السؤال
دخلت موقع للزواج وتمت خطبتي من خلال هذا الموقع، مع العلم أن أهلي كانوا يعرفون أني دخلت الموقع وقد قابل العريس والدي أولا ثم اتفق أن يأتي لمقابلة أمي، وبعد فترة قصيرة تمت خطبتي له.
هذا الشاب يحمل شهادة عالية، ولكن ظروف العمل هنا لا تسمح للشاب أن يجد فرصة عمل مناسبة، وكان أهلي على علم أنه في حال عدم وجود شغل سينزل إلى محل الحلاقة التابع لوالده ويعمل به حتى يجد عملا مناسبا ووافقوا، ولكن المشكلة أنه بمجرد أن تمت خطبة أختي الكبيرة لدكتور تم فسخ خطبتي، وقالوا لي: أتتزوجين حلاقا؟! هذا الكلام حدث بعد أربعة شهور من خطبتي بعد أن تعلقت به، وقالوا لي: أنت معك شهادة عالية، والناس يقولون: إنك متزوجة حلاق!
وفسخوا الخطبة غصبا عني، مع أنه إنسان جيد دينيا وأخلاقيا، لكن ما باليد حيلة، وبعد سنتين من الفسخ حاول الاتصال بي كنت قد نسيت الموضوع، ولكن بمجرد أن أرسل لي رسائل يذكرني به اشتقت إليه ويأتيني بمخيلتي كثيرا، لا أعرف هل أحاول الرجوع إليه أم ماذا أفعل؟ وهل إن حاولت التحدث إليه مرة أخرى لمحاولة إرجاعه يعتبر حراما أم ماذا؟
أفيدوني بالله عليكم وما خاب من استشار.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإننا وكما تعلمين نعيش في هذا المجتمع العربي العجيب الغريب الذي يحكم على الناس أحكاما استباقية لا تمت إلى الحقيقة بصلة، فمسألة الحلاق أو غيره هذا ليس عيبا ما دام الرجل يأكل من عمل يده، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (أطيب ما يأكله الرجل من عمل يده، وإن نبي الله داود - عليه السلام – كان يأكل من عمل يده).
إلا أننا نظرا للنفاق الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع العربي المسلم فإنهم يقولون هذا الكلام، وهذا الكلام قد يكون مقبولا في واقع الناس، كيف يكون زوج أختها طبيبا ويكون زوجها حلاقا؟!
الرجل لم يعمل بالحلاقة إلا لأنه لم يجد عملا مناسبا وهو في نفس الوقت يحمل شهادة عالية كالأخ الدكتور تماما، فهي كلها شهادات جامعية وهذا جامعي وذاك جامعي، وقد يكون هذا الدكتور نفسه أيضا لا عمل له خاصة إذا كان خريجا حديثا فإنك كما تعلمين ليس كل الخريجين يعينون في الدولة.
إلا أني أقول الآن: ما مر قد مر وهم قد ضغطوا عليك وغصبوك على فسخ الخطوبة وقد تم ذلك، فهذا أمر قد انتهى ولا نريد أن نتكلم فيه، ولكن نتكلم الآن في الواقع، فأنا أقول:
إذا كان هذا الأخ الآن قد وجد عملا مناسبا وترك مهنة الحلاقة هذه وطبعا العمل الذي يعمل فيه يستطيع أن يعيش من خلاله حياة طيبة معك - إن شاء الله تعالى – ويكون قادرا على النفقة وعلى تيسير الشقة والأثاث وما يتعلق بالجهاز والنفقة اليومية، فأقول - بارك الله فيك – لا مانع أن يتقدم مرة أخرى إلى والدك.
انصحيه بذلك جزاك الله خيرا، وقولي له: ما دامت ظروفك قد تغيرت وأنت لا تعمل في هذه المهنة التي رفضوك من أجلها فتقدم إليهم، لعل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرهم لذلك.
يصلي ركعتين بنية قضاء الحاجة ويتقدم إليهم - إن شاء الله تعالى – مرة أخرى، خاصة وأنك لم تتزوجي إلى الآن؛ لأنه فيما فهمت الآن أنك مازلت لم يتقدم إليك أحد وقد يطول بك المقام وقد تستمري لأعوام وأعوام وأعوام ولا يتقدم لك أحد، فهو ما دام الرجل راغبا فيك خاصة وأنه يتمتع بدين وخلق – كما ذكرت – فهو أولى من غيره.
فافهمي منه واقعه الذي هو فيه الآن، فإذا كان فعلا قد وجد عملا كما ذكرت مناسبا محترما يليق الآن بوضع الأسرة؛ لأن الأسرة الآن فعلا معذورة بالنسبة للناس، يقولون: هذا زوجها طبيب، وهذا زوجها حلاق، كأنهم يرون أن هذا الفرق فرق شاسع، وقد تنظر أختك أيضا نظرة احتقار نتيجة عمل زوجك، وقد ينظر زوج أختك – الطبيب – لزوجك أيضا نفس الشيء، وهذا أمر – مع الأسف الشديد – هذه رسوبيات المجتمعات العربية التي لم تتأثر أو التي لم تفهم السبب فهما كاملا شموليا.
فإذا كان قد وجد فرصة عمل مناسبة ويعمل في عمل محترم فقولي له: تقدم إلى والدي مرة أخرى، وأنت تمهدين الطريق لهم، تقولين: هذا الرجل الآن قد ترك المهنة التي رفضتموه لأجلها، وهو الآن يعمل في مهنة كذا وأنا ما زلت مصرة عليه، خاصة أنه لم يتقدم لي أحد.
فإن قبله أهلك فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتعود المياه لمجاريها، أما إذا لم يقبلوا أهلك فتوقفي عن الكلام معه مطلقا، ولا تكلميه وقولي له: قدر الله وما شاء فعل، أنت فعلت الذي عليك وأسأل الله أن يرزقك خيرا مني؛ لأن أهلي لا يستحقون هذه النعمة.
هذا وبالله التوفيق.