السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة عمري 16 عاما، وأعاني منذ فترة طويلة من الخجل، لدرجة أني لا أتكلم مع الناس وخصوصا مع عائلتي - إخواني الكبار -، وعندما نجتمع على طاولة الطعام لا أتكلم إذا تواجد إخواني الكبار، وتكون حركاتي مثل الروبوت، وأما إذا لم يكونوا موجودين فإن حركاتي تكون طبيعية.
علما بأن لي أختا في نفس عمري (توأمي) ولا أخاف منها أبدا ونعيش في غرفة واحدة وندرس في نفس الصف، وأعتمد عليها في كل شيء، وهي التي تشجعني وتحاول حل المشكلة، لكن الحلول صعبة علي ومستحيلة فلذلك لا أسمع كلامها ولا أحاول أن أطبقه.
وقد ازداد الخجل أكثر بعد وصولي سن المراهقة، حيث كان الخجل في المدرسة أو في العالم الخارجي فقط، ولكن زاد الخجل وامتد إلى العائلة حيث أكون في البيت منطوية على نفسي في غرفتي، وليس عندي صديقات إلا صديقة واحدة، ونادرا ما أتكلم معها، وقد أبتعد عني صديقاتي؛ لأن صفاتي سلبية وأفكاري سلبية، حتى السنوات التي كنت فيها خجولة كانت حزينة وليست جميلة بالمرة، وأريد أن تكون السنوات القادمة ممتعة وتكون لي ذكريات جميلة، وقد حاولت وبحثت عن كافة العلاجات لكي أتغلب على خجلي ولكن دون فائدة، فما الحل؟!
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنك تعانين من انزواء وانطواء وخجل وعدم القدرة على التفاعل مع الآخرين، ولديك أفكار سلبية كثيرة تسيطر عليك، كما أن إرادتك نحو التحسن يظهر أنها ضعيفة؛ لأنك لا تقومين بتطبيق الإرشادات النفسية التي تنصحين بها، ولا شك أن هذا أمر سلبي في حد ذاته، ويجب أن تعرفي تماما أن التطبيق السلوكي للإرشادات التي أعطيت لك هي المخرج الوحيد بعد مشيئة الله تعالى.
ويجب أن تعرفي بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن تعلمي أن (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير)، فهذا دليل قاطع بأن الإنسان يمكنه أن يوجه ذاته ويمكنه أن يغير من مسلكه ومن النمط الذي يسير عليه، خاصة إذا كان هذا النمط نمطا سلبيا، ولا أحد يملك لك أي حلول سحرية؛ فالحلول بيدك أنت، وهذه الحلول تتمثل فيما يلي:
أولا: يجب أن تغيري الأفكار السلبية إلى أفكار إيجايبة، فكل تفكير سلبي يوجد ما يقابله من فكرة إيجابية، فلماذا لا تستبدلين هذا الفكر السلبي وتغرسين الفكر الإيجابي وتجعلينه هو الدافع الذي يحركك في حياتك.
ثانيا: عليك أن تغيري طريقة التواصل مع أسرتك، فأنت بحمد الله تعالى على تفاهم تام مع والديك فلماذا لا يكون هذا أيضا مع إخوتك؟ فهل أنت لك أي تجارب سلبية معهم؟ وهل هم يعاملونك بقسوة؟ فركزي في التواصل مع إخوتك، ولا مانع أبدا من أن تتحدثي مع والدتك، ويمكن لوالدتك أن تكون وسيلة صلة أو وسيطا بينك وبين إخوانك وتخطريهم بأنك خجولة وتجدين الصعوبة في التواصل الكلامي معهم، وهذا سوف يمهد لإخوانك أن يكونوا أكثر تفاعلا معك وأن يأخذوا بزمام المبادرة في مخاطبتك والتحدث معك بصورة أكثر انفتاحا، ومن جانبك لابد أن تتفاعلي معهم بصورة إيجابية، فهذا سوف يفيدك كثيرا.
وأما تكوين الصدقات فإنه أمر ليس بالصعب أبدا، والصداقة هو أمر متبادل، فعليك أن تقومي بواجباتك حيال صديقاتك من الاتصال بهن ومن زيارتهن، وأيضا لتنمية الذات عليك أن تستفيدين من الجمعيات والتجمعات الطلابية الموجودة في المدرسة ويكون لك فعالية من خلال هذه الجمعيات، فيمكنك حتى التفكير في الانضمام لأي عمل تطوعي من خلال المدرسة أو من خلال الجمعيات التطوعية، فإن هذا يعطيك فرصة للشعور بقيمة الذات بصورة إيجابية، وفي نفس الوقت يعطيك القدرة على التفاعل والاتصال مع الآخرين.
ولابد أن تغيري من فكرك حيال نفسك، فأنت لا ينقصك شيء أبدا، فأنت مثل بقية البشر وأنت مثل بقية الفتيات اللائي هن في سنك، وربما يكون لك ما يميزك على بعض زميلاتك ولكنك لا تستشعرين ذلك.
والثقة بالنفس تأتي بالأفعال وليس بالمشاعر، فاجعلي لنفسك برامج يومية والزمي نفسك بها، وشاركي في أعمال المنزل مع والدتك، واجلسي مع إخوانك ولا تنعزلي أبدا، وحاولي أن تكثري من الاطلاعات المفيدة وركزي على عباداتك وعلى صلواتك والتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة التي تنفعك في دينك ودنياك، فهذه كلها أمور تساعد في تنمية الثقة بالنفس والمهارات الاجتماعية.
والشق الآخر في العلاج هو أنك ربما تعانين من درجة بسيطة من الاكتئاب، والاكتئاب في مثل سنك لا يأتي في شكل عسر في المزاج أو حزن شديد أو سوداوية في التفكير، إنما يأتي في صورة انزواء وانعزال وابتعاد وانطواء وعدم القدرة على التفاعل مع الآخرين، وسيكون من المفيد لك أن تبدئي في تناول أحد الأدوية التي ننصح بها في مثل هذه الحالات، والعقار الذي أنصح به هو العقار الذي يعرف باسم (بروزاك) وهو عقار معروف وسليم جدا، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، ويفضل تناوله بعد الأكل، واستمري عليه لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناوله.
فهذا الدواء سوف يساعدك إن شاء الله تعالى كثيرا في أن تكوني أكثر إيجابية في تفكيرك وفي تفاعلك مع الآخرين، كما أرجو أن تمارسي أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وعليك بأن تثقفي في نفسك وتطبقين الإرشادات السلوكية السابقة وتتناولين الدواء الذي وصفته لك، وأرجو أيضا أن تستمري في التواصل مع طبيبتك النفسية.
وبالله التوفيق.