السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا فتاة حزينة، عمري 22 سنة، مجتهدة في دراستي، علاقاتي الاجتماعية محدودة، أحاول ألا أرتكب المعاصي، أحب ربي وأحاول المحافظة على صلواتي، أرجو ألا تحتقروني أو تعتبروا مشكلتي تافهة، أنا أبكي كل يوم، وسئمت من هذه الحياة، مشكلتي بدأت منذ أن كان عمري 16سنة، فتاة من الخليج، تربيتي كانت قاسية، كنت أضرب من قبل أمي لأتفه الأسباب، مع أني لم أكن بتلك الشقاوة، وعندما بلغت مرحلة المراهقة أصبحت أمي تتقرب لي أكثر، ظننت أنها تود أن تصبح صديقتي، لكن للأسف كنت غلطانة، هذا اتضح لي عندما بلغت 16 وصرت أحب شابا يكبرني بعشر سنوات، والله العظيم لم أكلمه أبدا، وإنما مجرد نظرات، لقد أحببته من أجل أن يغمرني بالحب ونكون أسرة سعيدة، لقد أخبرت أمي ولم ألق منها إلا الضرب والكلمات النابية، ثم مرت السنون ونسيت هذا الشاب، وأسأل من الله أن يعوضني خيرا منه.
هذا الحب كان حب عذري، حب بريء، لم أفكر حينها بالجنس، لكن بعدما تخرجت من المدرسة الثانوية أحسست بأنني فعلا محتاجة للزواج، لأني أريد الحب والحصول على المتعة بالحلال، هذه الرغبة ظلت دفينة إلى أن وصلت لمرحلة شعرت فيها بالاختناق، وأخبرت أمي برغبتي بالزواج، فانهالت علي مرة أخرى بتجريحي وسبي وأني منحرفة، وأصبحت تضرب لي الأمثال بفلانة وغيرها بأنهن عمرهن ما تجرأن وطلبن هذا الطلب.
إخواني: أمي لا تعلم قدر عذابي، لقد صبرت كثيرا، لا أحد يطرق بابي مع أني جميلة مجتهدة طيبة، والله لا أريد إنسانا غنيا، لكن لا أحد يريدني، أعطيت أهلي فكرة بالبحث لي عن زوج صالح، لكن قوبلت بالاحتقار، كونت صداقات عديدة، لكها للأسف انتهت بانتهاء المصلحة، والحمد لله لم يبق لي إلا صديقة واحدة وفية، والله العظيم إن أمي تقول لي عساك ما تتزوجين، وتقول: يا رب تتزوجين إنسانا منحرفا.
أدخلت أقربائي بالموضوع على الأقل لردع أمي، لكنهم لم يبالوا، وأمي عندها الحب حرام والزواج ليس كل شيء، ولا تهتم مطلقا بالحاجة الجسدية، أنا محطمة، أمي سليطة اللسان، تضربني إلى الآن وأنا المتفوقة التي تتمنى الحلال، أبي ضعيف الشخصية أمامها، أتصدقونني إن قلت لكم: إنها إلى الآن تعيرني بأنني أحببت شابا، وأخبرت الكل بذلك؟
صرت أسبها ولا أكلمها ولا أريدها، فهي تقول لي: اذهبي ابحثي عمن يشبعك في الشوارع، أنا ربما أخطأت عندما أخبرتها برغبتي بالزواج، لكن كان أسلوبي حضاريا، أما الآن أصبحت محطمة أحتاج إلى من يضمني، أحتاج لحب أولا، أقسم بالله أن قلبي يتقطع عندما أسمع بأن فتاة أقل مني مستوى سواء في الأخلاق أو في العلم يتقدم إليها من يخطبها، أمي انطوائية، لا تحب الاجتماع بالناس، عصبية، قولوا لي ما عساي أن أفعل؟ لم أبالغ بالكتابة عن وضعي، ولقد أخبرتكم بالحقيقة، وأتمنى بألا تعتبروا مشكلتي تافهة، وأسأل من الله أن أجد عندكم الحل، ولا تبخلوا علي بدعائكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الغالية الفاضلة / وفاء .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فانه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، وكم يسعدنا أن تعتبرينا أهل وإخوان لك، ويشرفنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، فاتصلي بنا ولا تتردي، فنحن دائما جميعا هنا في انتظارك ويسعدنا الاطمئنان على أحوالك، ونسأله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يصلح ما بينك وبين والدتك، وأن يمن عليك بالزوج الصالح الذي يكون عونا لك على طاعته وحجابا لك من النار، وأن يأخذ بيدك إلى السعادة والراحة والاستقرار النفسي والسكن الروحي .
