الصبر على زيارات أم الزوج المتكررة

0 484

السؤال

أم زوجي سيدة فاضلة، ولكنها تمضي فترات كبيرة عندنا، مما يؤثر على اهتمامي ببيتي وأسرتي، وتمضي الوقت في اغتياب الناس، وتريد أن تتدخل في كل صغيرة وكبيرة، وتأخذ من بيتي أشياء دون علمي، وتتدخل في تربية ابنتي بما يضرها، وتريد مني أن أستقبلها في أي وقت حتى ولو كنت نائمة، فماذا أفعل؟ وهل ألمح لها بما يضايقني؟ وهل ما أحكيه لزوجي بهدف الدفاع عن نفسي أو الإصلاح يعتبر غيبة؟ وهل ذلك يساعد زوجي على عقوق أمه؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك الصبر والحلم والأناة وسعة الصدر، وأن يجعلك بارة بزوجك محسنة إلى أمه.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الله تبارك وتعالى قال: ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب))[الزمر:10]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا)، وقال جل جلاله أيضا: ((والله مع الصابرين))[البقرة:249]، فالصبر من العبادات العظيمة التي لا يطيقها كل أحد، ولذلك جعله الله ليس بالأمر الهين؛ لأن ثوابه أيضا ليس هينا ولا سهلا ولا بسيطا.

ولو أنك وضعت أم زوجك مكان أمك فلن تتبرمي منها ولن تشعري بالضيق من تصرفاتها، فاجعليها في مكان أمك، وتعاملي معها بشفافية ووضوح بلا تكلف وبلا نوع من المجاملات الزائدة، وأنزليها منزلة أمك وما ترضينه لأمك فاعمليه معها، وبذلك ستحل المسألة حلا قريبا؛ لأن أم الزوج – خاصة إذا كانت متقدمة في السن وتحسن الظن بك – فإنها ترى أن الزوج هو ابنها وأن الزوجة هي ابنتها، وكلما وجدت من زوجة ابنها معاملة حسنة كلما شعرت بنوع من الأمن والأمان والطمأنينة، ودفعها ذلك إلى أن تتدخل في بعض الأمور على اعتبار أنها تعلم يقينا أنك لن تنكري عليها ما تصنع.

ولولا محبتها لك وشعورها باحترامك لها وتقديرك لها لما جاءتك بهذه الصفة المستمرة، لأنها لو لم تسترح عندك في بيتك ما جاءتك، فهناك أمهات لا يزورون أولادهم إلا في القليل النادر، حتى لا يسمعوا كلمة لا تسرهم أو حتى لا يجدوا موقفا لا يرضيهم، وبذلك تؤثر الأم العاقلة الفاضلة عدم زيارة ابنها إلا فيما ندر حتى لا ترى ما يكدر خاطرها أو تسمع ما يعكر صفوها، وأما إذا أحست بأن زوجة ابنها سيدة فاضلة وأنها بنت بارة وأنها تحسن استقبالها وأنها تعاملها كأمها فإنها تشعر بالأمان وتحب أن تقيم لديهم بصفة مستمرة.

فحرصها على زيارتكم باستمرار إنما هو نوع من محبتها لكم، فأنزليها منزلة أمك، وكوني عند حسن ظنها، وتحملي أذاها مهما كان، واصبري عليها الصبر الجميل.

ولا مانع أن تخبري زوجك بما يحدث بغير صفة الشكوى، وإنما من باب الإخبار، وقطعا زوجك سيسمع منك وقد يطيب خاطرك ببعض الكلمات، ولكني لا أريد أن يتوقف الأمر فقط عند مجرد إخبار زوجك حتى يكون معك عند علم بما يحدث، ولا تطلبي منه أن يلمح لأمه بشيء، ولا تضيقوا عليها الدنيا، لأنها قد يكون ليس لها إلا زوجك أو قد يكون لها أولاد آخرون ولكن لا يعاملونها بنفس المعاملة التي تتعاملين أنت بها وزوجك معها، فأسألك بالله أن لا تكدري خاطرها وأن لا تعكري صفوها، وأن تصبري وتتحملي منها قدر استطاعتك، وحتى لو ترتب على ذلك ضعف اهتمامك ببيتك، فإن البيت بيتها والزوج ولدها، وأنت ابنتها وابنتك حفيدتها، فكلكم في بيت واحد.

وحاولي أن تعطيها شيئا تقوم به من الأشياء التي لا تشعرها بالامتهان أو الاحتقار أو لا تشعرها بالدونية أو النقص، يعني كونها تحمل ابنة ولدها فهذا شيء عادي، واذهبي أنت في قضاء مصالحك، ولكن لا تطلبي منها طبخا ولا تنظيفا ولا غسيلا ونحو ذلك، ولا تطلبي منها أن تناولك شيئا بعينه، لأنها ستشعر بأنك تحتقرينها.

واعلمي أن إكرامك لأم زوجك سيترتب عليه أن يكرمك أبناؤك بإذن الله، وعما قريب ستصبحين أيضا حماة، وستكون لك زوجات أبناء، وعلى قدر إحسانك إلى أم زوجك سوف ترين بعينك إحسان زوجات أبنائك إليك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم)، نسأل الله لك الإعانة والتوفيق والسداد، وأبشري برضى من الله ورضوان، وأبشري من الله بصحة وعافية وأمن وأمان واستقرار في دينك ودنياك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات