السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 28 عاما، تحدثت مع شاب عبر الماسنجر، وكنت أبتغي وجه الله والدعوة إلى دين الله عز وجل، وفي البداية كانت هذه نيتي ولم يخطر ببالي أن هذا الشاب من الممكن أن يكون زوجا لي.
وقد تحول حديثنا سويا إلى حب، فجاء إلى بيت أهلي وتقدم لي، ولكن والده رفض أن يأتي معه لعدم ثقته فيه، فرفض أهلي أن يأتي بمفرده لقراءة الفاتحة، فأقنعني أنه سيتغير للأحسن وأنه سيكون إنسانا جديدا.
ورغم أن أهله متدينون إلا أنه لا يؤدي الصلاة إلا قليلا، وقد حاولت معه كثيرا في موضوع الصلاة، فوعدني بأن ينتظم على الصلاة ويتغير ويأتي ليخطبني ويتزوجني.
وكان يريد أن يحدثني في الهاتف ولكني كنت أهرب منه بأي حجة لأني أعرف حرمة ذلك، وبعد مدة لم يتغير وطلب مني شيئا يغضب الله فرفضت بشدة فبدأ يتعلل لكي يتركني، وعندما فشل في ذلك قال: إنه لن يستطيع أن يتزوجني، رغم أنه كان قد وعدني بالزواج، فهل هذا يرضي الله؟ وهل إذا رجع لي مرة أخرى أوافق عليه؟ وهل يصلح بأن يكون زوجا لي؟
علما بأني أحفظ كتاب الله، وقد غيرت شريحة الهاتف حتى لا يعاود الاتصال بي، ولكنه يعرف عنواني، وقد كان يؤذي والديه باستمرار وكنت أحاول نصحه وتذكيره بالآيات التي تحرم إيذاء الآباء، فأرشدوني.
وجزاكم الله خيرا، ووفقكم لما يحب ويرضى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان كامل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يزيدك حياء وطاعة واستقامة، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الله قد أكرمك بحفظ القرآن الكريم، وجعلك من أهله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)، وقال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وهذه نعمة عظمى، ولن يتخلى المولى الجليل عن أوليائه أو يضيعهم، فالله لا يضيع أهله، ولكن الله جل جلاله قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ومن هذه المقادير وتلك الأرزاق أمر الزواج.
وكم كنت أتمنى أن لا تجربي هذه الطريقة؛ لأنها لا تأتي بخير؛ لأن الله تبارك وتعالى الذي خلقك ومن عليك بهذه النعمة سيسوق لك من فضله زوجا صالحا مباركا يستحقك في الوقت الذي قدره، قال الله تعالى: ((إنا كل شيء خلقناه بقدر))[القمر:49]، وقال أيضا: ((وخلق كل شيء فقدره تقديرا))[الفرقان:2] فالزواج قسمة من الله تبارك وتعالى ورزق قدره الله تعالى، ولقد شاء الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا الرزق يأتي في المكان الذي حدده وفي الزمان الذي أراده سبحانه، ولذلك ما علينا إلا أن نصبر الصبر الجميل وأن نأخذ بالأسباب الممكنة والمتاحة، وندع الأمر لله تبارك وتعالى وحده، فهو جل جلاله على كل شيء قدير.
وأما هذا الشاب الذي تقدم إليك فإنني أرى أنه غير مناسب لك، لكونه ليس محافظا على الصلاة وأهله رفضوا أن يأتوا معه لعدم ثقتهم فيه، نظرا لسوء علاقته وسوء أخلاقه معهم، وقد طلب منك شيئا لا يرضي الله تعالى، فهذا كله يدل على أنه لا يصلح لك ولا يصلح أن يكون أبا لأولادك، فإن رجع إليك مرة أخرى فلا تقبليه زوجا، واصرفي النظر عنه تماما.
وقد وفقك الله إلى تغيير شريحة الهاتف ورقمه حتى لا يتصل بك ولا يزعجك، حتى وإن كان يعرف بيتكم أو يعرف أهلك أو يعرفك فإن الأمر قد انتهى، لأنك وفقت توفيقا عظيما في عدم الاستجابة له أو التجاوب معه في معصية الله.
وعليك أن تتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء، وأن تعلمي أن الله لا يضيع أهله، وأن تلحي على الله عز وجل إلحاحا شديدا أن يمن الله عز وجل عليك بزوج صالح الذي يأخذ بيدك إلى رضوان الله والجنة، واطلبي من والديك الدعاء لك؛ لأن دعاء الوالد لولده لا يرد، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن) وعد منها صلى الله عليه وسلم: (دعوة الوالد لولده)، والمراد بالوالد هنا إنما هو الأب والأم معا، فكلاهما والد كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وعليك أن تصبري، وأبشري بفرج من الله قريب، واعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا).
نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأله أن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يأخذ بيدك إلى رضوان الله والجنة ويكون أهلا لك يا صاحبة القرآن يا من جعلك الله من أهله وخاصته.
وبالله التوفيق.