السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لكم مساهمتكم القيمة في حل كثير من المشكلات بأسلوب يقدر الجوانب النفسية والشرعية في حل هذه المشكلات.
أود أن أفصل في شرح مشكلتي النفسية التي أتمنى أن أجد لها حلا عمليا، أبدأ فأقول: إني شاب مسلم لا تخفى عليه الأحكام الشرعية في كثير من القضايا، وأعمل كأستاذ طبيب في إحدى المراكز الطبية المعروفة في منطقتي، وشاء الله أن أهتم بمجموعة من الطبيبات في التحضير للدراسات العليا، ولكن هذا الاهتمام كان أكبر بأخت أعرفها من فترة كزميلة في العمل وساعدتها أكثر من غيرها -نظرا لظروفها النفسية- في تجاوز كثير من المراحل الصعبة، وقد تكلل ذلك بالنجاح بفضل الله تعالى.
والمشكلة أن الأمور لم تنته هنا بعد أن كانت قد بدأت خلال ذلك العام الدراسي، والذي كان لا يخلو من الاتصال في خلال العمل للاتصال والاستفسار عنها، وهي تقابلني كذلك بالسؤال عني ولو أنه من ناحيتي كان أكثر، وانتهت الأخت من دراستها واستشارتني في التخصص الذي تختاره، فأشرت عليها باختيار التخصص الذي أنا فيه، وهذا أعطاني فرصة أخرى للاهتمام بها في التخصص الجديد، وهكذا أصبحت قريبة مني وأصبحت أعرف عنها الكثير وعن أسرتها، بل وأعيش مشاكل أسرتها والتي أحاول من خلالها التخفيف عنها، وأصبحت معتمدة علي في شرح مشاكلها والتي أرى أنه يجب علي الوقوف فيها معها أو هكذا، ويخيل إلي أنها ستتأثر إن لم أقف معها في هذه المواقف، وهكذا من مشكلة إلى مشكلة أتأثر معها وأعيش مشاكلها وأتصل بها وتتصل بي، وأصبحت أرى نفسي مقيدا بهذه العلاقة بأحكام كثيرة (التعلق النفسي والالتزام الخلقي بأن أقف معها وأبقى ذلك الرجل الوفي في كل المواقف)، وهذا كله مع صعوبة طبعها وعنادها في أحيان كثيرة وعدم تقديرها لمشاعري في بعض المواقف، والتي تبدي فيها مثلا انزعاجها من إلحاحي عليها ولو كان لمصلحتها.
وأخيرا أصيبت الأخت هذه بأحد أفراد أسرتها وغابت عن عيني، ولم أستطع مواساتها إلا برسالة بسيطة أرسلتها لها، ولكني بقيت قلقا عليها، فقد كان مصابها كبيرا وفقدانها صعب، هي تعرف كم يؤثر علي ذلك ولكنها لم تبال بي، ولها عذر، فقد كان مصابها كبيرا، في مقر العمل دائما ما نشترك في أعمالنا مع بعض، ونتقاسم الجهد فيها، ولو أني أضحي أكثر من وقتي وجهدي وتفكيري معها. والآن وبعد مرور سنوات على هذه العلاقة والتي أقول أنه لم يكن فيها ما يغضب الله من المخالفات ولكن لا تخلو من الشوائب مثل الاتصالات في وقت العمل للاطمئنان فقط.
الآن ومنذ فترة طويلة أحس أن حياتي أصبحت مقيدة بها وبالحركة معها والعمل معها والكلام معها، وتقديم الخدمات لها، والخوف أن تكون في حاجة إلي ولم أقدم لها يد العون، لقد كنت إنسانا ذا علاقات واسعة فتحددت علاقاتي بها فقط، وأصبحت أسيرا لاتصال منها أو رسالة تريحني عن حالها، وهكذا تأثر مستواي العلمي وتأثرت حياتي مع أسرتي وأولادي.
أرجو منكم الحل الأمثل -والذي لا يجرح هذه الأخت فهي تعمل معي في نفس المكان- والحل العملي الذي يريحني ويعيد لي استقراري النفسي والعملي، لقد تعبت من تعلقي بها، وتعبت من اغتمامي لمشاكلها التي أعيشها أكثر من مشاكلي ومشاكل أسرتي، وتعبت لأني أرى أني باختصار تعلق قلبي بها وأصبحت مدمنا على كل هذا، ما هو الحل العملي لإنسان عاطفي في مقر عمل دائم مع الإنسان الذي تعلق به ويصعب تغيير هذا الوضع في العمل؟