ما تفعله الزوجة حيال زوجها مدمن الخمر

0 627

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تقدم لخطبتي رجل أعرف عنه مسبقا أنه يشرب الخمر، واشترطت عليه أن يبتعد عن شربه، فأكد لي أنه تركه منذ أن قرر الزواج، فوافقت على الزواج ولم أشك في كلامه، خصوصا أنه يبلغ من العمر (35 عاما) أي أنه ناضج، ولم أستفسر عن أي شيء آخر (الصلاة والزكاة ونحو ذلك).

بعد زواجي به صدمت، حيث بدأ يشرب الخمر بعد أربعة أيام من الزواج، وعلل ذلك بأنه التقى بصديق قديم، ومنذ ذلك اليوم أمني نفسي بأنه سيتوب، وعندما أحاول نصحه يهاجمني وينعتني بالمنافقة، وقد صدمت وصرت أفكر بالطلاق، لكن ليس لدي جرأة على اتخاذ هذه الخطوة.

علما بأني حامل، وألوم نفسي أني لم أختر الزوج والأب المناسب، وأشعر بأن الله يعاقبني على اختياري، وأشعر بالحيرة مما يجعلني أبتعد عن ديني وربي، فانصحوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ نعمة المغربي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يصلح لك زوجك، وأن يغفر له وأن يتوب عليه، وأن يهديه صراطه المستقيم.

بخصوص ما ورد برسالتك، فإنك أخذت بالأسباب الظاهرة، ولكنك لم تحاولي أن تتأكدي من الأمر كله؛ لأن شرب الخمر يدل على أن هناك معاصي أخرى لا تكون ظاهرة للعيان، فغالبا ما يكون شارب الخمر لا يصلي، وقد يكون له معاصي أخرى لا يعلم بها إلا الله تعالى، وغالبا يكون دينه ضعيفا ورقيقا، فيستطيع أن يفعل أي ذنب أو معصية أخرى؛ لأن الخمر أم الخبائث فهي باب لكل شر والعياذ بالله رب العالمين.

قد حاولت على قدر إمكاناتك وأحسنت الظن به وصدقته نظرا لأنه رجل عاقل ناضج، وأن عمره ليس بالصغير، إلا أنه خدعك، فينبغي عليك أن تحافظي على دينك ولا تقصري فيه حتى وإن كان زوجك سيئا، لأنك كل واحد منا سيموت وحده ويدخل قبره وحده ويحاسب في قبره وحده وسيحشر يوم القيامة وحده وسيسأل وحده، فلا تجعلي هذا عذرا في ابتعادك عن دينك وربك.

علاج زوجك إنما يكمن في أن تظلي محافظة على مستواك الإيماني بل تزيدين، خاصة النوافل مع الفروض، والتزامك بالحجاب الشرعي، وبعدك عن أي شبهة فيما يتعلق بعالم الرجال، وأيضا صلاتك في جوف الليل، فهذه مسائل ستلفت نظره إلى أنك قوية وأنك لست على استعداد أن تفرطي في دينك أبدا، وهذا هو العامل الأول من عوامل العلاج، محافظتك على دينك وقراءتك للقرآن والتزامك بالشرع قدر ما تستطيعين، حتى تكوني قدوة له وحتى تجعلينه يفكر ألف مرة فيما يفعله، ولعل الله تبارك وتعالى أن يقذف في قلبه النور فيترك هذه المعاصي.

لا تتوقفي عن نصحه وتذكيره بالوعد الذي قطعه أمامك، واجتهدي في ذلك خاصة في الأوقات التي يكون على استعداد أن يستمع إليك فيها؛ لأنه ليس في كل وقت تصلح النصيحة ولا يقبل الأمر بالمعروف ولا ينفع النهي عن المنكر، وإنما تخيري الأوقات المناسبة التي يكون فيها نوع من الصفاء أو الأنس، وتكلمي معه وذكريه كلما أتيحت الفرصة.

أما الأمور الأخرى كالصلاة فاحرصي على أن يصلي قدر الاستطاعة، واجتهدي معه في ذلك، وأول شيء هو القدوة والالتزام الشخصي في نفسك، ثم دعوته قدر الاستطاعة إلى هذا الالتزام وإلى ترك هذه المحرمات وإلى المحافظة على الصلوات حتى وإن كانت في البيت.

عليك بالدعاء والإلحاح على الله بأن يصلحه ويهديه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)، ويقول: (إن الله يحب الملحين في الدعاء)، فألحي على الله في كل صلاة تصلينها أن يهديه الله وأن يغفر له وأن يتوب عليه، واعلمي أن الدعاء ليس شيئا سلبيا وإنما هو شيء إيجابي، ومع كثرة الدعاء والإلحاح على الله تأكدي من أن الله سوف يستجيب لدعائك بإذن الله.

أما إذا أصر على ما هو عليه فحاولي أن تهدديه بترك البيت إذا كان ذلك ممكنا، أي إذا كنت تشعرين بأنك من الممكن أن تذهبي إلى أهلك لتقيمي لديهم فترة من باب التجربة أو أن تهجريه في البيت فلا تتكلمي معه في البيت كثيرا ولا تصنعي له طعاما، وتحاولي أن تعطيه ظهرك في الفراش ولا تعطيه أي شيء من هذه الحقوق الظاهرة، وهذا سيدفعه إلى الوقوف مع النفس والتفكير، وقد يرجع إلى الله عز وجل بسبب ذلك.

أما إذا كانت ظروفك لا تسمح وأهلك ليس لديهم استعداد أن يقبلوك أو أنك إذا خرجت من البيت فستكون عندك مشكلة، فكوني على ما أنت عليه، وحاولي أن تواصلي في الدعوة والدعاء، ومن الممكن أيضا أن تستعيني ببعض الإخوة الصالحين من المشايخ أو بعض أقاربك ليتكلم معه ليعينك على إقناعه، واجتهدي أيضا في البحث له عن صحبة صالحة، مثل: إذا كان لك أحد من أقاربك أو أحد مثلا ممن تعرفون من الصالحين فيمكن أن يمشي معه، حتى يستطيع أن يحول بينه وبين أصدقاء السوء المخالفين.

توكلي على الله، وخذي بالأسباب، ولا تفكري في الطلاق الآن، وإنما اجتهدي في إصلاحه، واعتبري أنه مريض يحتاج إلى علاج، وتوجهي إلى الله أن يعينك على إنقاذه من النار، وأن يجعلك سببا في هدايته، واعلمي أن الدال على الخير كفاعله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من الدنيا وما فيها) أو (خير لك من حمر النعم)، نسأل الله أن يوفقك لهدايته وأن يجعل هدايته على يديك، وأن يصلحه وأن يغفر له وأن يتوب عليه، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات