تعيير الزوج لزوجته بكبر سنها وكيفية التعامل معه

0 460

السؤال

السلام عليكم.

أنا زوجة عمري 36 سنة، تزوجت وأنا عمري 30 سنة، ولي الآن طفلان، زوجي تزوجني عن اقتناع، عمره مثل عمري.

المشكل هو أنه أصبح يعيرني ويقول لي: تزوجتك كبيرة في السن، أنا تليق بي فتاة سنها 18 سنة، فأصبحت أشمئز منه، رغم أننا كنا في الأول سعداء مع بعضنا، وأصبحت لا أستطيع أن أعمل شيئا لإسعاده؛ لأن هذه الكلمات تقلقني وتجعلني عصبية معه وأتشاجر معه، لا أعرف كيف أتعامل مع تفكيره الرجعي؟

أرجو أن تنصحوني كيف أتعامل معه؟

ولكم ألف شكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وصال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح ما بينك وما بين زوجك، وأن يوفقه للتخلص من تلك العبارات السلبية التي تؤثر على حياتك، وأن يرزقك القوة على التفاهم والحوار والنقاش معه، وأن يجمع بينكما دائما على خير، وأن يعينكم على تربية أطفالكم، وأن يجعلكم سعداء الدنيا والآخرة.

بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإني أخشى أن يكون هذا الكلام مزاحا ولكنك تحملينه على محمل الجد، فكثيرا ما يحدث هذا ما بين الرجل وزوجته في أوقات مختلفة ومتفرقة أن يقول لها هذا الكلام من باب المزاح أو المشاكسة أو المعاكسة، حتى وإن كان الكلام على محمل الجد فإن الأمر قد انتهى؛ لأنه لا يوجد الآن إنسان عاقل لديه زوجة تقوم بواجباتها على الوجه الأكمل وأكرمه الله منها بطفلين ويفكر أن يتزوج عليها، فالزواج الآن ليس بالأمر السهل، وإن كان حقيقة التعدد شيئا مشروعا، وهو من شرع الله تعالى، ولكن من الذي يطيقه ومن الذي يقدر عليه الآن في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها الإنسانية؟

نعم إن التعدد الآن حل لكثير من مشكلات العالم، ولكن مع الأسف لا يقبل عليه أحد، نظرا لتكاليفه وللظروف التي يخشاها الإنسان من تقلب الزمن ومن عدم توفيقه مع الزوجة الثانية فيتم تدمير البيت الأول والثاني معا، ولعدم فقهنا للحكمة والعلة التي من أجلها شرع الله تعالى التعدد؛ ولذلك أقول -بارك الله فيك-:

هذا الكلام كله مجرد كلام، إلا أنك يبدو أخذت الأمر على مأخذ الجد حتى أصبح يؤثر على سلوكك وتصرفاتك، وبذلك تكونين قد استسلمت لهذه الهواجس وتعاملت معها بطريقة خاطئة؛ لأن المرأة حتى وإن قال لها زوجها هذا الكلام وهو جاد وصادق فكونك بدأت الآن لا تستطيعين عمل شيء لإسعاده؛ لأن هذه الكلمات تجعلك عصبية وتتشاجرين معه، فهذا - مع الأسف الشديد – رد فعل سيئ، وهو رد فعل خطأ، وأنت بذلك فعلا في طريقك لتفقدي زوجك، وإنما الأصل فيك - بارك الله فيك – أن تثبتي له أنك أفضل من فتاة سنها خمسة عشر عاما أو ثمانية عشر عاما، وأنك ما عندك أي تقصير حتى يقول هذا الكلام.

أنت الآن - بارك الله فيك – تعطينه الفرصة لكي يؤكد هذا الكلام الذي قاله، بأنك الآن تزوجته وأنت كبيرة في السن، وأنك طبعا دورك ضعيف وأداؤك متواضع، وهو يريد فتاة تسعده وتدخل عليه الحياة وبسمتها، والشباب والحيوية، خاصة وأن عمره الآن مثلا كعمرك – ست وثلاثون عاما – فمن الممكن أن يتزوج من جديد.

فأنت بذلك تعطينه الفرصة - أختي الكريمة الفاضلة – لكي يفكر في غيرك، لماذا؟ لأن هذه الطريقة السلبية التي تتعاملين بها معه ستجعلك تقصرين في حقه وفي حق أسرتك، وبالتالي ستفقدين كل شيء.

