أتلعثم وأرتجف عندما ألتقي بزميلاتي وأستاذاتي، فما الحل؟

0 744

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في العشرين من العمر، مشكلتي ظهرت قبل 4 سنوات، حيث إنني أخجل عند اللقاء أمام زميلاتي وأساتذتي وأرتبك وأتلعثم وأنسى كل ما حفظته وأرتجف، وعندما أنتهي أندم وأقول بأنه ليس هناك ما يجعلني أخجل! ولم كل هذا؟! وأعلم أنني مخطئة ولكنه خارج إرادتي – ولا حول لي ولا قوة إلا بالله - مع العلم بأن الكل يحكم بأنني جريئة اجتماعيا، ولكن في نطاق المدرسة لا! ومن لا يراني أثناء لقائي أمام الأستاذات والطالبات وارتباكي لا يصدق بأنني ممكن أن أرتبك أو أشعر بالخجل لأنهم يعلمون بأني جريئة، مع العلم أنه لو تحدثت إلى إحداهن منفردة لا أخجل أبدا، ولكن عندما أخرج أمامهن أشعر بالخجل ونسيان كل ما أردت قوله، لذلك تنقصني الكثير من الدرجات في مثل هذه الاختبارات واللقاءات، جراء هذا الخجل القبيح!

فهو يؤثر على حياتي العلمية سلبا، وعندما يتطلب مني إجراء مثل هذه اللقاءت أظل أفكر وأهتم له.

راجية من الله ثم منكم مساعدتي وإرشادي لأنني في هم لا يعلم به إلا الله! وهذه المشكلة فقط في القاعة الدراسية، مع العلم أن الله أنعم علي بنعم كثيرة غيري من الزميلات ليست لديها مثلي؛ ولذلك أتحسر عندما أرى من هو أقل مني في كل شيء أجرأ مني ولديه ثقة عالية.

وجزاكم الله خيرا مقدما وأتمنى أن تهتموا بمشكلتي...

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة الإسلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك الثقة بنفسك، وأن يمنحك قوة وشجاعة من لدنه في بيان الحق وتحقيق مصالحك، وأن يعينك على التواصل مع الآخرين بمهارة واقتدار وتميز.

بخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فإن الذي تعانين منه يعرف في الأمراض النفسية بالخجل، وهو ليس الحياء؛ لأن الحياء شعبة من شعب الإيمان - كما تعلمين – كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم والحياء خير كله، والحياء لا يأتي إلا بخير، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك وسائر المسلمين الحياء منه - جل جلاله سبحانه – وأن يرزقنا كذلك الحياء من خلقه.

أما هذه الحالة التي ذكرتها فهي حالة مرضية، وهي كما ذكرت تعرف بالخجل، والخجل عبارة عن نفس الحالة التي تتحدثين عنها أنت تماما، فلقد أجدت ووفقت في شرح حالتك بمهارة ووضوح، حيث إن الخجل هو عبارة عن نوع من الارتباك والتلعثم وأن ينسى الإنسان ما حفظه وما أعده من الموضوعات التي يريد أن يتحدث فيها، وأحيانا يشعر بنوع من الرجفة حيث ترتجف أطرافه وتتبدد المعلومات التي كان قد أعدها – كما ذكرت – وتعب فيها، ولكنه ما أن يلبث في موقف من المواقف إلا ويجد أن ذلك كله قد تبدد، وهذا فعلا هو الخجل.

وكما ذكرت أنه عندما ينتهي الموقف وعندما يمر هذا الحدث الخطير الذي كنت فيه تخجلين مرة أخرى وتقولين لم كل هذا؟ لماذا أنا أصاب بالخجل إلى هذه الدرجة؟ وفعلا تعلمين أنك مخطئة؛ لأنه ما كان هناك من داع أبدا لمثل هذا الخجل ولمثل هذا التأثر ولمثل هذه الحالة النفسية العصيبة، ولكنه – كما ذكرت – خارج عن إرادتك؛ لأنه مرض نفسي يحتاج إلى علاج.

وعلاج هذا يبدأ من داخل الإنسان نفسه، ويتمثل في النقاط التالية:

(1) أن تحللي المواقف إلى عواملها الأولية – كما ذكرت – لماذا هذا الخجل؟ هل أنا أرتكب ذنبا؟ هل أنا أخالف عرفا؟ هل أنا أقع في شيء محظور؟ إذن لماذا الخجل؟ هل أنا أتكلم أمام شخصية ليست طبيعية؟ أليس الذي أتحدث أمامه رجل من عامة الرجال؟ أليست التي أتكلم معها هذه امرأة من عامة النساء؟ أليست المدرسة بما فيها من أساتذة وزميلات عبارة عن مجمع من الناس العاديين؟

إذن لماذا هذا الخجل بارك الله فيك؟ لابد من التركيز على هذه النقطة، إن هذا الفعل الذي نفعله ليس مشينا وليس معيبا، وأن هؤلاء هم أشخاص عاديون جدا، ولذلك الخجل هنا لا داعي له.
إذن تحليل المشكلة إلى عناصرها الأولية يساعد في التغلب عليها.

(2) حاولي قدر الاستطاعة أن تعطي نفسك رسائل إيجابية، فمثلا قبل النوم تكرري عبارة (أنا أثق بنفسي، أنا أثق بنفسي، أنا أثق بنفسي، أنا أكره الخجل، أنا أكره الخجل، أنا أكره الخجل)، حاولي أن تكرري هذه العبارات حتى يغلبك النوم لفترة معينة في حدود عشرين مرة أو ثلاثين مرة حتى تعطي نفسك الثقة وتقومي بعملية تغيير في الترتيب الداخلي في نفسك: (أنا أثق بنفسي، أنا قوية بالله، أنا متميزة، أنا قادرة على الكلام، أنا قابلة للتحدي)، وبعد ذلك (أنا أكره الخجل، أنا لا أحب الخجل) وبهذه الطريقة تأتي بالأمر الإيجابي والسلبي معا، وهذه يسمونها (رسائل إيجابية) التي تمنح للنفس، تكتب مرة في ورقة وتكرر عشرين مرة أو ثلاثين مرة قبل النوم لمدة فترة معينة، وبإذن الله تعالى سوف تزول عنك هذه الأعراض مع الزمن؛ لأن هذه عبارة عن أمور ومرتكزات لها أسباب، أنت الآن تقولي ظهرت قبل أربع سنوات وأنت الآن في العشرين، معنى ذلك أنها بدأت معك وأنت في عمر ستة عشر عاما إلى هذه الفترة كنت جيدة، فلابد أن يكون هناك شيء هو الذي أدى إلى هذا التحول في حياتك.

(3) أتمنى أن تقومي برقية نفسك، فقد يكون سبب هذا الخجل عينا -حسدا- لأن بعض الناس إذا وجدوا شخصية متميزة حسدوها، والعين حق كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عندما قال: العين حق، وإن العين لتدخل الرجل القبر – يعني تقتل – والجمل القدر – يعني يذبح، ولذلك أقول: من المحتمل أن أحدا رآك فوجد أنك جريئة ومتميزة فأصابك بعين أو حسدك بقلبه، فإذن ما المانع بجوار هذا الأمر الذي نتحدث عنه الآن أن تقومي بعمل رقية شرعية من الحسد ومن العين، فاجتهدي إما أن تقومي برقية نفسك أو يرقيك أحد أرحامك سواء كان الوالدان أو أحد من أقاربك الكبار، وإن لم يتيسر لك ذلك فاستمعي إلى الأشرطة التي تتكلم عن الرقية الشرعية، وإذا لم تتأثري وتستفيدي فمن الممكن أن تستعيني ببعض المعالجين ليقرأ عليك لاحتمال أن يكون هذا من هذا الباب؛ لأن الكثير من العلماء فعلا أحيانا يعانون من هذا الأمر، فقد يفقد العلم كله أو بعض العلوم بسبب الحسد، وقد يفقد وظيفته بسبب الحسد، بل قد يفقد نفسه بسبب الحسد.. فلا مانع من البحث في هذا الجانب والعلاج من هذا الأمر بالرقية الشرعية؛ لأن هذا جانب مهم جدا وهو مغفول عنه ولكنه حقيقة مؤثرة.

(4) هناك أيضا بعض الكتب التي أنصحك بقراءتها، وهو كتاب (كيف تتخلص من الخجل) للدكتور عمرو أحمد بدران، إصدار الدار الذهبية. أيضا كتاب آخر للدكتور أيمن أبو الروس (كيف تكون محدثا لبقا وتؤثر في الناس)، هذه كتب بسيطة.. أيضا هناك كتاب (كيف تفهم نفسك وتفهم الناس) لرجل يسمى (هنري كلاي)، وهو كتاب مترجم ومفيد. أيضا هناك كتاب للدكتور عمرو بدران، وهو (كيف تبني ثقتك بنفسك) وهو إصدار الدار الذهبية.

هذه الكتب كتب بسيطة، وطبعا هي موجودة عندكم في مكتبة جرير بالمملكة العربية السعودية، تستطيعين أن تصلي إليها بسهولة ويسر.

(5) أيضا أوصيك بالدعاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل)، فهذا البلاء الذي أنت فيه الله عز وجل قادر على أن يرفعه بالدعاء فقط، إذا أخلصت الدعاء إلى الله تعالى وأخلصت النية وتوجهت إلى الله بصدق وبكيت بين يدي الله تعالى وشكوت إلى الله تبارك وتعالى حالك فإن الله قادر على أن يذهب عنك هذه الآفة تماما وأن يمنحك ثقة وقوة وجرأة وشجاعة في الحق.. فعليك إذن بالدعاء.

وهناك أيضا علاج سلوكي في آخر الاستشارة يكمل هذا الكلام - بإذن الله تعالى - وأنا واثق أنك في فترة بسيطة إن أخذت بتلك الأسباب سوف تكونين رائعة وتتكلمين بطلاقة، ولن يحدث لديك أي نوع من الارتباك أو التلعثم أو الارتجاف أو نسيان المعلومات، وإنما ستكونين - بإذن الله تعالى – خطيبة رائعة وتكونين محاضرة متميزة، إذا سلكت هذه السبل - بإذن الله تعالى - .

وأقول أيضا: إذا لم تستفيدي من ذلك فلابد من مراجعة أخصائي نفساني؛ لأن هذا مرض نفسي يحتاج إلى علاج، فإذا لم تستفيدي من الاستشارات السلوكية لإخواننا الأطباء أو من هذا الكلام الذي قلته لك فلابد من مراجعة أخصائي نفساني ليصف لك علاجا سلوكيا أو علاجا دوائيا حتى تتخلصي من ذلك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد.

والله ولي التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات