السؤال
أنا أتناول الفلوكستين منذ ستة أشهر، وذلك أخذا بنصيحتكم، وقد قلتم أن أتناوله لمدة سنتين، فهل يؤثر هذا الدواء علي الحمل؟ ولقد قرأت أن التحليل النفسي من الناحية الإسلامية لا يجوز فهل هذا صحيح؟ علما بأنكم نصحتموني بالعلاج السلوكي المعرفي، ولكن لم أجد طبيبا لذلك، فقمت بالتحليل النفسي، ولي الآن حوالي عشرين حصة، وكل حصة تدوم خمسين دقيقة، ولم ألحظ تحسنا، خاصة أني ما زلت أعاني من اضطراب المشاعر والعجز تماما عن اتخاذ قرار الزواج.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Muslima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فقد اتضح -بفضل الله تعالى- أن الفلوكستين لا يؤثر سلبا على الحمل وتكوين الأجنة، والشواهد والدلائل العلمية في هذا الخصوص كثيرة جدا؛ حيث إن إحدى الدراسات أوضحت أن حوالي ألف ومائة امرأة حملن وهن على الفلوكستين، كانت هذه الأحمال معظمها غير مخطط لها، أو كانت المرأة لا تعلم أنها حامل في الوقت الذي تتناول فيه الفلوكستين، والحمد لله تعالى كل هذه الأحمال استمرت دون أي اختلافات في تكوين الأجنة، ومن ثم يعتبر الفلوكستين علاجا سليما في كل مراحل الحمل.
هذا هو الشيء المثبت والمؤكد بهذا الخصوص، فقط من أجل التحوط يفضل أن تكون الجرعة هي أقل جرعة وهي عشرين مليجراما يوميا؛ لأن مبدأ تناول أي نوع من الأدوية في فترة الحمل الأولى غير مرغوب فيه، ولكن بالطبع تظهر لدى الإنسان حاجة أحيانا لتناول دواء معين، وإذا كان هذا هو الحال فيتم اللجوء إلى أفضل أو أسلم دواء في المجموعة الدوائية كالتي ينتمي لها هذا الدواء، وكما ذكرت لك فالبروزاك في فترة الحمل -والحمد لله تعالى- دواء سليم.
السؤال الثاني والذي تسألين فيه عن التحليل النفسي من الناحية الإسلامية هل يجوز أو لا يجوز؟
حقيقة أنا لم أسمع أبدا ولم أطلع أن التحليل النفسي من الناحية الإسلامية لا يجوز، نعم نعرف أن المدرسة الفرويدية هي مدرسة بعيدة كل البعد عن الدين، وتفسيراتها لم تقم على أي ثوابت مادية أو تجريبية قوية، ولكن ليس هنالك أبدا ما يعارض الدين فيما يخص التحليل النفسي إذا كان يقصد بذلك أن يصل المعالج إلى مشاعر الشخص المعالج أو الذي يتم له التحليل النفسي، ومن خلال ذلك يقدم له النصائح والعلاج المطلوب، بشرط أن لا تكون هنالك أي نوع من التجاوزات.
المدرسة التحليلية القديمة كانت تركز على الجنس وليس الجنس كممارسة في حد ذاته ولكن كتفسير لكثير من الظواهر النفسية والسلوكيات التي قد يعاني منها البعض أو قد يتخذها منهجا، فحقيقة لم أر ولم أسمع من قال أن التحليل النفسي لا يجوز من الناحية الإسلامية، هو علم من العلوم الإنسانية نتفق على الكثير مما ورد فيه، ونختلف أيضا في بعض الأمور التي وردت فيه، ولكن لا يوجد مساس مباشر للعقيدة الإسلامية، والحكمة ضالة المؤمن أين ما وجدها فهو أحق الناس بها.
أود أن أضيف أن جدوى التحليل النفسي في حد ذاته أصبح مشكوكا فيه، وقل من يمارس هذا المنهج الآن لعلاج المرضى أو الذين يعانون من مشاكل نفسية، ولا يشجع أبدا أن يتم الآن استكشاف نفوس الناس أو وضع آليات علاجية لهم بناء على التحليل النفسي الصرف، فالمدارس النفسية الحديثة تأخذ ببعض الملاحظات التي وردت في التحليل النفسي وتأخذ كذلك بما ورد في المدارس السلوكية والمدارس المعرفية والمدارس الإنسانية، وهذه أخرجت لنا ما يمكن أن نسميه بالعلاج السلوكي النفسي المعرفي..هذا هو الأفضل، وهذا هو الأنفع.
لا أرى أي داع أبدا لأن تواصلي هذا التحليل النفسي ما دمت لم تلاحظي منه أي فائدة أو أي تغيير، وهذا متوقع؛ لأن معظم المحللين النفسيين -والذين الآن أصبحوا أقلية حيث إن هذه المدرسة في طريقها إلى الاندثار- يقومون بمقابلة الشخص الذي يطلب الخدمة عدة مرات قد تمتد إلى سنوات، وقد قرأت أن المحلل النفسي تنتهي علاقته بالمريض إما بموته أو بموت المريض، وهذا شيء مضحك، فربما تكون هذه دعابة، ولكن هي دليل على أن التحليل النفسي الصرف ربما تكون قيمته العلاجية ليست جيدة، وهذا تقريبا عليه إجماع الآن من الكثير من المدارس النفسية.
العلاج السلوكي المعرفي إذا لم تجدي من يقوم به فيمكنك الاستعانة ببعض المواقع التي توضح تفاصيل هذا العلاج، والذي هو في الأصل يقوم على أن الانفعالات والأفكار والأفعال مترابطة، بمعنى أن الإنسان إذا أتته فكرة قد تؤدي إلى انفعال والانفعال قد يؤدي إلى فعل، لذا يكون السعي دائما لتغيير الفكرة، وتغيير الفكرة يبنى على أن السلوك السلبي قائم على أفكار سلبية، ولذا على الإنسان أن يغير فكره السلبي إلى فكر إيجابي.
والمشكلة الأساسية لدى بعض الأشخاص الذين لديهم فكر معرفي سلبي أنهم يقللون من قيمة ذاتهم، فالعلاج يقوم في مثل هذه الحالة على إشعار المريض بأن هذا التقدير نحو الذات ليس صحيحا...قد تكون لديهم أيضا مشاعر مثلا إذا ذكر أحد الناس أن هنالك مرضا ظهر في أحد الأحياء فتأتي فكرة لهذا الشخص أنه هو الوحيد سوف يصاب بهذا المرض، إذن دائما يحاول الإنسان السلبي أن يأخذ الجانب التشاؤمي ويلصقه بنفسه ومن ثم تكون انفعالاته وأفعاله.
عموما العلاج النفسي المعرفي يقوم على تغيير الفكر السلبي إلى فكر إيجابي، ويقوم أيضا على مبدأ ممارسة الرياضة، مزاولة تمارين الاسترخاء، إدارة الوقت بصورة صحيحة، أن يسعى الإنسان ليكون نافعا لنفسه ولغيره، تطوير المهارات الاجتماعية، الاطلاع والمعرفة؛ لأن هذا يؤدي إلى نماء الذات وتطويرها...هذه هي المبادئ السلوكية المعرفية الرئيسية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على التواصل مع إسلام ويب.