ولكن من المفروض أن المرأة عندما تشعر أن زوجها بدأ يقول لها هذا الكلام أن تضعف جهدها في أن تتميز، أن تكون متميزة في نفسها، متميزة في بدنها، متميزة في ترتيب بيتها، متميزة في طعامها وتربية أولادها، حتى لا تدع لها فرصة أن ينظر إلى غيرها.

أما الآن أنت تعطينه الفرصة ليقول لك أنت أهملتني، وأنت قصرت في حقي، وأنت لا تهتمين بنفسك، وأنت عصبية، وأنت تختلقين المشاكل لأتفه الأسباب، وبذلك سيبدأ فعلا في الانصراف عنك والتفكير في غيرك، وبذلك تكونين قد فقدت كل شيء، فالذي أنصحك به - بارك الله فيك -: أن تتركي هذه السياسة السلبية التي تفعلينها الآن، وهذا الكلام الذي قاله اعتبريه مزاحا، حتى وإن كان جادا اعتبريه مزاحا؛ لأنكما من سن واحد، فأنت تقولين أنكما في سن واحدة، فمعنى ذلك أن هذا الكلام لا معنى له، تقولين له أيضا هذا الكلام: (أنا كان من الممكن أن أتزوج أفضل منك) مثلا، ولكن لا أريدك أن تقولي ذلك، ولكن أقول:

أنا أتصور أن هذا عبارة عن مزاح من زوجك أو مشاكسة أو معاكسة، ولكنك أخذته على محمل الجد، فالمطلوب منك الآن - بارك الله فيك – أن تهتمي بنفسك غاية الاهتمام، وأن تكوني كالوردة جميلة المنظر طيبة الريح، وأن تهتمي بسرير النوم خاصة وغرفة النوم على وجه الخصوص، وأن تكوني باستمرار في وضع من اللياقة، واستعملي أدوات الزينة والتجميل، وبيتك يكون نظيفا ويكون مرتبا، أولادك يكونون في قمة النظافة وقمة الترتيب، وتجتهدين في أن يكون طعامك مستواه يتحسن، تبحثين عن وسائل حتى ولو كانت كتلوجات تتكلم عن المطبخ والطعام وتحاولين أن تنوعي، وتحاولين أن تغيري من نظام الحياة الموجود.

لا تردي عليه إذا ما تكلم هذا الكلام، واحرصي أن تكتمي مشاعرك العصبية في وجوده حتى وإن أساء فلا تردي عليه الإساءة، وإنما يكفيك (جزاك الله خيرا).

وفوق ذلك عليك بالدعاء له أن يصلح الله ما بينك وبينه وأن تجتهدي في ذلك، وتقولين: (يا رب اللهم إنك تعلم أني حزينة وتعلم أن هذا الكلام يؤثر في ولكني أسألك أن تعينني على أن أتحمل وأن تصلح حال زوجي، وأن تصرف عنه هذه الكلمات التي تؤلمني، وأن تجعل حياتي معه حياة سعيدة طيبة مباركة) لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء كما أخبر بذلك حبيبك عليه الصلاة والسلام بل إنه قال صلى الله عليه وسلم: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل)، يعني إذا كان البلاء موجودا فالدعاء يرفعه، وإذا كان البلاء سوف يأتي – يعني إذا كان زوجك يفكر في زوجة في المستقبل - فتستطيعين بهذا الدعاء أن تمنعيه من ذلك بإذن الله تعالى - .

فعليك بالدعاء، والاهتمام بنفسك، وعدم الرد السلبي لهذه الطريقة، ومسألة أنك أصبحت تشمئزينمنه فهذا خطأ؛ لأن هذا الكلام يؤثر كثيرا، لأنك كونك لا تنسجمين معه معناه أنك لن تستطيعي أن تعطيه شيئا، وهو طبعا ما زال لم يتغير، وإنما الذي تغير كلامه، أما هو في مثل سنك وفي غاية الحيوية والنشاط فلا تفكري في هذا الكلام السلبي الذي يقوله، واهتمي بنفسك كما أشرت إليك، وأكثري من الدعاء، وأنا واثق - إن شاء الله تعالى – بأنك سوف تكسبين الجولة كلها ولن يفكر في غيرك، وستظلين معه على قلبه حتى تخرجا من هذه الحياة، بل لعله أن يكون من نصيبك في الجنة - بإذن الله تعالى – وما ذلك على الله بعزيز.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، والعون على أداء مهتمك، وأن يصرف الله عنك وعن زوجك كيد شياطين الإنس والجن.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات