السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب ملتزم ـ ولله الفضل ـ تعرفت عن طريق الندوات الثقافية على فتاة ذات خلق ودين، ومن حينها أعجبنا ببعضنا ووقعنا فيما يشبه الحب، ولم يكن لنا تجاوزات كبيرة في علاقتنا، ومعظم كلامنا كان عبر الهاتف، وقد عاهدت الفتاة على خطبتها وجعلت أمي تتصل بأمها، وتكلمها بأننا سنأتي للخطبة بعد سنة عند انتهائي من جامعتي.
وقد كثرت الاختلافات بيننا ووجدت اختلافا في أسلوب التعاطي مع الأمور، فأنا إنسان عملي وأحب استغلال الوقت، وهي تود أن أقضي معها على الهاتف وقتا أطول كما كنا في البداية، كما أني أفضل الهدوء والتركيز وهي تجعلني في استنفار دائم ومشاكل كثيرة، ربما أكون سببها أحيانا.
وفي أحد المشاريع التي أشارك بها توجد فتاة أحسبها أيضا على خير، وهي من الناحية الاجتماعية أبعد عني من الأولى، لكني وجدت فيها ما فقدته في الأولى، أي: الهدوء والعملية واحترام الوقت، علاوة على كونها كاتبة ومثقفة أكثر من الأولى.
وبعد كلامي معها اعترفت لي بإعجابها منذ سنة وإخفائها ذلك حياء مني، وكلاهما تعلمان بأمر بعضهما، والأولى ابتعدت عني وقالت بأنها لن تسامحني وستدعو الله علي ما حييت، وعاطفتي تميل للأولى، ووعدي كان لها، لكن عقلي يطلب الثانية ويجدها تتماشى مع طموحي أكثر، فماذا أختار وأين أذهب؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فإننا نلومك على فتح الأبواب على نفسك، ونلومك على إشاعة ميولك، ولا يخفى عليك أن الإنسان يملك سره فإذا أذاعه أصبح ملكا لغيره، وليس في الشرع ما يبيح لك الميل إلى الثانية بعد كلامك مع الأولى واتصال والدتك بأمها، كما أن كلامك لها ولساعات طويلة لم ولن تكون فيه مصالح، ولعل كثرة الاتصالات هي التي جعلتك تتعلق بها، وهي سبب طبيعي لكثرة الخلافات.
وأرجو أن تعلم أن بنات الناس ليست لعبة، والمسلم لا يفعل مع بنات الناس ما لا يرضاه لبنته أو أخته أو عمته أو خالته، والإعجاب شيء وربط اللسان شيء آخر، فأوقف هذا العبث وحدد ما تريده وشاور والدتك، فإن رأيت بعد ذلك أن تترك الفتاة الأولى فعليك أن تحسن الاعتذار وتطيب خاطرهم وتظهر أعذارا مقبولة، وإن رأيت أن ترمم العلاقة وتقف مع نفسك وقفات فذلك أولى وأفضل؛ لأنك حبست الفتاة وكنت حائلا بينها وبين الخطاب، ولعبت بعواطفها ثم تحاول أن تتركها رغم أنك تقول: إن عاطفتك تميل إليها، ولن يفيدك عقل الثانية وثقافتها إذا كان قلبك وعاطفتك مع الأولى.
وأرجو أن تتقبل ما في إجابتي من القسوة لأنها قسوة أب لا يرضى أن يلعب ابنه بعواطف الفتيات، فهو لذلك يتألم خوفا على ولده وعلى بناته؛ لأن الجزاء من جنس العمل، كما أرجو أن تعجل بإكمال المراسيم فخير البر عاجله ولم ير للمتحابين مثل النكاح، فتوكل على ربك الفتاح، وكن ساعيا للعدل والفلاح، ونسأل الله أن يكتب لك التوفيق والنجاح.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بضرورة البعد عن الفتيات، وأرجو أن تغض بصرك عن الغاديات والرائحات، وتذكر أن الإنسان إذا أطلق بصره لم تكفه نساء الدنيا، وصدق من قال:
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا *** لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد.
وبالله التوفيق.