السؤال
السلام عليكم.
أنا والحمد لله أصلي وأصوم، لكني فعلت معاص وارتكبت أخطاء لا يجوز أن يفعلها أي مسلم، وعندما أفعل المعصية كنت أتوب إلى الله وأندم على ما فعلت، وأستمر على التوبة أياما كثيرة أو قليلة، وللأسف أعود للمعصية مرة أخرى. فأريد أن أعرف كيف أثبت على التوبة، وكيف أجاهد نفسي عندما تغويني بعمل السوء.
جزاكم الله خيرا ووفقكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل / محمود حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية يسرني ولدي المبارك أن أرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية بين أهلك وإخوانك، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم نحن سعداء باتصالك بنا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك إنسان فاضل وشاب محترم وخلوق، ومستقبلك يبشر بخير كثير رغم ما تعانيه الآن من ضعف وتسلط للشيطان عليك، إلا أنه سيأتي الوقت الذي تشعر فيه بأنك قد تعاليت على الشيطان وكيده، وأصبح بمقدورك أن تكبح جماح نفسك في أي وقت، وتحول بينها وبين معصية الله تعالى، والأمر أولا وقبل كل شيء متوقف على همتك وعزيمتك، ولا أعتقد أو أظن أنك ضعيف الإرادة وضعيف العزيمة، وإلا كيف وصلت إلى كلية الهندسة؟
إن الطاقة التي وصلت بها إلى كلية الهندسة لو حاولت استغلالها في ترك المعاصي فسوف تنجح في ذلك نجاحا هائلا؛ لأن النجاح إرادة وعزم وتصحيح، وترك المعصية كذلك، فلابد لك من استغلال هذه النعمة العظيمة التي أكرمك الله بها، وهي قوة الإرادة وصلابة العزيمة في القرب من الله، والحرص على طاعته، والبعد عن معاصيه، وإضافة إلى ذلك عليك باتباع الآتي:
1- الدعاء والتضرع إلى الله كل وقت أن يثبتك على الحق، وأن يصرفك عن المعصية.
2- أن تبتعد قدر استطاعتك عن الأماكن التي وقعت فيها في المعصية.
3- أن تبتعد قدر استطاعتك عن الأشخاص الذين يساعدونك على المعصية أو العودة إليها، أو حتى مجرد التفكير فيها، وأن تقاطعهم في الله ولله.
4- أن تستبدلهم بصحبة صالحة تكون عونا لك على الطاعة والثبات على التوبة.
5- أن تقلل من الخلوة أو الجلوس وحدك، أو إطالة المكث في الحمام؛ لئلا يستحوذ عليك الشيطان.
6- أن تتذكر عقاب الله للعاصي في الدنيا والآخرة، ويكفي المعصية شؤما أن فاعلها يسقط من عين جبار السماوات والأرض، فلا يقيم له وزنا إلا إذا تاب وأناب.
7- أن تضع نفسك مكان من هتكت عرضه أو دنست شرفه أو سرقت ماله، فهل تود أن تتمنى أو ترغب أن يحدث ذلك لأهلك؟ وما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك.
8- أن تعلم أن الحياة قصاص، وأن الله قد يبتلي العاصي في أحب الناس لديه وهو لا يعلم، أو يعلم ولكنه لا يستطيع أن يصنع شيئا حتى يموت غيظا وكمدا وذلا وهونا، وقديما قال الشاعر:
إن الزنا دين فإن أقرضته كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
فاحرص ولدي المبارك على ترك تلك المعاصي حياء لله، وضع نصب عينيك دائما أن الله معك يعلم سرك ونجواك، وأنك لا تغيب عنه طرفة عين، فاستح منه أن يراك وأنت تفعل المعصية كما تستحي من والدك أو والدتك وأكثر، وواصل التوبة دائما، وأكثر من الاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى يمن الله عليك بالثبات على التوبة وقبولها، وأكثر من ذكر الله على كل حال؛ حتى يحفظك الله من كيد عدوك، ويدخلك حصنه الحصين الذي لا يمكنه أن يدخل إليك فيه أبدا.
والله أسأل أن يتوب عليك، وأن يتقبل توبتك، وأن يثبتك على الحق، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يجعلك من خيرة خلقه وصفوة عباده، وأن يبدل سيئاتك حسنات، إنه جواد كريم. وبالله التوفيق.