية يؤدي إلى نتائج جيدة في ظرف أسبوعين أو ثلاثة، كما أن الدواء أيضا يؤدي إلى فوائد علاجية جيدة جدا بعد مرور ثلاثة إلى أربعة أسابيع.

والمدة المتوقعة للشفاء التام هي من ثلاثة إلى أربعة أشهر، وبعد ذلك من الضروري جدا - خاصة بعد أن تتوقف عن الدواء - أن تجعل التمارين السلوكية وسيلة تتعايش معها، وذلك منعا لأي انتكاسة.

أرجو ألا تصاب بالإحباط، تذكر الأشياء الإيجابية التي في حياتك، ولقد قمنا بالشرح وتفسير كل الظواهر التي تعاني منها، وأتمنى أن يفيدك هذا الشرح في تفهم حالتك؛ لأن تفهم المشكلة في نظري يمثل خمسين بالمائة من الحل.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية عن علاج الخجل سلوكيا 267019 - 1193 - 226256 - 259955.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات