معاناة الزوجة من ضرب زوجها لها وإهانتها وحرمانها من أولادها

0 546

السؤال

السلام عليكم.

أشعر بضيق وكربة بسبب الظلم الواقع علي من زوجي ووالده، وهما حرماني من أولادي لأني خرجت من بيت زوجي مضروبة من زوجي مع الإهانة والسب، وتركت له الأولاد بالبيت لأنها مشورة والده وأخته، والآن صار لي مدة ولم يسأل زوجي عني ولم يأت ليراجعني، والآن طالبت بأولادي لكنه وأبوه رفض فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نادين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله – العلي الأعلى – بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يجمع بينكما على خير. كما نسأله تعالى أن يرد إليك أولادك، وأن يعينك أنت وزوجك على البدء من جديد حياة طيبة آمنة مستقرة، وأن يصلح أيضا ما بينك وما بين زوجة والداك، وأن يجعلكم جميعا من صالح المؤمنين، وأن يصرف عنكم كيد شياطين الإنس والجن؛ إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن المرأة التي تفقد أولادها كالتي تفقد عقلها وزيادة؛ لأن الأم عادة أكثر تعلقا بالأبناء من أبيهم، فالأب مهما كان عطفه وحنانه فإنه لا يعدل عطف الأم وحنانها، ولذلك أوصى الله تبارك وتعالى بها ثلاث مرات وأوصى بالأب مرة واحدة، وذلك على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل لها ثلاثة أرباع البر لكونها صاحبة الفضل الأول بعد الله - جل جلاله – على أبنائها، ومهما صنع الولد من خير يقدمه لأمه أو معروف أو طاعة فلن يكافئها ولو بزفرة واحدة من زفرات الوضع، ولذلك حق لك فعلا أن تشعري بالظلم والضيق لأنك فقدت أغلى ما لديك في هذه الحياة.

ولكني أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة – أي مشكلة مهما عظمت فلابد لها من سبب، وأنا كنت أتمنى أن تذكري لنا الأسباب التي أدت لهذه المشكلة، فقطعا لابد أن لك فيها دور كما أن لزوجك فيها دور، والحل حقيقة في مثل هذه الأحوال لا يكون إلا بالتفاهم والحوار والنقاش والتصالح؛ لأن هؤلاء كما أنهم أبناؤكم فهم أيضا أبناؤه، وهو قد يرى من وجهة نظره أنه سيقوم على تربيتهم تربية أنت لا تستطيعينها ولا تقدرين عليها، وقد يتهمك بأنك تضيعين أولاده ولذلك هو يحتفظ بهم بصرف النظر عن صدقه أو كذبه، وأنت أيضا بالتالي تحرصين على ذلك بأن يكون أبناؤك معك وتزعمين بأنك سوف تقومين على تربيتهم تربية أفضل من تربية أبيهم وحده، ولكن الحقيقة والواقع أن التربية بينكما هي أفضل تربية، لأنكما تقومان على إدارة هذه المؤسسة، فزوجك كما لو كان مديرا عاما وأنت مديرة تنفيذية، وكل منكم يؤدي دوره بأمانة وإتقان لأن الأبناء أعز على النفس من النفس، فزوجك مهما كان سوؤه فهو على أولاده يختلف تماما لأنهم قطعة منه تمشي على الأرض - وأنت كذلك -.

ولذلك أتمنى – بارك الله فيك – أن توسطي بعض أهل الخير والفضل والإحسان من أقاربكم أو جيرانكم أو معارفكم أو أرحامكم أو أصدقاء الأسرة، تخيري بعض الصالحين من عباد الله من الذين لهم كلمة عند زوجك ووالده ليصلح ما بينك وبين زوجك ووالده، وليضع لكم خطة تمشون عليها فيما يتعلق بالأبناء، ولا يكن هدفنا الأول حقيقة إنما هو استرداد الأولاد وإنما البحث عن الأسباب التي أدت إلى هذه المشكلة، فإنه ما من مشكلة إلا لها أسباب ودوافع، فأتمنى أيضا أن يكون أصلا وقبل استرداد الأولاد: لماذا اختلفنا؟ لماذا المشاكل؟ لماذا الظلم؟ لماذا الضرب؟ لماذا السب؟ لماذا الإهانة؟ لأن هذه قطعا أمور مجحفة ولا يقبلها إنسان كائنا من كان، ولكنها تقع وتحدث، وقطعا لها أسبابها، فقد تكوني – كما ذكرت – في بداية كلامي مساهمة بحظ وافر في تلك المشاكل نتيجة تعنت معين أو عدم طاعة أو غير ذلك من الأمور التي قد تحدث من أي امرأة، وقد يكون النصيب الأكبر من جهة زوجك لأنه ما أحسن التعامل معك أو يدخل أهله في كل صغيرة وكبيرة أو غير ذلك.

ولذلك أقول - أختي الكريمة -: إن الذي يرفع الظلم عنك بتوفيق الله تعالى إنما هو مجلس الصلح، وأنصحك ألا تتجهي إلى أي جهة أخرى غير ذلك، فإذا كان والدك موجودا وله كلمة عند أهل زوجك وعند زوجك، أو أحد إخوانك أو أعمامك أو أخوالك، أو بعض الصالحين أو أئمة المساجد أو الدعاة من أهل الحي أو المنطقة، فلا مانع من الاستعانة بهم بعد الله تعالى لحل هذه المشكلة، وأنا أتصور بأنها إن توفرت فيها بعض الصالحين من أهل الفضل والخير والعلم سوف تحل - بإذن الله تعالى – ولكن أتمنى ألا يكون الهدف إنما هو حل مشكلة الأولاد قبل حل مشكلتك مع زوجك؛ لأن المشكلة سوف ترجع مرة أخرى إذا لم تحل بطريقة صحيحة وجذرية.

فأتمنى أن يكون الهدف الأول لك إنما هو رجوعك إلى زوجك واستمرار الحياة معه، ولذلك اشرحي كل شيء بالتفصيل لهذا الرجل الصالح الذي سوف تستعينون به بعد الله تعالى حتى يكون على بينة من الأمر، ولا يعيبك - أختي الكريمة – أن تقولي أنا المخطئة وإني لن أكرر هذا الخطأ، ولا يعيبك أبدا أن تعتذري لزوجك ولوالده من باب الترضية حتى وإن لم تكوني مخطئة لتعود المياه إلى مجاريها ولتربي أبنائك فيما بينك وبين أبيهم، لأنك لن تستطيعي أن تعوضيهم عن أبيهم ولو جئتهم بأصلح أهل الأرض غالبا، وهو كذلك لو جاءهم بحورية من الجنة لن تحل محلك حتى وإن كانت محسنة إليهم، فإن أبناءك متعلقين بك تعلقا كبيرا باعتبار أن هذه فطرة فطر الله الناس عليها.

لذا أقول – بارك الله فيك – ابحثي عن هيئة صلح تقوم بالإصلاح بينك وبين زوجك، ورجائي ألا تتعنتي وألا تتشددي في الشروط أو الطلبات، وإنما اعلمي أن من يسر يسر الله عليه، وأن الله تبارك وتعالى يحب العبد السهل الهين اللين، فكوني سهلة هينة لينة مع زوجك حتى تستردي زوجك وتستعيدي أولادك، وحتى تعود المياه إلى مجاريها، وتحيي مع زوجك وأولادك بنعمة الله أسرة متماسكة مترابطة تؤدي رسالتها في الحياة على الوجه الذي يرضي الله، وأنا من هنا أسأل الله –العلي الأعلى– أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يرد إليك أولادك، وأن تستقيم حياتك، وأن تكوني سعيدة وألا تعرفي الخلاف والمشاكل بعد هذا اليوم أبدا.

هذا وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات