السؤال
السلام عليكم.
زوجتي تصلي ومؤمنة بالله -نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحدا-، لكنها لا تأخذ بنصيحتي في أمور الدين، وتحاول أن تتجاوز كل موضوع أطرحه عليها بضحكة فقط، بالرغم من أني أحاول أن أريها في شخصيتي القدوة المطلوبة، وأنا ملتزم -والحمد لله- فالرجاء دلوني كيف أتعامل معها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
لا بد -أخي- أن نتعلم فن المحاورة؛ لأن محاورة الآخرين دائما وقبولهم للرأي تحتاج إلى تأمل قليل جدا، ولي معك عدة وقفات:
أولا: كيف تكون محاورا جيدا؟
لا شك قد تجد من الآخرين سخرية أو استهزاء أو ضحكا أو عدم قبول، أو من هذا القبيل، والله -جل وعلا- يقول: {ولا يحزنك قولهم}، ويبين الله -سبحانه وتعالى- لما أرسل موسى وهارون ماذا قال لهما؟ قال لهما: {فقولا له قولا لينا} قال: {لعله يتذكر أو يخشى}، وأنت محتاج لقول الله -عز وجل-: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}، فاصطبر على نصحك لزوجتك وتوجيهك لها، مع ما تلقى من أمر.
ثانيا: حاول أن تناقش السبب، ما الذي يدعوك يا فلانة إلى أنك تضحكين وأنا لست في موضع أو في موقف ضحك؟ ما الذي يجعلك تفعلين هذا الفعل، ربما هذا كان من منطلق استهزاء أو من منطلق سخرية؟
ثالثا: رعاك ربي دائما حاول أن تطرح رأيك أو غرضك من باب الاستشارة، قل: ما رأيك يا فلانة؟ ما هو توجيهك في كذا؟ ما هي نصيحتك في كذا؟ مع أنه قد يكون موضوعك –رعاك الله– كأن يدور في فلك مثلا كما ذكرت أنت أن تنصحها في أمور الدين، فمثلا أعطيك مثالا على ذلك: لو جئت تنصحها في الحجاب، فبدلا من أن تقول لها: (تحجبي، حرام عليك تفعلين هذا، لا يجوز هذا الفعل) قل: (يا أم فلان ما رأيك، أليس كذا هو الأفضل، أليس كذا هو الأكمل؟ أليس عندما ترتدي المرأة حجابها يكون أستر وأفضل لها وفقا للنصوص؟ أليست الغيبة حراما؟ أليست الصلاة واجبة)، فحاول أن تستخدم أسلوب الاستفهام، لأن له أثرا كبيرا جدا في التغير.
رابعا: الأمر الذي نحن في حاجة إليه لكي نتقن هذا الفن العظيم ألا وهو فن الإقناع وما يتعلق بأمره: حاول ألا تصر على فهم وجهة نظرك ورأيك، بل حاول أيضا أن تشاركها الشعور وتشاركها الأمر، تشاركها كل شيء، لماذا؟ لأن وجود المشاركة بين الزوج وزوجته دائما يحل لنا قضايانا.
خامسا: حاول دائما أن تعرض مواضيعك بطريقة رقيقة ومعتدلة ومتوسطة، وانتق الوقت المناسب والمكان المناسب والحال المناسب، حتى لا يقع لنا الانكماش النفسي هذا، وربما نتضايق، وربما نتهم شخصياتنا بأن شخصيتنا فيها خلل أو شيء من هذا القبيل.
سادسا: حاول دائما أن تجعل نصحك أو توجيهك مبطنا بأمر مهم، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع ابن عمر -رضي الله عنهما- عندما قال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل) أو (من الليل)، فهو صلى الله عليه وسلم يريد أن يذكره ويعلمه فضل قيام الليل، لكن في نفس الوقت حاول صلى الله عليه وسلم أن يبطن الأمر، فكانت هذه النصيحة لعبد الله بن عمر، وكان لها الأثر الكبير جدا في حياته حتى أنه ما ترك هذا الأمر إلى مماته.
الوصية الأخيرة –رعاك ربي-: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، فإن البيوت تبنى على قول الله عز وجل: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا}، {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}، {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم} ماذا؟ {مودة ورحمة}، فبالمودة والرحمة تقام البيوت، وإذا لم تكن مودة فبالرحمة تكون.
فاغفر خطأها واغفر زلتها، وكما قال الشاعر:
سامح أخاك إذا خلط *** منه الإساءة باللغط
وتعاف عن تأنيبــــه *** إن ساء يوما أو غلط
فالإنسان -وخاصة بين الأزواج– ينبغي عليه أن يجعل حياته حياة تسامح، وكما قال تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}، وكما قال تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير}.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وحاول أن تحاورها وأن تبنى حياتكما حياة الجد، حياة المحبة، حياة الوداد، حياة الاحترام، حياة الصداقة والحب والمودة بينكم، والله ولي ذلك والقادر عليه.
والله الموفق.