السؤال
زوجي دائما يهددني أنه سيطردني من بيتي ويأخذ أولادي مني، ودائما يضربني على أتفه الأسباب، ويقول: إن أهلي لا يريدونني -وهذا صحيح- اشتكيت لأبي وقال لي: اصبري، ولا أريدك عندي، أنا زوجتك وارتحت منك، ودائما أحاول أن أرضي زوجي لكن يقول لي: لا تحاولي أنت كاذبة، ولا أدري ماذا أعمل، هل أهرب إلى الشارع؟!
علما بأن أبي قال لي: لا أريد أن أراك عندي، وعلى فكرة زوجي دائما يتلفظ علي بألفاظ، مثل: غبية، ومجنونة، وأشياء كثيرة.
أفيدوني؛ لأن حياتي صارت جحيما، وأخاف أن يطردني من بيتي ولا أدري أين أذهب؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Tootah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل جلاله أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يضع الرفق والعاطفة والحنان في قلب أهلك، وأن يرزقك القرار والاستقرار والأمن والأمان، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فبداية أقول لك كان الله في عونك، فأنت حقا تعيشين بين نارين: زوج يهدد بطردك دائما، وأب يقول أنا لا أريدك في بيتي لقد ارتحت منك ولا أريدك أن تعودي إلي مرة أخرى، هذا موقف أسأل الله - عز وجل - أن يعينك على تجاوزه، وأسأل الله تبارك وتعالى ألا تصلين إلى تحقيقه.
وأما بخصوص تهديد زوجك فأنا أتمنى أن تشعريه بأن هذا بيتك وأنه لا يستطيع أن يخرجك منه؛ لأن الإسلام كفل لك ذلك، وحكم القضاء سيكون في صالحك لو وصلت الأمور إلى هذالحد، فمن العار عليه أن يلقي بأم أولاده إلى الشارع.
أتمنى - بارك الله فيك – أن تنظري في تصرفاتك مع زوجك، ما هي الأسباب التي تؤدي إلى طرده لك وتهديده بطردك دائما؟! لابد أن هناك أسبابا، فأتمنى - بارك الله فيك – أن تدرسي هذه الأسباب بدقة، وإذا كنت أنت السبب فيها فاجتهدي في التخلص منها، واعلمي - بارك الله فيك – أن الله جل جلاله قال: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))[الرعد:11]، فأتمنى - بارك الله فيك وحفظك الله – أن تكوني صادقة مع نفسك، صادقة مع أولادك، وفوق ذلك صادقة مع الله - جل جلاله - في تحديد الأسباب التي تؤدي إلى هذا الخلاف المستمر بينك وبين زوجك حتى إنه ليضربك لأتفه الأسباب ويطردك أو يهدد بطردك دائما وأبدا.
لعلك أنت السبب في ذلك؛ لأنه يستحيل أن يكون الرجل يرى من امرأته الخير ويقابلها بالشر، كما أنه يستحيل أن تكوني أنت تجدين منه الخير وتقابلينه بالشر، وإنما لعل الأسباب مشتركة بل لعلك تحملين المسئولية الكبرى عن معظم الأسباب، فأتمنى - بارك الله فيك – بداية أن تعيدي النظر في كل تصرفاتك وفي كل مواقفك من زوجك: هل أنت فعلا زوجة مثالية؟ هل أنت زوجة صالحة؟ هل أنت تهتمين ببيتك اهتماما مشهودا وملاحظا من النظافة وإعداد الطعام، وتربية الأولاد، وتهيئة الجو المناسب ليكون البيت سكنا ومودة ورحمة للزوج؟ هل أنت يا ترى تهتمين بزوجك من حيث العناية الشخصية والخاصة والنظافة الخاصة جدا، والتعطر، والاستعداد له بما يجعله يرغب في الجلوس معك والاستئناس بالنظر إليك، أم أنك جعلت هذا من آخر الأولويات؟!
أتمنى ذلك؛ لأنه - أختي الكريمة – من الصعب جدا أن يكون هناك تصرف بدون سبب، سواء أكان هذا التصرف سلبيا أو إيجابيا – فأعمال الخير لها دوافع، وكذلك أعمال الشر لها دوافع، قد أكون أنا، وقد تكونين أنت، أحيانا السبب في مشاكل الأسرة، ولكننا نبحث عن المشاكل خارج محيطها وبذلك لا تحل المشاكل أبدا.
أتمنى أن تعيدي النظر في موقفك، وأن تدرسي علاقتك بزوجك ودورك كزوجة وأم بطريقة صحيحة وهادئة وصادقة، لعلك أن تجدي أن هناك خطأ تقعين فيه وأنت لا تشعرين فتجتهدي في التخلص منه؛ لأنه يصعب على الرجل أن يطرد امرأته وأم أولاده لقارعة الطريق لأنها عرضه ولأنها شرفه، ولا يقبل على ذلك غالبا إلا بمشقة شديدة ودوافع قوية.
وأما عن موقف والدك – غفر الله له – وأنه قال: أنا لا أريدك أن تعودي مرة أخرى لأني ارتحت منك، فإن هذا مجرد كلام - أختي الكريمة – لأنه لا يوجد أب في الدنيا يتخلى عن ابنته فلذة كبده، حتى وإن قال ما قال؛ لأنه في جميع الأحوال أنت قطعة من أبيك تمشين على الأرض، وقطعة من أمك تتحرك بين الوجود؛ ولذلك هذا كلام على سبيل المبالغة وليس على سبيل الحقيقة، وعلى سبيل أن تحافظي على بيتك.
أنا لا أقول ذلك لك لأشجعك على أن تتركي بيت زوجك، وإنما أريد أن أقول لك لتطمئني إلى أن هذا الكلام ليس على حقيقته، وأن وراءك أهل - بإذن الله تعالى – إن قدر الله شيء فسيقفون معك، ولكن أقول لك - بارك الله فيك –: أنا لا أتمنى أن تركني إلى أحد سوى الله سبحانه وتعالى، فعليك حل مشاكلك بنفسك، وانظري في الأسباب التي أدت إلى ضرب زوجك لك وإلى تهديده لك بالطرد، وحاولي القضاء على تلك الأسباب ومسبباتها، والقضاء على الآثار المترتبة عليها، وكوني زوجة صالحة نقية عفيفة في لسانك وفي تصرفاتك مهتمة بزوجك، اجعلي زوجك على رأس أولوياتك واهتماماتك، اهتمي به دائما، بيته يكون كما لو كان فندقا سبع نجوم، طيب الرائحة، بيته مرتب، فراشه مرتب، طعامه جاهز معد بطريقة جيدة، أنت وردة إذا نظر إليها سرته وإذا شمك ما ازداد إلا تعلقا بك، تصرفاتك مع أولادك، تربيتك لأولادك.
قومي بدورك الذي ينبغي أن تقوم به كل زوجة فاضلة وكل أم كريمة، ثم توجهي إلى الله جل جلاله بالدعاء أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وثقي وتأكدي من أن الله تبارك وتعالى وعد أنه لا يضيع عمل عامل، حيث قال سبحانه: (( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ))[النحل:97]، وقال: (( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ))[الزلزلة:7]، ويقول - تبارك وتعالى جل جلاله -: (( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ))[الرحمن:60].
فعودي - كما ذكرت - إلى نفسك، وقومي تصرفاتك مع زوجك وأولادك في بيتك، ثم توجهي إلى الله بالدعاء أن يصلح ما بينك وبين زوجك، واعلمي أن الله على كل شيء قدير، وأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء – كما أوصى الحبيب صلى الله عليه وسلم – فاجتهدي في ذلك وأبشري بفرج من الله قريب، ولن يحدث هناك - إن شاء الله تعالى – إلا ما تريدين وإلا ما تأملين.
هذا وبالله التوفيق.