السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت كل الاستشارات التي تتحدث عن تأخر الزواج، ووقفت على قولكم: (الأخذ بالأسباب)، ونحن نعلم في مجتمعنا العربي أن المبادرة تكون من الرجل وليس من المرأة، وأنا فتاة تأخر زواجي ولم أبحث عن زوج لي، وبقيت أنتظر النصيب وأدعو الله، فهل يعني أني مشاركة في تأخير الزواج؟ لأني لم أبحث عنه، أرجو منكم التوضيح لي والدعاء لي ولأخواتي اللواتي لم يتزوجن.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك أيتها الأخت الكريمة في موقعك استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر لك ولأخواتك الزواج ويقر أعينكن بأزواج صالحين وذرية طيبة.
ونحب أولا أن نذكرك بأن كل شيء يقع في هذا الوجود إنما يقع بقدر الله تعالى، والله عز وجل قد كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فكل شيء قد كتب، فأريحي نفسك من الهم والعناء، فما قدره الله عز وجل سيقع لا محالة، وهو سبحانه إذا أراد وقوع شيء هيأ له الأسباب، وإذا لم يرد وقوع شيء صرف الإنسان عن الأخذ بأسبابه، وفي هذا المعنى يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس) أي قد يكون الإنسان في عادته ذكيا حازما لكنه في بعض الأحيان يصاب بالعجز، ما السبب؟ إنه القدر، وكذلك العكس.
فلا تشغلي نفسك كثيرا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بأن رزق الإنسان يتبعه ويطلبه أكثر مما يطلبه الموت، فكما قال: (لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها)، فكما أنه سيموت لا محالة فإن رزقه سيأتيه لا محالة، لكن مع هذا تعبدنا بأن نأخذ بما نقدر عليه من الأسباب بشرط أن تكون هذه الأسباب مما أباحه الله تعالى.
وموضوع الزواج الأصل فيه أن المرأة يأتيها من يطلبها إلى أهلها، وحين يقدر الله تعالى الزواج سيأتي هذا الطالب، ولكل أجل كتاب، لكن إن أمكن الفتاة أن تعرض نفسها على الخطاب بطريقة مشروعة لائقة فلها أن تفعل هذا، ومن هذه الأسباب أن تتعرف على النساء الثقات مثلا وتطلب منهن إعانتها في البحث عن الزوج الصالح، فربما يكون لهن أقارب يريدون الزواج، ومن الأسباب أن يعرضها وليها على من يرى فيه الصلاح، ونحو ذلك من الأسباب المباحة البعيدة عن الفتنة والريبة، وهذا لا يعني أنها إذا لم تفعل هذا فلن تتزوج، لا ليس الأمر كذلك، فإن الأمر الواحد قد يجعل الله تعالى له أسبابا عديدة.
ونحن نوصيك أيتها الأخت الكريمة بأهم الأسباب لتحصيل كل الأرزاق وهو تقوى الله تعالى والقيام بفرائضه، فإنه سبحانه قد قال: ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب))[الطلاق:2-3]، وأكثري من الاستغفار؛ فإنه سبب لكل خير، وأحسني الظن بالله فإنه على كل شيء قدير، وأكثري من دعائه في السجود وفي الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، ونحو ذلك من الأوقات والحالات الشريفة، وسترين بإذن الله تعالى كل خير، نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك وأن يقدر لك الخير.
وبالله التوفيق.