السؤال
كل عام وأنتم بخير.
لدي مشكلة وهي أني لا أفهم ما يقال لي حتى وإن ركزت.
أجريت تخطيطا للسمع والنتيجة سليمة، أنا لا أبالغ في مشكلتي فأنا لا أفهم حتى الكلام غير المباشر، فهل تنصحونني أن أذهب إلى طبيب مخ وأعصاب وإجراء أشعة مغناطيسية؟
علما بأنني أتناول بروزاك يوميا، ومنذ طفولتي ولغة الحوار بين أهلي معدومة، أي لم أكن أتحدث مع أحد، وإلى الآن أجد صعوبة في التواصل بالكلام مع الآخرين حتى وإن تخلصت من خجلي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم لؤي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن مشكلتك الأساسية كما ذكرت أنك تجدين صعوبة في الحوار وفي الكلام مع الآخرين، فأنا لا أعتقد أن هنالك سببا عضويا، فلا أنصحك أبدا للذهاب إلى طبيب المخ والأعصاب وتحمل تبعات التكلفة وإجراء أشعة مغناطيسية؛ لأن هذا الفحص لن يشير إلى أي شيء، لأننا لا نعتقد أن هنالك علة عضوية في الدماغ، أنا أعتقد أن الأمر كله متعلق بشيء من القلق، وربما يكون لديك أيضا درجة بسيطة من الخوف والرهاب الاجتماعي، وربما أيضا لديك مشكلة في أنك لا تقدرين مقدراتك بالصورة الصحيحة، أو أنك تقللين من شأن نفسك ونظرتك سلبية حيال أدائك خاصة فيما يخص التواصل الاجتماعي.
بالنسبة للعلاج الدوائي، فأرى من الأحسن أن تستبدلي البروزاك بعقار آخر يعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat)، والجرعة هي نفسها: عشرون مليجراما من البروزاك تساوي عشرين مليجراما من الزيروكسات.
يتميز الزيروكسات بأنه جيد ويزيل الخجل الاجتماعي إلى درجة كبيرة، ويعطي الإنسان بعض الثقة في نفسه.
ثانيا: بالنسبة للتوجيهات الأخرى هي أولا: يجب أن تعيدي تقييم نفسك، فأنت ربما تكونين تنظرين إلى نفسك بسلبية أكثر مما يجب، وأنا أنصحك بأن تقومي بلعب بعض الأدوار التمثيلية، فمثلا: أحضري آلة التسجيل وقومي بتسجيل حوار مفترض بينك وبين شخص آخر، قومي برسم موقف في ذهنك، وهذا الموقف يتطلب إجراء حوار في موضوع معين، مثلا:
الحديث عن الطقس في هذا الوقت من العام، مثلا: تتحدثين مع هذا الشخص المفترض عن صيام رمضان وكيف كان الصيام هذا العام، وبعد ذلك بالاستماع إلى ما قمت بتسجيله.
أنا على ثقة كاملة أنك سوف تجدين أن أداءك أفضل مما تتصورين، ولا شك أن هذه التمارين الحوارية أو ما نسميه بالسيكودراما أو المواقف التمثيلية تتطلب التكرار وتتطلب المواصلة، وتتطلب أن يكون هنالك نوع من الإبداع، أي أن تبتكري كل مرة فكرة جديدة للحوار.
نصيحتي الثانية لك أيضا: احضري البرامج الحوارية الجيدة في التلفزيون، وحاولي مثلا أن ترددي ما يقوله الأشخاص الذي يتم الحوار فيما بينهم، هذه طريقة جيدة جدا.
ثالثا: أنا أنصحك أيضا بأن تحضري المحاضرات والدروس، وتحاولي أن تلتقطي الكلمات التي يتداولها الناس في حواراتهم.
رابعا: عليك أن تقرئي بعض الكتب وتستخلصي بعض الجمل البسيطة، ويوميا قومي بكتابة ثلاث جمل وردديها، هذا -إن شاء الله- يرفع من ذخيرتك المعرفية ومن ذخيرتك الحوارية.
هنالك أمر بسيط جدا وهام، وهو: حينما تتحدثين مع أخواتك وصديقاتك وأرحامك ومحارمك حاولي أن تنظري إليهم في وجوههم، قومي بتحيتهم، ابتسمي في وجوههم، هذا كله يؤدي إلى تقوية المقدرات الحوارية والتواصلية مع الآخرين.
انضمي إلى حلقات تلاوة القرآن، مراكز التحفيظ أنا على ثقة أنها موجودة في بلادكم، هذه المراكز جيدة جدا للتفاعل الاجتماعي، ولا شك أنك سوف تتعلمين كيفية مخارج الحروف بصورة صحيحة، ولا شك أن قراءة القرآن ترفع من الذخيرة القوية للإنسان، لغة القرآن هي أرقى لغة، وأعظم لغة، ومن خلالها يستطيع الإنسان أن يقتبس ويستنتج ويتحدث مع الآخرين.
وبصفة عامة أيضا قومي بالقراءة وكذلك الكتابة، واقرئي ما تكتبيه، هذا مهم جدا، اكتبي خواطر، مقتطفات، شيء موضوع جميل قرأته في أي مصدر، قومي بتلخيصه، وهكذا، لا مشكلة لديك، وباتباعك لهذه الإرشادات البسيطة سوف تجدين -إن شاء الله- أن مستوى الأداء لديك قد تحسن كثيرا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يزيد من عملك وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا.
وبالله التوفيق.