السؤال
أنا زوجة عمري 41 سنة، متزوجة من 25 سنة، لدي أربعة أولاد وبنت، لم أكن سعيدة في حياتي أبدا فزوجي رجل عصبي جدا، تحملت منه الكثير من السب والإهانات، وأنا أعمل معلمة وكنت أصرف معه راتبي حتى أرضيه، مع العلم أنه كان يدخر راتبه ويضحك علي بحجة أن لديه ديونا وإيجارات، حتى معاملته مع أولاده دكتاتورية جدا ولا يحب أحدا، حتى أهله يتذمرون منه، كنت أزعل أمي وأهلي من أجله، مع العلم أن جميع أهله يقفون معي ضده لما يرون من معاملته وقسوته، وممكن لأني سلبية معه زاد في اضطهاده لي وخفت أن أطلب الطلاق فيأخذ أولادي مني.
المهم قررت أن أتركه يتزوج ويتركني مع أولادي وتزوج، وعندما طلبت منه تركي جن جنونه وأنه لا يستطيع الاستغناء عني وأنه تغير وقد لاحظت تغيره وأصبح يظهر حبه وحنانه لي، ولكن أنا لم أعد أطيقه فقد تحملته وأنا في شبابي لأجل أولادي وتعذبت معه جدا، وما ذنبي أن أقضي بقية عمري مقهورة ومعذبة، ولماذا يتغير الآن بعد أن أصبح هناك أخرى في حياته، لم أعد أطيقه وأنا أراه يدلل زوجته الأخرى كما يدللني، ولماذا الآن وبعد أن ذهب نصف عمري في نكد ومشاكل لا يمكن أن أنساها أفقدني الثقة في كل شيء، عقدني من أول حياتي والآن يطلب مني أن أنسى هذا كله وأعيش معه، والله لا أستطيع ولا أتحمل أكثر من ذلك بعد أن أضعت فلوسي وشبابي من أجله، هو لا ينكر فضلي عليه ويمكن لذلك يسايرني، وقد طلبت منه أن يكتب نصف المنزل الذي بنيناه سويا وساعدته فيه ووعدني وله 7 أشهر ولم ينفذ وعده.
ماذا أفعل فأنا لم أعد أطيقه مع أنه أصبح يدللني بشكل لا يوصف، وما الفائدة الآن بعد أن حطمني ودمرني من كل النواحي، ولم يجعل لي قيمة سواء أمام أهلي أو أهله أو أمام أولادنا، ودائما يطلب مني أن أسامحه وأنسى ولكن بصدق لا أقدر وأفكر في تركه، ماذا أفعل وكيف أسترجع ثقتي بنفسي وبمن حولي وأمام أولادي، وأسترجع ثقتهم بنفسهم والذي حطمهم أيضا، ويحاول الآن أن يصلح ما فات ولكن كيف وقلبي منه ينزف باستمرار ولم أعد أحتمله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت المربية الفاضلة/ هبة أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائما في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل جلاله أن يبارك فيك، وأن يسعدك في الدنيا والآخرة، وأن يجزيك على صبرك خير الجزاء، وأن يشرح صدرك للعفو والصفح الجميل، وأن يعينك على تخطي ونسيان هذا الماضي المؤلم الكئيب.
وبخصوص ما ورد برسالتك: أرى نفسي أمام سيدة مضحية طيلة عمرها وما زالت تضحي؛ لأن مهنة التدريس مهنة عطاء وتضحية، تضحية داخل المنزل وتضحية خارجه، ومثل هذه الشخصية العظيمة التي تعودت البذل والعطاء لا أعتقد أبدا أنها تعجز عن العطاء حتى ولو أحيلت إلى التقاعد أو كان الذي يطلب منها العطاء والبذل والعفو والصفح الجميل شيطان من الشياطين ومجرم من المجرمين، فما بالنا والذي يطلب ذلك رفيق العمر وشقيق الروح وأبو العيال؟! نعم أنا معك لقد كان قاسيا إلى درجة لا تطاق، وكان ظالما بمعنى الكلمة، ثم جاءك تائبا نادما مستغفرا متغيرا فعلا بشهادتك، ألا يغفر له هذا التغير، ونبدأ فعلا في فتح صفحة جديدة نعوض فيها شيئا مما فات.
أيتها المعلمة المباركة: أما قرأت في السنة قصة هذا الرجل الذي قتل مائة نفس ثم جاء تائبا فغفر الله له وتاب عليه وأدخله الجنة، رغم أنه لم يعمل حسنة واحدة؛ أما قرأت في كتب السنة أن التوبة تجب ما قبلها وأن من تاب تاب الله عليه؟
أرى أن تعيدي النظر في موقفك، وأن تتجاوبي مع هذا التغير الواضح، وأن تحاولي قطف بعض ثمار الصبر والتضحية التي قدمتيها عبر هذه الرحلة الطويلة، حاولي واجتهدي وأكثري من الدعاء أن يصفي الله نفسك وأن يشرح صدرك، وأن يعينك على العفو والصفح، وإن شاء الله بهذا الدعاء والتوسل إلى الله وبالنفس الطيبة المعطاة وبهذا الصدق الإيماني سوف تتغلبين على هذه الآلام وتلك الجراحات، وتتخطين هذه المرحلة المظلمة لتشاطري زوجك حياته الجديدة التي دفعتي ثمنها عبر السنوات الطوال.
واعلمي أن العفو والصفح من شيم الكرام، وأن الحق تبارك وتعالى قال: ((فمن عفا وأصلح فأجره على الله))[الشورى:40] وقال أيضا: ((والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين))[آل عمران:134] وقال سبحانه: ((وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم))[النور:22].
حاولي الاجتهاد في نسيان الماضي أو على الأقل إجعليه ذكرى تذهب مع الأيام، وقفي على قدميك، واستنشقي هذا الهواء الجديد برئتين جديدتين، وشاطري زوجك السعادة، وخذي بيده، وقفي معه لتبدءا معا محاولة إصلاح الأولاد، وزرع الثقة في نفوسهم ومساعدتهم في التغلب على تلك الظروف القاسية التي مرت بهم، وهذا هو دورك الحقيقي، إذ أنه ليس من العقل أو المنطق أو الحكمة أن أعيش الحزن والهوان والشقاء والحرمان ثم عندما يحين وقت الراحة والسعادة أحرم نفسي منها، كل شيء سيقول لك لا وألف لا؛ لأن موقفك الآن عكس العقل والحكمة والمنطق، ومع الأيام سوف تستعيدين ثقتك بنفسك وتصبحين من أقوى النساء بإذن الله رب العالمين.
فاستعيني بالله وتوكلي عليه، وسليه من أعماق قلبك أن يعينك على التغيير والنسيان والعفو والصفح الجميل.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد وسعادة الدارين.