فتاة ترفض الزواج لعدم قبولها بمن يتقدم لها

0 497

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 31 عاما، منذ أكثر من عشر سنوات تحولت حياتي من سيء لأسوأ، حيث بدأ الخطاب يطرقون بابي ولكني لم أجد القبول والراحة النفسية تجاه أحد منهم، وبعضهم حينما كان يبدأ بالحديث أجده منفرا للغاية.

وقد ظللت على هذا الحال كثيرا حتى بدأ أهلي يتضايقون مني خشية أن يفوتني قطار الزواج، فحاولت أن أجرب الارتباط بأول من يتقدم لي حتى ولو لم أجد القبول، فربما تساعد فترة الخطبة والتعارف على ذلك، وقد تم ذلك ولكني مع مرور كل يوم كان يزداد بغضي وكرهي له، فكنت أكره أن أراه، ونتيجة لذلك فشل الأمر، وتوالت جلسات زواج الصالونات مرة أخرى.

علما بأني فتاة عاقلة ناضجة متدينة، وكل ما كنت أتمناه أن أجد رجلا أشعر نحوه بالراحة والسكينة حتى أستطيع العيش معه، وصار صراعي مع والدي يشتد وكنت ألتمس لهم العذر لأنهم يريدون أن يفرحوا بي، خصوصا أني ابنتهم الكبرى، ويريدون أن يروا أحفادهم كمعظم الآباء من حولهم.

ومنذ أربع سنوات مرض والدي بشدة ثم توفي بعد عامين من مرضه، وقد حزنت كثيرا واعتصرني الألم لأنه مات ولم يفرح بأي من أولاده، فجميع أخواتي لا يريدون الزواج قبلي، وتعذبت كثيرا لحزن أمي وكمدها دون أن أستطيع فعل شيء، ومن شدة حزنها بدأت تثور في وجهي وتقول أنني سبب موت والدي حزنا على حالي وأنها سوف تلحق به بسببي، وكان هذا يجعلني أحترق بكاء وألما.

ومرت الأيام تلو الأخرى وأنا أصلي وأدعو ولكن حالي لم يتغير، وأرى البنات ممن هم في سني أصبح لديهم الأبناء، ومن هم أصغر مني بكثير أيضا، ولم أستطع فعل شيء، وكلما حاولت الضغط على نفسي بقبول أي شخص أجدني متعبة، حتى أني أحيانا لا أقوى على القيام من فراشي وأظن أني شللت من الحزن.

وقد خرجت للعمل حتى يتوافر لي أن أرى الناس ويروني، ولكن لم يحدث شيء جديد، وأشعر أنني أظلم إخواني وأخواتي وأمي، وأتعذب من نظرات الناس وأقوالهم، وأصبحت أحمل لقب عانس عن جدارة، رغم أني جميلة بشهادة من حولي، وأظهر بأصغر من سني بكثير، ويشهد لي الجميع بحسن الخلق والحياء وتحمل المسئولية، وأعيش كابوسا مستمرا وأدعو الله بفيض من الصراخ المكتوم والألم لعله يستجيب لي، فماذا فعلت حتى يكون هذا حالي؟ وهل الله غاضب علي؟!

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلست أدري هل كان رفضك للخطاب لأسباب ظاهرة معقولة أم لأشياء لا تفسير لها؟ وهل حاولتم استخدام الرقية الشرعية؟ وهل الضيق الذي ينتابك قبل رؤية الخطاب أم بعد رؤيتهم؟ وهل كان والدك على وفاق مع والدتك؟ وما هو رأي أفراد أسرتك في الذين تم رفضهم؟ وما هي المواصفات التي تنتظريها في شريك الحياة؟ وهل يمكن أن تذكري لنا أسباب رفضك للخطاب؟ وهل نستطيع أن نقول أنك تطلبين من لا عيب فيه وذلك من المحال؟ وما هي مقاييس الرفض عندك والقبول؟!

ولا شك أن الإجابة على الأسئلة المذكورة أعلاه سوف يساعدنا في الوصول إلى سبب الإشكال، ونحن في الحقيقة ننصح كل فتاة بأن تقبل بصاحب الدين والأخلاق إذا طرق بابها، بعد أن تصلي صلاة الاستخارة، وهي طلب الدلالة على الخير ممن بيده الخير، ثم شاوري من حضرك من محارمك العقلاء والفضلاء، وتذكري أنهم أحرص الناس على مصلحتك، ثم توجهي إلى الكريم الوهاب.

وأرجو أن تكوني واقعية في نظرتك للناس، واعلمي أنك لن تجدي رجلا بلا عيوب لأنك لست خالية من العيوب، والإنصاف أن توضع إيجابيات الشخص في كفة والنقائص في كفة، وطوبى لمن تنغمر سيئاته في بحور حسناته، ومن الذي ما ساء قط ومن الذي له الحسنى فقط، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.

وإذا حصل بعد الرؤية شيء من القبول فذلك مؤشر إيجابي، وتعوذي بالله من شيطان يريد أن ينفرك من الحلال، واعلمي أن الشعور بالضيق أو الخوف أو الاضطراب قد يكون أمرا طبيعيا؛ لأن الفتاة تخاف من المجهول، وربما تخاف من فراق أهلها، وربما تتذكر التجارب الفاشلة لبعض من تعرف، وليتها تتذكر الصور الناجحة.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وعليك بالاستغفار وبالصلاة والسلام على رسولنا المختار، وواظبي على أذكار المساء والصباح وقراءة المعوذات وآية الكرسي وسورة البقرة، واجتهدي في إرضاء الوالدة، وكوني في عون الضعفاء ليكون العظيم في حاجتك، نسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبنا وذنبك.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات