السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
زميلي في العمل إذا هاتفته زوجته يجيبها دائما بحدة وصياح حتى إني أتساءل كيف أنها لم تطلب الطلاق منه؟ وإذا راجعته في الأمر بالقرآن والسنة والعرف يقول لي: (هذا ما يتماشى مع النساء)، وإذا هاتفته أمه أو ابنته يستعمل معهما أعذب الكلام، وإذا هاتفته زميلته في العمل أو حضرت إلى مكتبنا لمباشرة عمل يكون كالحمل الوديع (تصرفاته وكلامه من أروع ما يكون من رجل تجاه امرأة).
مع العلم أن زميلي يصلي وإن كان غير محافظ عليها.
ما عساي أقول له؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف الإسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
ومن هنا يتضح لنا أنه لا خير في إنسان لا خير فيه لأهله، ونستطيع أن نقول إن كان في الإنسان خير فأولى الناس بذلك الخير هم أهله، ويؤسفنا أن نقول إن التناقض المذكور يعيش فيه كثير من الناس، حيث نجده يضحك مع الجميع فإذا دخل بيته بدأ العبوس وظهرت القسوة والحدة فأهله في عناء وشقاء، وكم تمنينا أن يحتكم الناس في تعاملاتهم إلى شرع الله القويم، وأن يتأدبوا بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله، وأرجو أن يبدأ زميلك هذا بالمحافظة على الصلاة، ثم بعد ذلك يتعامل مع الناس وخاصة زوجته وأهله بمقتضى ضوابط الشريعة التي جاء فيها: (الدين المعاملة) و(الدين حسن الخلق) وورد فيها: (ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش البذيء).
ورغم أنه لم تظهر لنا ردود زوجته على كلماته إلا أنها في الغالب سترد بنفس الطريقة، فيكون الضحية هم الأولاد الذين يسمعون ويشاهدون تلك القسوة، وإن كانت عاقلة فستسكت وتصبر فإنها لا تأمن من زوجها ولا تطمئن إليه وهذا لا يقل في خطورته عن الرد بالمثل، وأرجو أن أقول لمثل هذا الإنسان أنه لا يعرف من الناس ومن زميلات العمل إلا ما ظهر منهم، وهو الجانب المشرف الذي نجتهد في إظهاره للآخرين.
فالعلاقة هنا قائمة على المجاملات وإظهار الحسنات دون السيئات ولكن علاقة الرجل وزوجته تقوم علي المسئولية وظهور السلبيات والإيجابيات، فكثرة المخالطة تظهر أخلاق المخالط ومن هنا كان التوجيه النبوي: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، وهذا هو الذي جعل المستشرق يقول -لما سمع كلام خديجة في النبي صلي الله عليه وسلم-: رجل تقول فيه زوجته: (والله لن يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم ...) رجل عظيم ظاهره كباطنه.
ونحن في الحقيقة سعداء بالناصحين من أمثالك ونتمنى أن تجتهد في النصح وتذكره بأن الذي فرض الصلاة هو الذي أمر بالإحسان إلى الزوجة، وأنه أول من ينتفع من الكلام الطيب والمعاملة الحسنة.
وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله وطاعته ثم بكثرة اللجوء إليه ومرحبا بك في موقعكم ونسأل الله الهداية للجميع.