كم أنا حزين فعلا لعدم فهم والدتك لظروفك وتقديرها لصراحتك ورغباتك، ولكن لعلها معذورة حيث أنها لم تتعود أن تسمع مثل هذا الكلام الصريح، نظرا لظروف تربيتها، وأعتقد أنك أيضا لم تكوني موفقة في العرض؛ لأن عادة أكثر الأسر في عالمنا العربي لا تقر فكرة أن تطلب البنت الزواج بطريقة مباشرة كما فعلت أنت، وهنا تكمن المشكلة، وكان من الممكن أن تفكري في وسيلة أو طريقة أخرى تكون أنسب في العرض، ولكن عموما قدر الله وما شاء فعل.
وأريدك أن تخرجي من هذا العالم الكئيب الذي وضعت نفسك فيه، وأن تتطلعي إلى رحمة الله وعفوه ورحمته وفضله، ولا تستسلمي لتلك الهواجس والوساوس، واتركي عنك فكرة الزواج جانبا الآن، ودعينا نفكر في الإصلاح فيما بينك وبين أمك؛ لأن سبها أو الدعاء عليها لا يجوز شرعا مهما كانت الأسباب، وأتمنى لحل هذه المشكلة أن تفعلي ما يلي:
1- تقدمي إلى والدتك معتذرة عما بدر منك واطلبي منها العفو والصفح ونسيان ما مضى، واجتهدي في إرضائها؛ لأن رضا الله من رضاها وسخطه من سخطها، واطلبي منها الدعاء لك بالصلاح والهداية والاستقامة والسعادة.
2- تقربي إليها بكل الوسائل الممكنة، وحاولي كسب ودها وحبها ورضاها.
3- عليك بالدعاء لها بالمغفرة والتوفيق، وأن يوفق الله بينك وبينها.
4- أقبلي على الله وواصلي الاجتهاد في الطاعة والعبادة، خاصة الصلاة والدعاء لنفسك بصلاح الحال والتوفيق إلى خير الدنيا والآخرة.
5- اسألي الله أن يمن عليك بزوج صالح يكون عونا لك على طاعته.
6- لا تتعجلي مسألة الزواج؛ لأنك لا تدرين أين يكون الخير، ولا تتأسفي على عدم تقدم أحد إليك في حين أن غيرك يتزوجن؛ لأن كل شيء بيد الله، وفي الوقت المناسب سوف يتقدم إليك من يسعدك الله به ويحقق أملك معه، فلا تتسرعي أو تتعجلي أو تصابي بشيء من التوتر أو القلق؛ لأن هذا لن يغير من الأمر شيئا، وإنما لا يزيدك إلا حسرة وندامة، والأفضل أن نسلم الأمر لله، وأن نرضى بقضاء الله وقدره، وأن نعلم أن الخير كله فيما قدره الله وقضاه، وأن العجلة لا داعي لها.
7- أن تواصلي تفوقك الدراسي حتى تنتهي من هذه المرحلة بدرجات عالية، قد يغير الله بها حياتك كلها وأنت لا تشعرين.
8- ضعي لنفسك برنامج عبادة أو قراءة قرآن تحفظين به أوقات فراغك وتكسبين به رضوان الله عز وجل والجنة.
9- شاركي أخواتك الملتزمات في بعض الأنشطة الدعوية، والتي يمكن من خلالها أن تتعرف عليك إحدى الأخوات فترشحك لأحد محارمها - أخ لها، أو ابن أخيها، أو ابن أختها - وهذا كثير ومجرب.
10- البنت الجميلة المجتهدة الملتزمة مثلك لا ينبغي لها أن تخاف؛ لأن فيها جميع المقومات التي يطلبها أي رجل، وإنما المسألة مسألة وقت فقط.
مع تمنياتي لك بالتوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة، والله الموفق.