السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي طالبة في الدار قد سبق وتم ضبطها وهي تخرج نهاية الدوام مع شاب ليس من محارمها، فلما تم مواجهتها بهذا الفعل السيء بكت، واعترفت أنها عندما كانت تتغيب عن الدوام توهم أهلها أنها ذاهبة إلى الدار وفي الحقيقة هي تذهب مع هذا الشاب، وتم فصلها بعد ذلك، ولم يتم إخبار أهلها، وذلك من باب الستر، وطمعا في هدايتها وصلاح حالها، وبعد ذلك جاءت لزيارتي في بيتي طالبة الصفح مع العودة إلى الدار، فبعد وعظي لها وإظهار تعاوني معها في الخير أذنت لها بالعودة إلى الدار، ومرت الأيام وظاهر البنت التحسن، وبعد أشهر تم ضبطها وقد سرقت جوال طالبة أخرى، وتتالت كشف الحقائق، فعلمنا أن فترة غيابها كانت موقفة في الشرطة بسبب ضبطها مع شباب وهم يتجولون على الشاطئ، فلما علمت بالأمر ناقشتها بطريقة قاسية، ومن ثم منعتها من دخول الدار بالكلية لأنها قطعت لي عهد المرة الأولى أن تقلع عن هذا الفعل، وأنها إذا عادت بعد ذلك فلي الحق في فصلها، ولقد تكرر الاعتذار في هذه المرة أيضا ولكن بإلحاح أشد من السابق.
سؤالي: هل من الصحيح أن أقبل عذرها هذه المرة أيضا؛ لأني لما رأيت من إلحاحها واعتذارها خشيت أن تكون صادقة في عودتها وأن أكون مع الشيطان ضدها، ومع هذا الإحساس يساورني خوف من أن أكون ممن يضع التفاحة الفاسدة مع التفاح الناضج، أفيدوني جزاكم الله خيرا، فلقد تأذيت من الصراع النفسي الذي أنا فيه، وأريد أن أتخذ قرارا سريعا حتى لا يبقى الأمر معلقا، ودمتم للخير أهلا .
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أختي الكريمة: أسأل الله لك دوام التوفيق والسداد، ونفع الله بك بلاده والعباد، وجزاك الله خيرا على هذا الحرص على هداية هذه الأخت، ونحن في وقت نحتاج فيه لهمم عالية تسد أبواب الشر وتفتح نوافذ الخير، والأخوات الصالحات على ثغرة عظيمة، فأرجو أن لا تؤتى من قبلكن، ونسأل الله نصره وتأييده.
من المصلحة قبول هذه الطالبة، ولكن وفق ضوابط صارمة تتفقين معها عليها، وإذا قمنا بدرونا فلن تؤثر فينا مثل هذه الأخت، وسوف يكون إصلاحها بإذن الله يسيرا إذا راعينا ما يلي:
1- الاتفاق معها على الاتصال بأهلها وأسرتها في حالة غيابها أو حتى مجرد تأخرها عن الوقت المحدد لدوام دار التحفيظ، وكذلك في حالة ظهور بوادر خروج عن آداب الإسلام، وهذا كان ينبغي أن يحدث منذ البداية؛ لأن مسافة الضياع بين المنزل والدار، فأهلها يظنون أنها تدرس القرآن، وإدارة المركز تعتقد أنها في منزلها، وهذا هو الذي ساعدها على الانحراف، فلا بد من تكامل الأدوار بين البيت والدار، وليس معنى هذا فضح أمرها، ولكن من حق المركز أن يسأل عن الدارسات في حالة غيابهن، وبيني لأهلها أنكم تريدون الاطمئنان عليها، ولعل المانع خير، ونحو هذه العبارة، وذلك يشعر الأسر بالدور العظيم والمشاعر الحسنة التي يحملها من يقومون بمهمة تعليم القرآن الكريم.
2- تكليف طائفة من الطالبات العاقلات بمصادقة هذه الفتاة وإسداء النصح لها، ولا بأس من زيارتها في منزلها، وفي هذا تربية عظيمة للدارسات على القيام بدورهن في الدعوة إلى الله، وهذا يساعدنا على الإصلاح والمتابعة، وقد تكون هناك حواجز بين المديرة وهذا الطالبة، وقد تشغلك المهام الإدارية عن متابعة هذه الفتاة، لكن الأمر بالنسبة للدارسات سهل وميسور بإذن الله.
3- توثيق صلة الدار بأسرة هذه الفتاة حتى نتمكن من معرفة نقاط الضعف ومكمن القوة والتأثير في المنزل؛ للاستفادة من ذلك في التوجيه والمتابعة، ولعل إصرار هذه الفتاة على العودة إلى الدار دليل على أن في البيت من يدفعها إلى حفظ القرآن، وإشارة إلى أن أساس هذه البنت أساس متين ولله الحمد، وأن الانحراف سطحي، وتوثيق الصلة بأهلها يفوت فرص التسيب ويساعد في الانضباط.
وأرجو أن أذكر أخواتي بأننا إذا فشلنا في إصلاح فتاة واحدة، فأي دور يمكن أن نؤديه في خدمة ديننا، فعلينا أن لا نيأس، وأن نجتهد في الإصلاح، وندعو للغافلات في الليل وندعوهن إلى الله في النهار.
نسأل الله الهداية والثبات حتى الممات، وبالله التوفيق.