السؤال
نذرت لله أن أحفظ نصف القرآن من ثلاث سنوات وحتى الآن لم أحفظ إلا القليل.
وقد مرضت ثم يشفيني الله وما لبثت أن أمرض ثم يشفيني الله وهكذا على التوالي وأشعر بالتقصير وربطت بين النذر والمرض .
حتى أن ولدي الصغير دائما يتعرض لحوادث نتيجة اللعب ومعظمها إما غرز بالوجه وإما يقع على خشمه وإما نزلات برد نفس الشيء على التوالي يمرض حتى ضعف جسمه. وأنا والحمد لله أصلي وأصوم وأؤدي الفرائض وإن شاء الله عزمت على الحج هذا العام.
ماذا أفعل أفيدوني؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
يجب على المسلم الوفاء بنذر الطاعة إن قدر على ذلك، ولا حرج عليه في تأخير الوفاء به ما لم يكن في صيغة النذر ما يدل على الإتيان به في وقت محدد، وإلا وجب الوفاء به في تلك المدة، فإن عجز عن الوفاء به كفر كفارة يمين، ثم إنه لا تلازم بين عدم الوفاء بالنذر أو تأخيره وبين ما يصيب المسلم من أمراض أو بلاء، فإن المرء يصاب ويمرض وليس عليه نذر أصلا، والمصائب كلها سواء كانت في النفس أو المال أو الولد من قضاء الله وقدره، وهي من مكفرات الذنوب فعلى المسلم أن يصبر ويسأل الله العافية، ويكثر من الصدقة وصلة الرحم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حفظ القرآن من أفضل الطاعات وأجلها، ومن نذر أن يطيع الله وجب عليه الوفاء بما نذر؛ لذا فإن على السائل أن يفي بنذره إن استطاع ذلك، ولا يجوز له أن يخلفه إلا إذا عجز عنه، ويكفر عندئذ كفارة ككفارة اليمين. لكن لا حرج في تأخير الوفاء بالنذر حتى يستطيع ذلك؛ لأن الوفاء بالنذر ليس واجبا على الفور إلا إذا كانت صيغة النذر تقتضي تحديد فترة معينة فعند ذلك يجب الوفاء بمقتضى النذر، فإن عجز كفر كفارة يمين كما تقدم.
ثم إنه لا تلازم بين عدم الوفاء بالنذر والمرض ولا غيره، فإن المسلم يمرض ويبتلى ويصاب مع أنه ليس عليه نذر، ثم إن كل ما يصيب المسلم من مرض أو بلاء في نفسه أو غيرها من قضاء الله وقدره ومن أسبابه الذنوب. فعلى الأخ الكريم أن يصبر ويسأل الله العافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، ويكثر من الصدقة وصلة الرحم. قال في فتح القدير: وقد أخرج أحمد وابن راهويه وابن منيع وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم عن علي بن أبي طالب قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها رسول الله ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) وسأفسرها لك يا علي: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم، والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة، وما عفا الله عنه في الدنيا، فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه. وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصيب عبدا نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر، وقرأ: وما أصابكم... الآية. انتهى.
والله أعلم.