السؤال
السلام عليكم.
إخواني في الله! أستحلفكم بالله أن لا تدخروا شيئا لإخراجي من مأساتي.
أنا شاب تعرضت لكثير من المشاكل المالية الكبيرة والتي ما زلت أعاني منها، والتي كان لها الأثر الكبير في تشتيت عائلتي وتفرقهم، ولكن مشكلتي تكمن مع خالقي " الله "، لا أعرف ماذا يحل بي، فيوما أكون معتكفا في المسجد، ويوما لا أطيق الذهاب إليه، وأحاول قدر المستطاع أن أثبت على العبادة والصلاة، وفجأة أنحرف عن الطريق، وأبدأ الندم من جديد، حتى أصبحت حياتي أشبه بالحلم المزعج، لا أطيق أحدا حتى أولادي، ما هو تشخيصكم لحالتي؟ وكيف لي أن أتوب وأترك كل ما يغضب الله؟ أرجوكم أجيبوني في أسرع وقت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، ونعتذر عن تأخر الرد، ونسأله جل جلاله أن يفرج كربتك ويقضي حاجتك، ويوسع رزقك، وييسر أمرك، ويعينك على قضاء دينك، ويجمع شملك، ويرزقك وأهلك الاستقرار وسعادة الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد في رسالتك: فاعلم أن حق الله مبني على العفو والمسامحة، وأنه ما من عبد يأتي ربه ومولاه يمشي إلا أتاه الجليل هرولة، وأن من تقرب إليه سبحانه ذراعا تقرب إليه المولى الجليل باعا، فأقبل على الرحمن الرحيم، واطرح نفسك بين يديه وعلى أعتاب رحماته، وسله العفو والصفح الجميل، وستجد أن الجليل يفرح بعودتك إليه فرحة أعظم من فرحة الأم بولدها الذي غاب عنها عشرات السنين، وهو سبحانه يفرح بالتائبين ويحبهم سبحانه، فهو الغني عنهم وعن العالمين، فما أرحمه! وما أحلمه! وما أعظمه! فاخلع عنك ثياب اليأس ورداء التسويف والأعذار التي هي أوهى من خيوط العنكبوت، وأقبل على طاعة الله بانتظام وديمومة، واعلم أن علاجك بين يديك.
فإذا ما عزمت وعقدت النية الصادقة وقلت لنفسك: يا نفس! توبي واستقيمي، وألزمتها شرع الله بحق وصدق، وحرصت ألا تفرط في فريضة أو سنة، ووضعت لذلك برنامجا حازما، وأشعرت نفسك بأن سبب هذه المشاكل كلها إنما هو سوء العلاقة مع الله الجليل، وأنني لست على استعداد أن أغضب ربي، إلى غير ذلك من الرسائل الإيجابية القوية التي توجهها إلى نفسك فستجد أن سلوكك قد تغير كثيرا للأفضل إن شاء الله.
وفوق ذلك لا بد لك من صحبة تعينك على أمر دينك، فاربط نفسك بجماعة من أهل الخير، مثل الجماعات السلفية أو جماعة التبليغ، أو غيرها من الجماعات الدعوية التي تمارس الدعوة علنا وفي النور.
وحاول سماع الأشرطة المفيدة في زيادة الإيمان وتقوية الحب في الله، وتتحدث عن الولاية والأولياء والجنة والنار، واجعل لنفسك وردا يوميا من القرآن ولو بمعدل جزء واحد يوميا، لتختم القرآن كل شهر، وكذلك حافظ على الأذكار خاصة أذكار الصباح والمساء، واجعل لسانك دائما يلهج بذكر الله في كل حال، وأنت تمشي، وأنت في بيتك، وأنت في عملك، وعود لسانك الذكر الدائم لله؛ لأن من ذكر الله ذكره الله كما تعلم.
وأكثر من الاستغفار، والصلاة على الحبيب المختار بنية زيادة الإيمان، وحسن العلاقة مع الرحمن جل جلاله، واجعل من برامجك الثابتة صيام التطوع، وكذلك صلاة شيء من الليل ولو ركعتين كل ليلة، وأكثر من الدعاء والإلحاح على الله أن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يثبتك على الحق، وأن يملأ صدرك محبة له وتعظيما لجلاله. واعلم أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليك بالدعاء، وإذا كان لك أم أو خالة أو والد فاجعلهم يدعون لك؛ لأن دعاء الوالد لولده لا يرد.
وأحضر إلى بيتك أشرطة القرآن -خاصة أشرطة الرقية الشرعية- واجعلها تعمل ليل نهار في بيتك؛ لتطرد الشياطين؛ لأنه إذا حضرت الملائكة غابت الشياطين.
وذكر أولادك بدورهم الهام في تغيير ما أنت فيه، وليكونوا معك في الطاعة والعبادة والاجتهاد؛ عسى الله أن يغير حالكم، ويبدلكم من بعد خوفكم أمنا، وفقركم غنى، وشتاتكم جمعا، وأن يملأ قلوبكم بمحبته ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومحبة الصالحين من عباده، وأبشر بخير، فلم ولن يضيعك الله ما دمت تطرق بابه، وتتمرغ على أعتابه.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق وصلاح الحال والبال. والله الموفق.