المعاصي وتأثيرها على الحالة النفسية.

0 468

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالب في السنة الثانية من الثانوية العامة، عمري 17عاما، أعاني من اكتئاب نفسي وقلق أدى بي إلى الشعور بالضيق والحزن الدائم، وعدم بناء علاقات اجتماعية جيدة، وعدم احترام للذات ونقص الثقة بالنفس، وأنا أعترف بأن هذه المشكلة أتت من نفسي، لأني كنت في الماضي من المتصفحين للمواقع الإباحية السيئة جدا، وكنت أتوب من ذلك وأحلف بالله ألا أرى هذه المواقع السيئة، ولكن سرعان ما ينقضي يومان أو ثلاثة حتى أرجع إليها.

أرجو منكم في الأخير أن تساعدوني على تخطي هذه المشكلة التي تؤرقني كثيرا في حياتي، وقد وصلت إلى فكرة الانتحار، ولدي خمول دائم وعدم التمتع بالحياة.

ولكم مني وافر الدعاء، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Waleed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن مشكلتك هو ما وصفته باكتئاب نفسي وقلق ومخاوف اجتماعية، وقد وصلت بك الحالة للتفكير في أخذ حياتك عنوة، ومن الواضح أن مشكلتك مرتبطة إلى حد كبير بمشاهدتك لهذه المواقع الإباحية وتصفحك إياها، وممارسة العادة السرية.

أنت ذكرت في الشطر الأول من رسالتك أنك كنت في الماضي من المتصفحين للمواقع الإباحية السيئة، وكنت تتوب، ولكنك لا تستمر على هذه التوبة، وأصبحت من أصحاب العودة لتصفح هذه المواقع.

الذي فهمته من هذه الجزئية في الجزء الأول من رسالتك كما ذكرت أنك كنت، بمعنى أن الأمر كان في الماضي، وعليه أسأل الله تعالى أن تكون قد تبت توبة نصوحا وابتعدت تماما عن هذه المواقع وتوقفت عن العادة السرية، فالمرتكز الرئيس لقلقك واكتئابك وشعورك بالذنب والإخفاق واهتزاز الثقة بنفسك هو انجرارك نحو أفعال محرمة وغير مقبولة.

أقول لك: أبشر بهذه التوبة، ويجب أن تستمر ويجب أن تعض عليها بالنواجذ، وإن شاء الله تكون من خير الخطائين، وهم التوابون، وأسأل الله تعالى أن يديم عليك نعمه وأن يحفظك، وأن يتولاك، واعلم أن الله يقبل توبة من عباده ويعفو عن السيئات، وهو التواب الرحيم.

من أجمل الأشياء في الدنيا أن يستدرك الإنسان نفسه ويعرف خطأه، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالحلال والحرام، وأنت لا بد أن تكون مدركا بسوء هذه المواقع، وما تسعى له هذه المواقع وما شابهها من نشر للفاحشة والإباحية، وهنالك سعي حثيث لتسطيح وتمييع شباب هذه الأمة، فيجب أن نكون لذلك بالمرصاد، وأنت – غفر الله لك وجزاك الله خيرا – وقعت في الخطأ، ولكنك رجعت إلى الصواب، وتوبتك - إن شاء الله تعالى – هي خير برهان على ذلك.

الاكتئاب النفسي والقلق والرهاب في مثل حالتك أعتقد أنها أمور ظرفية عارضة، فأنت شاب خرجت من طور اليفاعة ودخلت الآن في مرحلة الشباب، وأنت - إن شاء الله تعالى – سائر نحو النضوج النفسي والفكري والمعرفي، فأنا أقول لك: تمسك بثوابتك، بثوابت هذه الأمة، تمسك بعقيدتك، ونحن لسنا في حاجة أبدا لأن نستورد أي أمور تربوية، فثوابتنا وقيمنا وتراثنا هي الحصن الحصين.

يجب أيضا أن تعرف أنك ذو قيمة، وهذا مهم جدا، فليس هنالك ما يجعلك تقلل من احترام نفسك وذاتك، وما وصفته بنقص الثقة هو شعور في رأيي أتاك من هذا الشعور بالإحباط والكدر، تذكر قيمتك، تذكر شبابك، تذكر أسرتك، تذكر أن المستقبل لك، ويجب أن تعيش الحياة بقوة كاملة، وأن تعيش المستقبل بأمل ورجاء.

أنا أنصحك بتنظيم وقتك وتنظيمه بدقة واستبصار، والاستفادة منه بصورة صحيحة، فهو يجعل الإنسان إيجابيا في تفكيره وفي سلوكه، اجعل لنفسك نصيبا من الراحة، من الرياضة، من التواصل مع أصدقائك، ومن الترفيه بما هو مباح وملتزم بقواعد وأحكام الإسلام، اجتهد في دراستك، صل أرحامك، فإدارة الوقت وتشكيل النشاطات اليومية بين ما هو أكاديمي واجتماعي وإسلامي؛ يجعل الإنسان في راحة بال وزوال للقلق.

لا بد أن تسأل نفسك: (لماذا أقلق)؟ والإجابة المنطقية هي أن تقول لنفسك: (أنا بخير، يجب أتغلب على هذا الشعور، أنا الذي سوف أغير ما بنفسي)! وأنصحك أيضا باتخاذ القدوة الحسنة، يجب أن تصادق الطيبين والخيرين والملتزمين، فالإخاء الصادق إخاء الإسلام هو خير عون لك في دينك ودنياك، فكما قال تعالى: ((الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين))[الزخرف:67]، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، وكما قال أيضا: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير).

وأنا ذكرت لك حين تحدثت قليلا عن إدارة الوقت بأهمية الرياضة، فالرياضة تقوي الطاقات النفسية الإيجابية، وتزيل الطاقات النفسية السلبية، فعليك بذلك.

حديثك عن الانتحار أعتقد أنه فكر شيطاني عارض، أسأل الله أن يزيله منك، وأنت تعرف أن المسلم مهما ضاقت به الأمور لا بد أن يلجأ إلى الله، ولا بد ألا يفكر أبدا في مثل هذه الأمور، فالله هو المعطي وهو الآخذ، ولا أعتقد أبدا أن الأمور قد بلغت بك لهذه الدرجة من الكدر والسوداوية، فقط التفت إلى نفسك، واستعذ بالله من هذه الأفكار وممن يوسوس بها، وقل لنفسك: (المستقبل لي وسأعيشه - إن شاء الله تعالى – بأمل ورجاء وقوة).

سيكون من الصواب أن نصف لك علاجا دوائيا يساعدك ويفيدك، وأنا أرى أن الفافرين Faverin - فلوفكسمين Fluvoxamine – من الأدوية الطبية والممتازة والجيدة في مثل حالتك، وأنت - إن شاء الله تعالى – لن تحتاج له لفترة طويلة، وعموما هو من الأدوية السليمة جدا، ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا، ويفضل تناوله بعد الأكل، تناولها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجراما ليلا، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراما يوميا، ويفضل تناوله ليلا بعد الأكل كما ذكرت، استمر على هذه الجرعة الوقائية لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أود أن أؤكد لك أن حالتك بسيطة جدا - بإذن الله تعالى – فقط كن إيجابيا في تفكيرك، واستفد من توبتك، فهي - إن شاء الله تعالى – فاتحة لآفاق جديدة، وتناول الدواء بالصورة التي وصفتها لك، فهو - إن شاء الله تعالى – سليم وفعال.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.


ولمزيد من العلاجات السلوكية للاكتئاب راجع هذه الاستشارات: (237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121).

مواد ذات صلة

الاستشارات