السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الإخوة المستشارين الكرام أولا أتمنى من الله عز وجل أن يكون كل ما تقدمونه لنا من فوائد ونصائح قيمة لا تقدر بثمن في ميزان حسناتكم وبعد سأطرح عليكم مشكلتي في ابني، لا أعرف إذا كانت فيه المشكلة أم في أنا، وفي كلا الحالتين في حاجة إلى نصائحكم.
أنا أم لثلاثة أطفال بنت 6سنوات وولدين 4 سنوات 18 شهرا، كلهم والحمد لله أحاول ووالدهم أن نربيهم تربية إسلامية سليمة خاصة وأننا في بلاد الكفر لذلك تخلصنا وبحمد الله من جهاز التلفاز من البيت وأتينا لهم بالحاسب الآلي ونظمنا لهم الوقت بحيث يقرؤون القرآن ويلعبون، وهم الآن والحمد لله باقي القليل من السور ويكملو، جزء عم.
ولكن مشكلتي ووالدهم أيضا هي في الولد الأوسط 4 سنوات عندما كان صغيرا حتى عمر سنتين ونصف كان هادئا جدا لدرجة أنه كان يتكلم على هدوئه مع كل المعارف والأصدقاء مع العلم أن كل أبنائي بنفس الصورة من الهدوء، ولكن بعد ذلك انقلب الأمر عكس تماما، فأصبح كثير الكلام لدرجة (البصاق) يتطاير من فمه وأحيانا من سرعة كلامه لا نفهم شيئا وطلبنا منه مرارا أن يتكلم بهدوء بلا جدوى ويسأل كثيرا هو وأخته عن أي شيء يخطر ببالك أم لم يخطر وأنا لا أتجاهلهم بل أجيب على أسئلتهم دائما ولكن أحيانا بانفعال (خلاص بعد هذا السؤال ابعدو عني جننتوني) مثلا
ولكنهم لا ييأسون!!
المشكلة أنه عندما أتعامل معهم غالبا أكون حريصة أن أكتم انفعالي ولكن للصبر حدود سواء إن كنت أو زوجي أحيانا ننفعل من تصرفاتهم وبعدها نرجع نندم ونضع خططا للتعامل معهم بكل تفاهم ولكن أحيانا تغلب علينا العصبية، والذي يخيفني أكثر أنهم: البنت والولد شديدا الذكاء وأنهم لا ينسون أي شيء من الماضي بل أحيانا يذكروننا بمواقف كنا قد نسيناها، وأخاف من عصبيتنا في الماضي أن تؤثر عليهم فهل يمكن إذا غيرنا أسلوبنا أن ينسوا الماضي إذا كان منه شيء في الذاكرة، وآسفة على الإطالة وعدم صياغة الموضوع باختصار، وأنتظر مساعدتكم بأسرع وقت وفقكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / أم رويدا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائما في أي وقت وفي أي موضوع .
أختي الكريمة: شكرا لك على هذا الحرص على سؤال أهل العلم، وبارك الله لك في ذريتك، ونسأله تبارك وتعالى أن يجعل الصلاح ميراثا في ذرياتنا إلى يوم الدين.
