سرعة غضبي أثرت على علاقتي بزوجي وأطفالي .. فانصحوني!

0 453

السؤال

أعاني من سرعة الغضب، حيث لا أستطيع السيطرة على أعصابي، وقد أثر ذلك على علاقتي بزوجي، كذلك أثر على أطفالي، أستغفر وأحاول تهدئة نفسي، استرخيت، قرأت القرآن، ولكن دون جدوى.

أشعر أن الأمر يزداد سوءا، لا أشعر أنه غضب عادي، بل إنه شيء يتعلق بنفسيتي، كثيرا ما أفكر بزيارة دكتور أمراض نفسية وعصبية لكن زيارته غير مقبولة اجتماعيا، أريد حلا قبل أن يخرب بيتي وتهدم نفسية أولادي بسبب عصبيتي.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شموع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فجزاك لله خيرا وبارك الله فيك.
فإن الغضب هو طاقة نفسية سالبة، والغضب له عدة أسباب، كثيرا ما يكون سمة من سمات الشخصية، وفي بعض الأحيان تكون التفاعلات الخارجية والطريقة التي يتفاهم بها الإنسان مع الآخرين أو طريقتهم في التعامل معه هي التي تثير هذا الغضب من وقت لآخر في إنسان يكون ظاهريا هادئ الطباع، والكتمان وعدم التعبير عما بداخل النفس هو أيضا من أسباب الغضب السريع والانفعال الذي نشاهده لدى بعض الناس.

لاشك أننا نطالبك بالاستغفار ومزيد من الاستغفار، وأن تتبعي كل ما ورد في السنة المطهرة لعلاج الغضب، بأن تنفثي ثلاث مرات على جنبك الأيسر وأن تغيري مكانك، وتتعوذي بالله من الشيطان الرجيم، هذا علاج سلوكي هام وضروري جدا، ويا حبذا لو توضأت وصليت ركعتين إذا كان ذلك ممكنا.

والعلاجات السلوكية الأخرى هي في الأوقات التي تحسين فيها بالهدوء وراحة البال وهي كثيرة إن شاء الله تعالى.

فكري في نوبات الغضب هذه التي تأتيك من وقت لآخر، وراجعي نفسك وذلك بالتأمل فيما يؤدي إلى هذا الغضب من مشاعر سالبة حيالك من الآخرين، ودائما الشيء الذي لا يرضاه الإنسان لنفسه يجب ألا يرضاه للآخرين، ولا شك أن الآخرين إذا غضبوا في وجهك أو انفعلوا لن تكوني أنت راضية عن ذلك، فنفس المنطق يجب أن يطبق في تفاعلك حيال الآخرين، أرجو استذكار ذلك دائما.

الغضب بالرغم من أنه قد يهجم على الإنسان فجأة ولكنه بالطبع هو تفاعل إرادي لا نستطيع أن نقول إنه لا إرادي، وإن كان البعض قد يفقد أعصابه للدرجة التي يتهيأ له أنه لا يستطيع أن يتحكم في نفسه مطلقا تحت هذه الظروف، وبما أنه فعل وتفاعل إرادي فحين تبدأ الإشارات الأولى للغضب قومي بتغيير المكان وقومي بالاستغفار وقومي بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وقومي بأخذ نفس عميق وبطيء، املئي صدرك بالهواء، هذه علاجات تطبيقية جيدة.

وأريدك الآن وأنت لست في لحظة غضب أن تتخيلي أن هذا الغضب قد وقع عليك الآن وكان غضبا شديدا، وعليه قومي مباشرة بتطبيق هذه التوجهات السلوكية الإرشادية وهي كما ذكرنا: تغيير المكان، الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، الاستغفار، ملء صدرك بالهواء بنفس عميق، تحدثي مع نفسك: (هذا الغضب يجب ألا يجد إلى نفسي سبيلا وطريقا، لأنه سلوك غير مقبول)!

الأمر الآخر - وهو ضروري جدا – وهو ما نسميه بالتفريغ النفسي، ويقصد به أن يعبر الإنسان عن نفسه أولا بأول، فكثير من الناس يحتقن داخليا لأنه لا يريد أن يحرج الآخرين أو يريد أن يتحمل هو الأذى كنوع من اللطف وحسن الخلق من جانبه أو أن الحياة تسيطر عليه لدرجة تجعله يكتم مشاعره بالرغم من عدم الرضا للتصرف الذي بدر من الأطراف الأخرى، فنحن ندعو دائما لأن يعبر الإنسان عن نفسه في حدود المعقول وفي حدود الذوق ويكون هذا التعبير عن الأشياء التي لا ترضيه حتى عن الأشياء التي ترضيه، هذا هو التفريغ النفسي؛ لأن السكوت عن الأشياء الصغيرة والبسيطة يؤدي إلى تراكمها، وهذا التراكم ينتج عنه احتقان نفسي داخلي، وهذا الاحتقان هو الشحنة التي تحرك الغضب.

كنت أود أن أعرف عمرك لأن الغضب لدى بعض النساء قد يكون علامة من علامات الاكتئاب، خاصة النساء بعد عمر الثلاثين نعرف أن المرأة أكثر عرضة من الرجل للاكتئاب النفسي، وقد لا يظهر هذا الاكتئاب في شكل شعور بالكآبة والكدر، وإنما يظهر في شكل غضب وسرعة انفعال.

عموما إن لم يكن عمرك هو عمر الاكتئاب فبالتأكيد أن هذا الغضب أيضا هو علامة من علامات القلق، والقلق هو طاقة نفسية سلبية، وكذلك الغضب طاقة نفسية انفعالية سلبية، ولذا أود أن أصف لك دواء بسيطا مضادا للقلق ومحسنا للمزاج، ويجعلك تحسين - إن شاء الله تعالى – بالاسترخاء الداخلي، هذا الدواء يعرف تجاريا وعلميا باسم (موتيفال Motival)، ابدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة مساء لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناوله.

هو علاج جيد وفعال جدا وسوف يساعدك كثيرا إن شاء الله تعالى.

هنالك دراسات تشير أن ممارسة تمارين الاسترخاء، وكذلك ممارسة الرياضة – أيا كان نوع هذه الرياضة – كالمشي أو الجري أو أي رياضة تناسب المرأة المسلمة، فأرجو أن تتخيري الرياضة التي تناسبك، وتكوني حريصة جدا في ممارستها، لأنها سوف تساعدك كثيرا.

وبالنسبة لتمارين الاسترخاء فيمكنك الحصول على شريط أو أحد الكتيبات التي تبين كيفية تطبيقها، ومن خلال هذا الكتيب أو الشريط سوف تستطيعين القيام بهذه التمارين، وعليك الالتزام بها صباحا ومساء فهي جيدة جدا وبسيطة التطبيق وضد التوتر.

ويمكنك أيضا زيارة أخصائية نفسية – وليست طبيبة نفسية – بالرغم من تحفظك حول خدمات الصحة النفسية، ولكن الأخصائية النفسية سوف تقوم بتدريبك أيضا على هذه التمارين الاسترخائية، وإذا طبقت ما في الشريط والكتيب بدقة، فهذا أيضا - إن شاء الله تعالى – كافي جدا.

سيكون من الجميل جدا أن تنظمي وقتك بصورة صحيحة، وأنت لديك الكثير الذي يمكن أن تقومي به، لديك الأولاد ولديك الزوج، فكوني حريصة على إدارة وقتك بصورة صحيحة، هذا - إن شاء الله تعالى – يقلل فرص هذه النوبات من الغضب.

أيضا التواصل الاجتماعي هو أمر جيد جدا، ويا حبذا أيضا لو انضممت إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن فهذا يجعلك - إن شاء الله تعالى – رحبة الصدر، وتبنين علاقات من نوع جديد في هذه المراكز، حيث تلتقين بالأخوات الفاضلات، والإنسان حين يحتك بالأشخاص المتسامحين والذين تبدو عليهم سمات الخير والتواضع والرحابة، لاشك أن هذا يعطيه أيضا دافعا وإيجابية.

أخيرا أوصيك بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، وجزاك الله خيرا.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات