السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة جامعية، وبعمر 22 سنة، غير اجتماعية ولا أحب الاختلاط بالناس كثيرا، لدي بعض صديقاتي اللواتي يسعين وراء الزوج المناسب وبمختلف الطرق، فمنهن من يتعرفن على الشاب تلو الآخر بنية البحث عن الشريك وليس الصداقة أو الحب المحرم، إما عن طريق الهاتف أو النت أو الكلية، أو من خلال الاحتكاك بالجيران أو العائلات التي لديها شباب بسن الزواج، ولا أخفي عليكم أنهن ينجحن في ذلك وأكثرهن يتزوجن بعد فترة من معرفة الطرف الآخر.
أما عن أمي فرأيها أنني يجب أن أخرج من البيت أكثر وأن أبدأ العمل فور تخرجي من الجامعة بعد عدة أشهر إن شاء الله وأن أزيد من عدد صديقاتي وأصدقائي والاهتمام أكثر بمظهري وحضور حفلات الأعراس والمناسبات وكل هذا لعلي أجد (نصيبي) قبل أن يمشي قطار العمر.
أنا احترت في أمري كثيرا، هل الفتاة من أمثالي إن جلست معظم وقتها بالبيت وليس لديها علاقات سينتهي بها الأمر إلى الجلوس بالبيت بدون زواج إلى آخر العمر؟
أنا مؤمنة أن الزوج هو هبة من الله، وأن الله يسبب الأسباب حتى ألتقي به ولا داعي لأن أفعل أي شيء في سبيل ذلك سوى الجلوس والانتظار، لكني أواجه انتقادا حادا لرأيي هذا.
وسؤالي الذي أرجو أن ألقى الجواب الشافي لديكم هو كالتالي:
هل الزواج هو رزق قسمه الله للعبد؟ وهل يجب على المرء (وأقصد هنا الفتاة) السعي له كباقي الأرزاق في هذه الحياة؟ وإذا كان لابد من السعي له فكيف الطريق إلى ذلك؟
وشكرا لكم مقدما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - أختي الكريمة الفاضلة – في موقعك استشارات إسلام ويب، وقد أصبت جزءا كبيرا من الحقيقة في فهمك للأسباب بقولك: (إن الله عز وجل يسبب الأسباب) فهذا صحيح، وعلينا أن نؤمن كذلك أن كل ما يصيب الإنسان قد كتبه الله عز وجل وقدره، كما ورد في هذا في الحديث النبوي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس)، أي أن الإنسان إذا كان حازما ذكيا في بعض أموره فذلك كان بقدر الله تعالى، وإذا كان عاجزا غبيا في بعضها الآخر فذلك أيضا بقدر الله. وقال صلى الله عليه وسلم: (جف القلم بما أنت لاق يا أبا هريرة)، فكل شيء مكتوب إذن.
وهذه العقيدة تورث في النفس السكينة والطمأنينة، وبها تحصل السعادة وتطرد الهموم والغموم، ولكن مع هذا لابد من التنبه إلى الأخذ بالأسباب المباحة الممكنة هو الذي تعبدنا الله تعالى به وأمرنا بالعمل به، فإن القدر مغيب عنا، فنحن لا ندري ما الذي قدره الله، لكن علينا أن نعمل بما أمكننا من أسباب مشروعة ثم نرضى بعد ذلك بقدر الله كيفما قدر.
لا يخفى عليك أن الله تعالى أمر مريم بأن تهز جذع النخلة ليتساقط الرطب، وفي هذا تعليم للناس ليأخذوا بالأسباب. والزواج هو واحد من هذه الأقدار التي قد سبق وأن قدرها الله، وإذا أراد الله أمرا هيأ له أسبابه، ولذا فنصيحتنا أن تأخذي بما يمكنك من الأسباب المباحة المشروعة كالإكثار من مصاحبة النساء الصالحات والطلب منهن أن يساعدنك في البحث عن زوج صالح، ولا بأس من حضور مجامع النساء ليتعرفن عليك، وينبغي لمحارمك أن يساعدوك في البحث عن الزوج بعرضك على من يرونه صالحا لك وليس في هذا عيب ولا عار، فقد كان يفعله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذا فعلت ما أمكنك من الأسباب المشروعة فارض بقدر لله تعالى، ولا ننسى أن نحذرك من الأخذ بالأسباب التي لم يأذن بها الله ككشف حجابك أمام الرجال الأجانب أو نحو ذلكن فإن ما عند الله من الرزق لا ينال بمعصيته بل الأمر على العكس من ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
وللوقوف على الموضوع أكثر يمكنك مراجعة هاتين الاستشارتين: (271640 - 269228).
يسر الله أمرك وقدر لك الخير.