والتربية الإسلامية فيها النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، وتزداد أهمية المنهج الإسلامي حين يعيش الإنسان في ديار الكافرين، والمسلم دعاية لدينه بأفعاله، وداعية إلى الله بأقواله وصفاته، وقد أسعدني هذا التعاون بينك وبين زوجك في تربية الأبناء؛ لأن الاتفاق على منهج موحد في التربية من أساسيات منهج التربية الإسلامية، حتى لا ينشأ الطفل مشتت الفكر مشوش عليه في توجهه، وأحيي فيكم قوة الإرادة التي تخلصتم بها من جهاز التلفاز الذي يربي على غير عقيدتنا، وينشر ثقافة وعادات الأمم الكافرة والعياذ بالله، وأطفالنا أمانة في أعناقنا، وكلنا راع ومسئول أمام الله عن رعيته، وأعين هؤلاء الصغار معقودة بأعيننا كما قال معاوية رضي الله عنه لمؤدب أولاده: (ليكن أول ما تبدأ به في تأديب أبنائي تأديب نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينيك، فالحسن عندهم ما استحسنت والقبيح عندهم ما استقبحت)
والفلاح يا أختي هو أن نستحسن الفضائل ونسارع إليها لتعظم في أعين صغارنا، ونستهجن المعاصي والمخالفات ونكرهها لينشأ على ذلك البنين والبنات، وإذا كان الأساس قويا فإن الطفل ينشأ مستقيما بإذن الله تعال، وطفلك الأوسط لا توجد عنده مشكلة وهو لا زال صغيرا، وسوف يتغير تماما مستقبلا كحال كثير من الأطفال، وكثرة الكلام دليل على النبوغ والذكاء بإذن الله، والمشكلة عند أهل التربية ليست في الطفل بكثرة الكلام بل العكس هو المخيف، والطفل المتحرك والمتكلم يعطينا فرصا واسعة للتوجيه والتصويب، فهو يعبر عن ما في نفسه، وبالنسبة لأطفال إخواننا في الغربة فأكثرهم يتأخرون في الكلام لقلة الجيران والأصدقاء والأقرباء، وقد يعوض ذلك الصمت بكثرة الكلام مستقبلا، والمربي الناجح يحسن الاستماع ويحسن التوجيه، وقد تبين من خلال السؤال أن لكم أفكارا جيدة ولله الحمد .
وأرجو أن لا تكون التوجيهات لهذا الطفل مباشرة، فلا نقول له أسكت لا تتكلم ! ولكن الصواب أن نقول: الطفل الممتاز لا يتكلم كثيرا، ويسكت إذا تكلم أبوه أو أمه، وإذا وجد أمه مشغولة لا يزعجها، وفلان ممتاز واليوم هادئ، وسوف أجيب على كل الأسئلة عندما نقوم برحلة إلى الشاطئ، والمناظر الطبيعية والرحلات النظيفة تجعل الطفل يتعود على الهدوء، وهذه من أحدث النظريات في هذا المجال، والطفل في هذه الحالة ينشغل بالتأمل واكتساب المعارف الجديدة، وهذا لو وجد من يذكره بعظمة الخالق المبدع سبحانه.
وعلينا أن نتجنب الشكوى من هذا الطفل أمام الأصدقاء والأقارب في وجوده، والأفضل في حالة وجود زوار شغله بأشياء أخرى، وتوجيه هذه الطاقات إلى ميادين أخرى، وشغله بمهارات، وإذا نجحنا في اكتشاف موهبته وأحسنا التوجيه فهذا سوف يفيده وينفعنا .
كما أن وجود أخته هذه معه يزيد من كلامه، فهو ينافسها على نيل اهتمام والديه، وهذا كثير بين الأطفال، وهذا دليل على أنه يحتاج لجرعات أكثر من العطف والاهتمام، فاحرصي يا أختي على العدل في الاهتمام والكلام معهم، وحتى القبلات، وهذا هو توجيه رسولنا صلى الله عليه وسلم (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).
كما أرجو أن تتسع صدورنا للأسئلة، ونجتهد في اختيار إجابات نموذجية، وإذا كان السؤال عن الله سبحانه فواجب علينا أن نشعرهم بمعظمة الكبير المتعال سبحانه، ونبين لهم كذلك ثوابت عقيدتنا العظيمة، وأخبريه أن طاعة والده تدخله الجنة، والأب يبين لهم أن الصلاة وطاعة الأم سبب لسعادة الإنسان .
وقد يصعب على بعض الآباء والأمهات الاعتراف بالخطأ أمام أطفالهم، ولكن لا يجوز تبرير الأخطاء، والأفضل أن يسمعوا استغفارنا ورجوعنا إلى الصواب حتى لا نهدم ما قد بنيناه .
والحقيقة أن الإنسان في هذه المرحلة من العمر أخطر وأدق من كل أجهزة التسجيل، فأرجو أن نبعد عنهم حياتنا الخاصة، ومشاكلنا، ونحفظ سمعهم إلا من خير، وأعينهم إلا من الطيب، ونجنب ألسنتنا السب واللعن وبذاءة الألفاظ .
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم الذرية، والله الموفق.