السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إنني أحسد الناس مهما كان الشخص أحبه أو أبغضه، فإنني أنظر إليه وهو سعيد أو تلفت نظري حالة معينة أو منظره، جماله ذوقه وحركاته، فلا أملك نفسي من إطالة النظر إليه وأتأمله إن كان أمامي أو التفكير فيه وبالذات في حالة الكره لهذا الشخص أو أنه آذاني أو ظلمني أو أنه يقول عن نفسه: إنه مسكين أو فقير، وأرى بعض الأشياء ليست بتلك الدرجة، فلا أستطيع التوقف عن التفكير واستحضار المواقف، وكم وضعه حسن كم هو سعيد أو كم هو في نعمة كذا وكذا أو غيره لكني لا أتمنى زوال النعمة، وبعدها يحدث لهذا الشخص هم أو مصيبة وأحزن عليه، إنني لا أتمنى شرا لأحد ولكن في فترات معينة يحدث ذلك أحيانا قليلة أدعو على أشخاص من غضبي منهم ولكني أستغفر وأدعو لهم.
إنني أخاف من الحديث أن الحسد يأكل الحسنات، ولا أريد أمراضا في قلبي ولا أريد أن أتسبب في أذية أحد، كيف أتخلص من ذلك؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائما في أي وقت وفي أي موضوع.
أسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياك سلامة الصدر، ونعوذ به سبحانه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وتأنيبك لنفسك دليل على بذرة الخير التي أرجو أن تنميها بالطاعة والاستغفار والدعاء.
والحسد هو أول ذنب عصي الله به في السماء حين حسد إبليس آدم عليه السلام على إكرام الله له وهو أول ذنب عصي الله به في الأرض حين ترجم أحد ابني آدم حسده إلى عدوان فقتل شقيقه، وهو سبب شقاء اليهود الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، وهو الذي صرف طائفة من كفار قريش عن الإيمان بالإسلام والتصديق بخير الأنام عليه صلاة الله وسلامه، ولذا أمر المسلم أن يكثر من التعوذ من الحسد والحاسدين قال تعالى: {ومن شر حاسد إذا حسد}.
والحاسد مسيء للأدب مع الله لأنه يعترض على قسمته بين عباده، وهو مرض يهلك الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود، فصاحبه في هم وغم وحزن وسهر؛ لأن نعم الله تنزل على عباده ليلا ونهارا، وهو محروم من فضل الله؛ لأنه لا يسأل الوهاب لنفسه، بل كل ما يتمناه أن يبت الناس محرومين ويصحوا ضائعين .
وإذا تمكن المرض فلا يمكن إرضاء الحاسد لأنه سعادته والعياذ بالله في ضياع النعم وذهابها، ومن قبيح الحسد أنه يشتد بين الأرحام والجيران والزملاء، وهؤلاء أمرت الشريعة بالإحسان إليهم لكن الحسد سوس ينخر في الأجساد ويفرق الجماعات، وهو كذلك لا يكون إلا في الدنيا الدنية التي تضيق المتنافسين فيها ... وكما قال الشاعر:
فإن تجتنها كنت سلما لأهلها ** وإن تجتذبها نازعتك كلابها
والمؤمن إذا رأى نعم الله تنزل على عباده يفرح بها ويسأل الله من فضله، كما فعل نبي الله زكريا عليه السلام حين رأى فضل الله على مريم فتوجه إلى الله الذي وهب مريم ورفع إليه حاجته: {هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء}.
ويكون علاج الحسد بما يلي:
1) التوجه إلى الله سبحانه وتعالى والتعوذ به من شرور النفس وذاك دعاء الأخيار ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا.
2) النظر إلى من هم أقل منا في العافية والمال والولد وغيرها، وهذا توجيه منه صلى الله عليه وسلم: ((انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظر إلى من هو فوقكم)).
3) معرفة النعم التي يتقلب فيها، فنعم الله مقسمة فهذا أعطى مالا، وذاك رزق الولد وهذا وجد عافية وحرم الولد: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق}، والسعيد هو الذي يعرف نعم الله عليه ليؤدي شكرها.
4) تهذيب النفس ومنعها من النظر إلى ما عند الناس: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم}.
5) تذكر الحساب والمسائلة على كل نعمة {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم}.
6) معرفة حقيقة فناء النعم والمنعم عليهم.
وما المال والأهلون إلا ودائع ** ولابد يوما أن ترد الودائع
7) معرفة حقارة الدنيا وهو أنها على الله لو كانت تساوي جناح بعوضة ما سقى كافرا منها جرعة ماء .
8) الاجتهاد في قطع الخواطر السيئة من بدايتها، والدعاء لمن نحسدهم، ولا يحول الحسد إلى قول أو عدوان.
9) الرضا بالقضاء والقدر، والإيمان بأنه لن يحدث في كونه إلا ما أراده سبحانه .
10) معرفة أضرار الحسد على الدين والصحة، فهو يجلب الهموم والأحزان وهي سبب لكثير من أمراض العصر.
فائدة:
1-حتى لا نغرس شجرة الحسد في نفوس الأبناء، يجب أن نعدل بينهم التزاما بتوجيهه صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)).
وعلينا كذلك تجنب المقارنات السلبية، فلا نقول أنت ممتاز وهي بليدة، ولكن الصواب أن نقول أنت ممتاز وهي مصلية أو مطيعة لأمها، لأننا إذا مدحنا أحدهم وتركنا الآخرين حسدوه وكرهوه. والعدل مطلوب في النفقة والاهتمام وحتى القبلات.
2- عندما يغضب الإنسان من شخص ظلمه ولا يستطيع أن ينتصر لنفسه يتحول هذا الغضب إلى حقد وحسد، فيتمنى أن تزول النعم التي عنده.
والله الموفق.