السؤال
أنا متزوج منذ سنتين، وأسكن مع أهلي مما سبب لي كثيرا من المشاكل النفسية، فأمي مثلا شديدة الغيرة من زوجتي، إذ كثيرا ما تثني على أخواتي بسبب قيامهن بعمل في المنزل، ولم أسمعها مرة واحدة أثنت على زوجتي أمامي مثل ما تعمل مع أخواتي .
أيضا تغضب لو أطلت الجلوس مع زوجتي في الغرفة .
ولو حصل أن خاطبتني زوجتي بكلام لسارعت هي بالإجابة، وكأنها هي المسؤولة ! وأحس أنها بعملها هذا تريد أن تصرف زوجتي عني .
تفرح وتضحك إذا رأتني أنهر زوجتي عند حدوث خطأ ما (على الرغم من قلة تأنيبي لها أمام أهلي).
تظهر اهتماما كبيرا بأخي الذي لم يتزوج ويصغرني سنا.
تغار حتى من ابنتي الصغيرة.
ينبسط وجهها عند ذهاب زوجتي إلى أهلها، فأحس بتغير ملحوظ.
غالبا ما تظهر في حديثها عن الأقارب عدم اهتمامهم بزوجاتهم، وشدة اهتمامهم بأمهاتهم.
ثم إن زوجتي أظهرت لهم المودة وحسن العشرة وإخبارهم بكل ما تعرفه ( حتى أنها أحيانا قد تطلعهم على أمور خاصة ) إلا أنهم يخفون عنها الكثير، مما اكتشفته هي بنفسها !
أحس أن أهلي غيورون بدرجة كبيرة جدا .
لم يسبق أن خرجت من البيت أنا وزوجتي للنزهة - مثلا - بعلم أهلي بل لابد من المراوغة والتحايل !
بدأت زوجتي تكتشف بعض العيوب فيهم، مع محاولتي التستر على ذلك ؛ لأني لا أرغب أن تأخذ فكرة سيئة عن أهلي.
من عاشر المستحيلات أن أبلغهم بسفري مع زوجتي للتمشية! إذ لابد أن يكون السفر جماعيا!
بدأت نفسيتي تسوء بسبب هذه الحالة، فأنا إنسان حساس يؤثر في كل شيء.
ما أفعل جزاكم الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.
ملحوظة: لا توجد مشادات كلامية في بيتنا، وإنما تعبيرات في الوجوه، أو كلمات يسيرة ...
ملحوظة ثانية: أبي متوفى منذ أكثر من ثلاث سنوات.
الإجابــة
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبداية أسأل الله تعالى أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك وأن يجزيك عن والدتك وأهلك وزوجتك خير الجزاء، كما أسأله تعالى أن يجعل لك مخرجا مما أنت فيه وأن يهدي لك والدتك وأخواتك وزوجتك .
واعلم أن ما تشكو منه يحدث في كثير من البيوت خاصة مع الولد الأول البكر؛ إذ تشعر الأم بأن روجة ولدها قد سرقته منها وحرمتها منه وبذلك ومن هنا تبدأ الغيرة التي ذكرتها.
وإن شاء الله سوف تذهب هذه الغيرة مع الأيام خاصة بعد زواج أخيك وهذا مجرب، حيث ستشعر الأم بأن الكل لابد وأن يتركها ليعيش مع امرأته بل ولعلها تشعر بأنها قد ظلمت امرأتك وأنها أفضل من زوجة ولدها الثاني، فتتحسن علاقتها معك ومع زوجتك.
فليس أمامك إلا الصبر الجميل لأنه لا يخفى عليك منزلة الأم في الإسـلام وأننا أمرنا بالإحسان غاية الإحسان مهما كان الضرر.
والمشكلة الأكبر أن أخواتك سوف يأخذون عن أمك هذه العادة القبيحة غالبا لأن مثل هذه التصرفات تنتقل كالعدوى.
وأما عن سلوك الأسرة من الوالدة والأخوات فأوصيك بترضية زوجتك وشرح ظرفك لها وأن المرأة الصالحة الصادقة في محبة زوجها تقدر ظروفه وتفرق ما بين ما يصدر من زوجها وما يصدر من أهله وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى .
بل وتقف مع زوجها ولا تتخلى عنه في تلك الظروف الطارئه وبشرها بأن هذه المشكلة ستزول إن شاء الله خاصة بعد زواج أخيك وسكنه معكم في نفس المنزل .
وأوصيها أيضا بعدم رد السيئة بالسيئة مهمها كانت الظروف، وأننا بالحلم والعفو وسعة الصدر والتواضع نكسب أكثر القلوب قسوة وشدة، فعليكما بالصبر الجميل أنت وزوجتك واعلموا أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا.
إياك أن تتخلى عن أمك وأخواتك لهذه الأسباب أو غيرها؛ لأن ذلك لن يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا، ويزيد النفوس نفرة وبعدا.
وأوصيك أنت وزوجتك بالدعاء لصلاح الحال وراحة البال، وأبشر فإن الله أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة.
هذا وبالله التوفيق.